أنفاس شاقة.. مرضى الجهاز التنفسي في خطر بسبب تغير المناخ
يعتبر تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، كونه يؤثر على البيئة والاقتصاد والأمن والصحة، ومن بين الفئات الأكثر تضررا من تغير المناخ هم مرضى الجهاز التنفسي، الذين يعانون من مشكلات في التنفس بسبب اضطرابات مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية والداء الرئوي الانسدادي المزمن.
يؤدي تغير المناخ إلى حدوث ظواهر مناخية متطرفة، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والفيضانات والعواصف وحرائق الغابات. هذه الظواهر تزيد من تلوث الهواء، الذي يحتوي على جسيمات دقيقة وغازات سامة تدخل إلى الرئتين وتسبب التهابات وأضرار في الأنسجة، كما تزيد من مستوى حبوب اللقاح والفطريات والبكتيريا في الهواء، التي تسبب حساسية وعدوى في الجهاز التنفسي.
التنفس هو عملية حيوية للكائنات الحية، تمكنها من استخدام الأكسجين وإخراج ثاني أكسيد الكربون، ولكن ماذا لو كان الهواء الذي نتنفسه ملوثًا ومضرًا بصحتنا؟، ماذا لو كان تغير المناخ يزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي؟، هذه هي الأسئلة التي تربك العالم حاليًا في ظل التحديات البيئية والصحية التي نواجهها في عالمنا المعاصر.
هواء ملوث
وفي السياق، يقول يحيى عبد الجليل، الخبير في مجال البيئة، إن مرضى الجهاز التنفسي هم أكثر حساسية لتأثيرات تلوث الهواء؛ لأن رئتيهم لديهم قدرة أقل على مقاومة الملوثات.
ويضيف: "عندما يتعرض هؤلاء المرضى لتلوث الهواء، فإن أعراضهم تزداد سوءًا، مثل ضيق التنفس والسعال والصفير والتشنجات، هذا يقلل من جودة حياتهم، ويزيد من خطر حدوث مضاعفات خطيرة، مثل فشل التنفس والإصابة بأمراض قلبية وسكتات دماغية".
ينوّه "عبد الجليل" في حديثه لـ "الدستور"، إلى أن مرضى الجهاز التنفسي يعانون كثيرًا من التغيرات المناخية؛ لأنها تزيد من مخاطر الإصابة بالعدوى والالتهابات والمضاعفات في الجهاز التنفسي، وتتمثل هذه المخاطر في الآتي:
- زيادة تكاثر الفيروسات والبكتيريا في الهواء الدافئ والرطب، مما يسبب أمراض مثل الإنفلونزا والتهاب الحلق والتهاب الجيوب الأنفية والتهاب الرئة.
- زيادة تركيز حبوب اللقاح والفطريات في الهواء، مما يسبب حساسية وربو وانسداد في الأنف والحنجرة والصدر.
- زيادة تلوث الهواء بسبب حرائق الغابات وانبعاثات المصانع والمركبات، مما يسبب تهيج وضرر في الشعب الهوائية والأنسجة الرئوية.
- زيادة درجة حرارة الأرض، مما يسبب جفاف وتشقق في الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي، وتقليل قدرته على التخلص من المخلفات والمواد الغريبة.
ويستطرد: "كل هذه المخاطر تؤثر سلبًا على صحة مرضى الجهاز التنفسي، وتزيد من حدة أعراضهم، كما تزيد من احتمالية حدوث فشل تنفسي أو قلبي أو دماغي، خاصة في حالات الطوارئ أو عدم توافر العلاج المناسب".
تدابير صحية
ويقول الخبير في مجال البيئة: "لا شك أن أفضل طريقة لحماية مرضى الجهاز التنفسي من تغير المناخ هي مكافحة أسباب تغير المناخ نفسه، أي خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، هذا يتطلب جهودًا عالمية مشتركة من قبل جميع دول العالم، للالتزام باتفاقية باريس للمناخ، وتنفيذ سياسات واستراتيجيات تحفز على استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري".
ويتابع: "يجب اتخاذ تدابير وقائية وعلاجية لمساعدة مرضى الجهاز التنفسي على التكيف مع تغير المناخ، مثل مراقبة جودة الهواء والتنبؤ بمستويات التلوث والحساسية، وإبلاغ المواطنين عنها بشكل دوري، وتشجيع المرضى على اتباع خطط العلاج الموصى بها من قبل أطبائهم، والحفاظ على استخدام أدوية الإنقاذ في حالة حدوث نوبات".
وفي ختام الحديث، يوجه "عبد الجليل" بضرورة تقديم نصائح للمرضى عن كيفية تجنب التعرض للملوثات والمسببات الحساسية، مثل ارتداء كمامات وتنظيف المكيفات والتهوية الجيدة في المنازل والأماكن المغلقة، وتعزيز قدرة القطاع الصحي على التعامل مع زيادة عدد المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طارئة أو مستمرة بسبب تغير المناخ.