مؤلفين مشهورين حصيلة إنتاجهم الأدبي طيلة حياتهم: رواية واحدة فقط
ساهم عدد من الكتاب والمؤلفين برواية واحدة فقط، قدموها إلى لعالم، وقد حد بعض هؤلاء المؤلفين من إنتاجهم لأسباب مختلفة إما لصالح عملهم بمجالات أخرى، أما لم يعجبهم ما قدموه، أو توفي بعضهم في سن مبكر نسبيًا، ورغم محدودية إنتاجهم الروائي، فقد ترك هؤلاء الكُتاب بصمات لا تمحى في عالم الأدب.
ونستعرض في السطور التالية، أبرز المؤلفين الذي كتبوا رواية واحدة فقط في حياتهم، وفقًا لموقع "bigthink".
بوريس باسترناك: رواية دكتور زيفاجو
قدم بوريس باسترناك، روايته الشهيرة "دكتور زيفاجو"، وكان يعتقد أنه: "كم هو رائع أن تكون على قيد الحياة".. "ولكن لماذا ذلك يؤلمني دائما؟"
كان بوريس باسترناك شاعرًا ومؤلفًا ومترجمًا روسيًا، وكانت ترجماته لشكسبير مثيرة للجدل إلى حد كبير ولا يزال يعشقها العديد من القراء ورواد المسرح الروس، لكن أشهر أعماله هي روايته الوحيدة: دكتور زيفاجو، والتي توصف بالملحمة الكبيرة في التاريخ الأدب الروسي.
وتركز الرواية على الطبيب والشاعر "يوري زيفاجو" خلال النصف الأول من القرن العشرين، وتتبع الرواية قصة الطبيب مع عدد من أصدقائه ورفاقه، الذين يقع مصيرهم جميعًا في زوبعة تاريخ روسيا المضطرب في القرن العشرين، وسط خلفية الثورة البلشفية والحروب الأهلية.
ويتنقل دكتور زيفاجو في معضلات الحب العميقة، المنقسمة بين حبيبته "لارا" المفعمة بالحيوية وزوجته المطيعة "تونيا"، ويسرد الكاتب حكايته الطويلة جدًا مع الحبكة معقدة جدًا بحيث لا يمكن تلخيصها بالكامل، كعادة الأدب الروسي.
وتمت كتابة أجزاء من النص في وقت مبكر من الحرب العالمية الأولى، لكن الرواية المكونة من 700 صفحة، لم تكتمل حتى الخمسينيات من القرن الماضي، لأنه كان من المستحيل نشر مثل هذه القصة في ظل الاتحاد السوفييتي لأن الرواية انتقدت ثورة أكتوبر في روسيا، ونظام الجولاج، وعلى هذا النحو، تم تهريب الرواية إلى إيطاليا ونشرها عام 1957.
فسعى الكاتب باسترناك أن يؤدي نشر الرواية من قبل ناشر شيوعي إيطالي إلى تجنيبه الإدانة، لكن الحكومة السوفيتية طاردته بلا هوادة بسبب روايته، كما نجح النظام في الضغط عليه لرفض جائزة نوبل في الأدب لعام 1958، وبعدها تدهورت صحة باسترناك بشكل خطير في السنوات التالية، وتوفي بعد ثلاث سنوات من نشر روايته الشهيرة "دكتور زيفاجو".
أوسكار وايلد: رواية "صورة دوريان جراي"
كان أوسكار وايلد شاعرًا وكاتبًا مسرحيًا أيرلنديًا، عمل بالكتابة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وقد كان ذو شخصية مشهورة للغاية لفترة قصيرة حتى تم سجنه بسبب إدانته بتهمة "الفحش"، فكان وايلد ذو السلوك المثلي، وهو سلوك غير قانوني في ذلك الوقت، وقد ساهم سجنه وهو شاب في وفاته المبكرة.
كتب أوسكار وايلد العديد من المقالات والمسرحيات والقصص القصيرة، لكن روايته "صورة دوريان جراي"، عي الرواية الوحيدة له، وتدور أحداث الرواية حول المتحرر الفيكتوري الشاب "دوريان جراي"، الذي يبيع روحه مقابل حصوله على "الشباب والجمال الأبدي"، فبدلاً من أن يتحلل جسده جسديًا أو معنويًا، تصبح صورته أكثر بشاعة مع مرور الوقت.
ولكن بعد تحرر بطل الرواية من الخوف من الشيخوخة، يذهب في مغامراته الكثيرة، ويستكشف حياة الفجور الممتع، ويمكن القول إن الرواية بمثابة انعكاس لحياة وايلد الخاصة، وهوس المجتمع بالشباب، ومخاطر الفجور والمتعة الجامحة.
