هل تنجح كارثة "دانيال" فى توحيد الليبيين وجمع الفرقاء؟
تتمثل الكارثة الليبية التي خلفتها العاصفة "دانيال" في غياب مؤسسات الدولة وانهيار البنية التحتية، وهو إرث يعود لما قبل الربيع العربي، بحسب محللين سياسيين ليبيين تحدثوا لـ"الدستور".
وخلفت العاصفة التي تسببت في سيول ضربت المنطقة الشرقية في ليبيا آلاف القتلى والمفقودين، فيما تواصل طواقم الإنقاذ انتشار الجثث، والبحث عن ناجين.
وقال متحدث الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، إن الوضع ما زال صعبًا جدًا، حيث أجزاء كبيرة من منطقة الجبل الأخضر سواء في المنطقة الجبلية أو الصحراوية تواجه فرق الإنقاذ صعوبات كبيرة جدًا، نظرًا لأن أغلب الجثث والموتى تم جرهم من قبل السيول إلى أودية وعرة جدًا لا يمكن العمل فيها.
وأضاف المسماري، في تصريحات له اليوم الثلاثاء: نبذل جهودًا كبيرة جدًا. منوهًا بأنه تم فقد 80 جنديًا وضابطًا حتى أمس، عالقين بعمليات البحث والإنقاذ في مدينة درنة، والإحصائيات غير ثابتة حتى الآن، والأرقام كارثية.
آلاف الضحايا والمفقودين
وتزداد المخاوف من ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في شرق ليبيا بشكل هائل في ظل تقارير عن آلاف المفقودين، وفق ما حذر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر اليوم الثلاثاء.
وقال المسئول في المنظمة طارق رمضان للصحفيين في جنيف، في اتصال عبر الفيديو من تونس: حصيلة القتلى ضخمة وقد تصل إلى الآلاف، ونؤكد من مصادرنا المستقلة للمعلومات أن عدد المفقودين وصل إلى 10 آلاف شخص حتى الآن.
غياب الدولة القوية
وقال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني الليبي الدكتور عبدالمنعم اليسير، إن المأساة التي حصلت في المنطقة الشرقية نتيجة سوء الإدارة، وعدم وجود البنية التحتية اللازمة، بسبب التسيب الموجود في ليبيا.
وأضاف اليسير في تصريحات أدلى بها لـ"الدستور"، أن أزمة المؤسسات الليبية ليست وليدة الربيع العربي، لكنها أيضًا نتاج مدة 40 عامًا من عدم وجود دولة فعلية بمؤسساتها، والمراحل الصعبة التي مرت بها البلاد من حصار اقتصادي مرورًا برداءة الإدارة وحتى ما وصلنا إليه اليوم.
وأشار إلى أن ليبيا لم تخلق دولة مستقرة، ولم تشجع على وجود أصحاب الكفاءات والقدرات، ولم تبن المؤسسات؛ بل بنت دولة هشة غير قادرة على البناء الحقيقي، وتركت نتائج أسوأ مما كان موجودًا.
وتابع "اليسير" بقوله: ما حدث بعد الربيع العربي وتولي الكثير من عديمي الكفاءة شئون البلاد وانتشار الفساد أكثر مما كان عليه أيام القذافي، أدى لعرقلة إصلاح النواقص التي كانت موجودة في عهد النظام السابق، بل أدت للمزيد من التسيب والفساد.
واختتم تصريحاته بالقول: نحن دولة نفطية بثروات كبيرة، وعدد سكانها قليل، لكن لا توجد بنية تحتية، ولا مشاريع حقيقية، ولا إدارة بالمعنى الحرفي، لكن مجرد صراعات بين مجموعات مسلحة لنهب الدولة.
عشوائية الحكومة
من ناحيته، قال المحلل السياسي الليبي الدكتور عزالدين غميض، إن الجهات الخدمية في الدولة استنفرت بكل ما تملك من إمكانيات، وسخرتها في التعامل مع الأزمة، وسميت بـ"فزعة الأخوة"، وتسابقت المدن الليبية من كوادر اجتماعية ومؤسسات خيرية بجمع التبرعات، وشراء كل ما يلزم من حاجيات ضرورية، وإرسالها للمدن المنكوبة.
وأضاف "غميض" لـ"الدستور"، أن الحكومتين شرقًا وغربًا، حذرت المواطنين من هذه الكارثة قبل وقوعها، لكن المواطنين أخذوا الأمر ببساطة حتى وقعت الكارثة، لافتًا إلى أن هذا لا ينفي مسئولية الدولة وضعف البنية التحتية لهذه المدن، وتهالك الطرق المؤدية إليها.
وأشار إلى أن ما سبق أدى لوقوع العديد من الضحايا الذين حالت بينهم وبين المنقذين السيول، ولم تضع الدولة خطة طوارئ محكمة واعتمدت العشوائية في التعامل مع الحدث.
ونوه "غميض" بأن هذه الكارثة قد تكون جرس إنذار في أذهان الليبيين، مفاده أن السياسة تفرقهم لكن روابط الدم والأخوة تجمعهم.
الجيش المصري على خط الأزمة
ووصل، اليوم، إلى دولة ليبيا الشقيقة وفد عسكرى مصري برئاسة الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، للتنسيق حول سبل تقديم كافة أوجه الدعم اللوجستي والإغاثة الإنسانية العاجلة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية المختصة وفقًا لاحتياجاتها، لمواجهة التداعيات المترتبة على الإعصار "دانيال"، مع فتح جسر جوى لنقل الدعم اللوجستى يبدأ بإيفاد 3 طائرات عسكرية تحمل على متنها مواد طبية وغذائية، و(25) طاقم إنقاذ مزودًا بكافة المعدات الفنية اللازمة، إضافة إلى طائرة أخرى لتنفيذ أعمال الإخلاء الطبى للشهداء والمصابين.