رئيسة مجلس أعمال "بريكس": انضمام مصر يدعم البنية التحتية لمنطقة التجارة الحرة
قالت بوسي مابوزا، رئيس مجلس أعمال تجمع "بريكس" في نسخته الخامسة عشرة، التي انعقدت بجنوب إفريقيا خلال الفترة بين 22- 24 أغسطس الماضي، إن جنوب إفريقيا كانت أكثر دول تجمع "البريكس" تشجيعًا لانضمام دول أخرى للتجمع، لكونها أول دولة مستفيدة من توسعته، إذ كان يسمى BRIC قبل أن تلحق به ليصبح BRICS في عام 2011.
وأضافت مابوزا، في تصريحات صحفية: "جعلنا ذلك أكثر قابلية لدعم الدول الأخرى الراغبة بالانضمام إلى هذا التجمع، ونظرًا إلى تركز محادثاتنا خلال رئاستنا مجلس أعمال البريكس على عالم الأعمال والفرص الاستثمارية، كنا نميل نحو المزيد من انفتاح الفرص الاقتصادية".
وعن كواليس اختيار مصر بين ست دول أعلن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، في ختام القمة عن دعوته إلى الانضمام لتجمع "البريكس" بدءًا من العام المقبل، وهي: السعودية والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا والأرجنتين وإيران من بين حوالي عشرين دولة كانت قد طلبت عضوية "البريكس"، قالت: "وزراء خارجية الدول الخمس انخرطوا في محادثات استمرت لأشهر طويلة، وصولا إلى المحادثات المكثفة خلال الأيام السابقة على القمة".
تطوير البنية التحتية لدول إفريقيا
لكنها أشارت إلى أن مجلس أعمال "البريكس" الذي ترأسته جنوب إفريقيا دفع بفكرة انضمام دولة في أقصى شمال القارة، لتضاف إلى الدولة العضو في أقصى جنوب القارة، بما من شأنه منح قوة كبرى للتجمع وأيضا لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية AfCAFTA التي تحتاج إلى أن تصبح حقيقة واقعة والإعلاء من شأن البنية التحتية التي تربط دول إفريقيا، كما من شأن ذلك أن يعزز طريق "القاهرة- كيب تاون"، حيث هناك العديد من الدول التي سيمتد عبرها هذا الممر، والتي يمكنها أن تحقق الاستفادة من هذه البنية التحتية.
وقالت "مابوزا"، التي تشغل أيضا منصب رئيسة مجموعة تنمية الصناعة بجنوب إفريقيا Industrial Development Corporation: "يملؤني الحماس حيال الفرص التي جعلت مصر وجنوب إفريقيا شريكين على طاولة البريكس، حيث يمكنهما الآن أن تتفقا على أولويات مشتركة، وإذا طبقت هذه الأولويات بطريقة تتصل بتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، فسنصبح بشكل أوتوماتيكي على يقين من الوصول إلى تحقيق هذا الحلم على الأرض"
التواصل بين بريكس وإفريقيا
وبشأن ما يترقبه التجمع من انضمام مصر إلى "بريكس"، قالت إن التوقعات خلال القمة التي استضافتها جنوب إفريقيا تمحورت حول "التواصل بين بريكس وإفريقيا"، لذا دفعنا بملف "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية" باعتبارها فرصة كبرى لدول "البريكس"، وبخاصة إذا بدأت الاستثمار في القارة عوضا عن اعتبارها مصدرا للمواد الخام فقط، ومن ثم إضافة القيمة لهذه المواد الخام في مناطق أخرى.
وأضافت "مابوزا" أنه "في كواليس المحادثات بشأن اختيار الدول المنضمة، حرصنا كممثلين لعالم الأعمال أن نتشاور مع الحكومات بشأن المعايير التي يفكرون فيها عند الاستجابة إلى مطالب الدول الأصغر اقتصادا والراغبة في الانضمام، وبدورهم قال ممثلو الحكومات إن هذا الحديث غير ممكن حيث يقتصر على رؤساء دول البريكس، لكن إذا رغبتم في منحنا بعض التوصيات فإننا منفتحون عليها وننوي أخذها بعين الاعتبار".
وشددت رئيس مجلس أعمال "البريكس" على أن جنوب إفريقيا حصدت الكثير من المزايا منذ انضمامها رسميًا إلى التجمع في عام 2011، قائلة إن بلادها كانت أصغر الاقتصادات المنضمة من حيث الناتج المحلي الإجمالي، حين أعلن قبولها عام 2010، قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول المؤسسة للتجمع، لتنمو تجارة جنوب إفريقيا خلال العشر سنوات الماضية مع شركائها من دول البريكس بمعدل 7,1% سنويا في المتوسط، في الوقت الذي لم يتعد نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 3%، خاصة مع وقوع جائحة كورونا التي جعلت البلاد تسعى جاهدة من أجل الوصول إلى المعدلات السابقة عليها.
فرص واعدة للاستثمار
وأشارت إلى أن المناقشات خلال مجلس أعمال هذه القمة انصبت على المزيد من اتجاه دول "البريكس" نحو الاستثمار وتغيير سلة التجارة الجنوب إفريقية، ليتسنى التحرك بعيدا عن تصدير المواد الخام إلى دول البريكس لصالح السلع ذات القيمة المضافة، لأن هذا من شأنه أن يصلح ميل الميزان التجاري نحو دول التجمع، مضيفة: "الصين الآن هي أكبر شريك تجاري مع جنوب إفريقيا، لذا فإن العلاقة مع (البريكس) هي مهمة للغاية بالنسبة إلينا، وإذا تطرقنا إلى الجانب الخاص بالاستثمار نجد أن الرئيس سيريل رامافوزا وجّه اهتمامه نحو تعزيز الاستثمار خلال الخمس سنوات الماضية، حيث جعل تنمية الاستثمارات أولوية منذ عام 2018، راصدا لذلك قيمة تريليون راند جنوب إفريقي".