آنا سيويل: رواية الجمال الأسود
"مذهبي هو أننا إذا رأينا قسوة أو خطأ لدينا القدرة على إيقافه، وعدم القيام بأي شيء، فإننا نجعل أنفسنا شركاء في الذنب".. وهذه من أشهر أقوال الكاتبة الإنجليزية آنا سيويل، في منتصف القرن التاسع عشر.
أصيبت آنا سيويل، في سن المراهقة بإصابات بالغة في الكاحل، ولم تكن قادرة على الوقوف دون دعم أو المشي تحت قوتها الخاصة، واعتمدت على العربات التي تجرها الخيول للنقل، وقد طورت حبها وفهمها العميق للخيول ورعايتها.
ومع تدهور صحتها، كتبت روايتها الوحيدة "الجمال الأسود" من سريرها، واستطاعت أن تملي الرواية على والدتها عندما مرضت لدرجة أنها لم تتمكن من الكتابة، وتوفيت آنا سيويل بعد خمسة أشهر من نشر روايتها الوحيدة، ولم يكتب لها العمر، أن ترى روايتها واحدة من أفضل الروايات مبيعًا في تاريخ الأدب الإنجليزي، فقد باعت أكثر من 50 مليون نسخة، حول العالم، ولم تتمكن من رؤية هذا الإنجاز الكبير سوى الاستقبال الإيجابي الأولي لروايتها..
والرواية مكتوبة على شكل مذكرات الحصان الذي يحمل اسمه، مع توجيه القراء خلال اللحظات المحورية في حياته، ومع كل فصل، تستكشف القصة حياة العديد من الأشخاص الذين يتفاعل معهم هذا "الجمال الأسود"، مما تصور الكاتبة أخلاق البشر من منظور الحصان، إن فهم سيويل العميق للخيول يضفي على الحكاية أصالة، ويلتقط جوهر تجارب الخيول وردود أفعالها، كما تكشف الرواية رؤية عميقة للكاتبة عن التعاطف والنزاهة الأخلاقية.
سيلفيا بلاث: رواية الجرس الزجاجي
"أخذت نفسًا عميقًا واستمعت إلى تفاخر قلبي القديم: أنا، أنا، أنا".. من أشهر كلمات سيلفيا بلاث، الشاعرة والروائية الأمريكية، التي عملت بالكتابة في منتصف القرن العشرين، وتحظى قصائدها، بتقدير كبير وإعجات الجمهور، عانت سيلفيا بلاث من المرض العقلي، وأهوال الرعاية الصحية العقلية في منتصف القرن، وسوء المعاملة على يد زوجها.
وانتحرت بعد شهر من نشر روايتها، ورغم أنها بدأت العمل على مشروع كتابة طويل ثانٍ، إلا أنها تركته غير مكتمل.
والجرس الزجاجي، هي رواية شبه سيرة ذاتية، تتبع "استير غرينوود" وهي متخصصة في اللغة الإنجليزية طموحة وذكية، وهي غير راضية عن خيارات الحياة المقدمة للشابات في الخمسينيات، وبعد سلسلة من خيبات الأمل، بدأت صحتها العقلية في التدهور، تتبع الرواية تجربة الكاتبة سيلفيا بلاث بشكل وثيق لدرجة، كما رأي بعض نقاد الأدب.
إدغار آلان بو: رواية آرثر جوردون بيم
إدغار آلان بو، هو كاتبًا وناقدًا أمريكيًا في أوائل القرن التاسع عشر، في حين أن قصائده هي الأكثر شهرة، فهي بلا شك واحدة من القصائد الأكثر شهرة في العالم. كما اخترع فكرة "القصة البوليسية" الحديثة، وصقل القصة القصيرة، وتمكن حتى من التنبؤ بنظرية الانفجار الكبير.
وعكف إدغار آلان بو على كتابة أولى روايته "آرثر جوردون بيم"، مبعد فشل بو في تحقيق النجاح المالي في كتابة قصصه القصيرة، وأعرب عن أمله في أن يكون العمل الأطول أكثر نجاحًا من الناحية المالية، وعاد إلى إكمال تنسيق قصصه القصيرة بعد أن قوبل بمراجعات سلبية، وبدأ "إدغار آلان"، بالفعل في كتابة رواية أخرى، لكنه طُرد من المجلة التي كانت تُنشر فيها الرواية ورفض إكمالها.