وأشادت "مابوزا" بدور المستثمرين من دول تجمع "البريكس" في جنوب إفريقيا، قائلة: "إن الفرص بدت واعدة للغاية، فعندما أصبح لدينا مستثمرون من دول البريكس جعلوا من جنوب إفريقيا واحدة من القوى الكبرى في مجال صناعة السيارات والمركبات، وتحديدا في منطقة غرب كيب، حيث تم ضخ استثمارات تتجاوز 8 مليارات راند، وفضلا عن ذلك ضخت شركة هندية استثمارات قدرت بمليارات الراند في منجم للزنك بمنطقة شمال كيب، والتي كانت تعد من أكثر المناطق الريفية فقرا، ليسهم ذلك في توفير فرص عمل للمئات إن لم يكن الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا".
وذكرت أنه على الجانب الآخر، عثرت الشركات الجنوب إفريقية على فرص استثمارية وتجارية في دول "البريكس"، وعلى سبيل المثال فإن شركة Discovery، وهي واحدة من أقدم وأعرق الشركات التأمينية في مجال التأمين الصحي بجنوب إفريقيا، تحظى الآن بموقع سريع النمو وهام في السوق الصينية، كما عززت أعمالها في الهند بمعدل سريع، لتتمكن أيضا من دخول عالم الأعمال في المجال المصرفي بجنوب إفريقيا. وواصلت: "لدينا أيضا شركة (ناس فيرس) الجنوب إفريقية في مجال التكنولوجيا الرقمية التي تمكنت من ضخ استثمارات في دول البريكس الخمس، وإن كانت أعمالها في روسيا قد تأثرت بالعقوبات المفروضة".
تقليل هيمنة الدولار
وعن فكرة تقليل هيمنة الدولار التي يطرحها الانضمام إلى تجمع "البريكس"، ومن ناحية أخرى نظام الدفع والتسوية بالعملات المحلية عند التعاملات التجارية بين دول القارة PAPSS الذي تطرحه منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، رأت "مابوزا" أن التخلي عن الدولار ليس بالحديث الذي يجب أن يدور في زمننا الحالي، حيث ما زالت العملة الأمريكية متغلغلة في النظام الاقتصادي العالمي، وسيستغرق الأمر نوعا ما وقتا من أجل تغيير ذلك.
وقالت "مابوزا": "إن التجارة إذا كانت أكثر توازنا بين دولنا، فلا أعتقد أنه سيكون هناك ما يسمى (العجز التجاري) الذي تمر به الآن جنوب إفريقيا مع دول البريكس"، مشيرة إلى أن نظام الدفع والتسوية باستخدام العملات المحلية بين الدول الإفريقية يمثل فكرة منطقية، فإذا كانت جنوب إفريقيا دولة مصدرة لسلع بقيمة 500 مليون دولار لمصر، ومصر تصدر لها ما يعادل ذلك، فهنا يمكن لكلا الدولتين أن تتاجرا بعملتيهما، لأننا نعلم يقينا أننا سنستخدم هذه العملة في التجارة مجددا مع هذه الدولة.
وأضافت: "المحادثات بشأن نظام الدفع والتسوية في نظري تعتبر منطقية بشدة، وبخاصة في قارة مثل قارتنا، فإذا رغب أحد رواد الأعمال المصريين بالاستثمار في جنوب إفريقيا، يتعين بذل المزيد من التكلفة في تحويل الراند إلى الدولار أولًا بما يلزمه من تكلفة، ومن ثم تكلفة السلع ذاتها المتعلقة بالنقل واللوجستيات المطلوبة للصناعات والخدمات".
لكنها أعربت عن اعتقادها بأن الطريق ما زالت طويلة وغير ممهدة في قارة لديها العديد من العملات، وربما لذلك يبقى من الضروري أن تتولى العمل مؤسسات مثل البنك الإفريقى للتصدير والاستيراد "أفريكسم بنك"، والذي أصبح إحدى الأدوات الرئيسية لتفعيل هذا النظام للدفع والتسوية، والذي يعد أيضا أحد أهداف أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، حيث يبقى هناك كيان مستعد لتحمل المخاطرة النهائية نيابة عن أصحاب الأعمال.
وحول أمنية وطموح الانتقال إلى عملة مشتركة لدول "البريكس"، قالت: "إن الرغبة الروسية في تخطي العقوبات الأمريكية دفعت بهذه الفكرة إلى طاولة النقاش، لكنها ليست واقعية في الوقت الحالي، ذلك أن أطرنا الاقتصادية في التجمع هي شديدة التنوع، ولا أرانا نصل إلى نقطة التقارب التي تجعلنا ينتهي بنا الأمر إلى عملة موحدة، فلا أعلم الوقت الذي سيستغرقه ذلك، وبتأمل تجربة الاتحاد الأوروبي نجده وقد أطلق عملة موحدة، إلا أن بريطانيا وجدت الأمر غير ملائم لها، وهنا يجدر بنا أن نتعلم الدروس عوضا عن الإسراع، وقد نقل قادة البريكس المحادثات إلى الخبراء الاقتصاديين ووزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، وكانت هذه خطوة على الطريق الصحيح، حيث نحتاج إلى هذه المناقشات ومن ثم نرى أي اتجاه يمكن أن نمضي خلاله".