مخزن غذاء البريكس
بانضمامها إلى تجمع الـ«بريكس»، تتطلع الدولة المصرية إلى أن تكون عضوًا فاعلًا ومؤثرًا داخل التجمُّع. وخلال مشاركته فى القمة الخامسة عشرة للتجمع، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، ألقى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، كلمة مصر، أمس الأول الخميس، خلال جلسة الحوار رفيع المستوى، فى إطار صيغة «بريكس بلس»، التى تضمنت حلولًا عملية وقابلة للتنفيذ لمواجهة التحديات التى تُواجهها دول التجمع، والدول النامية إجمالًا، وعلى رأسها أزمات الطاقة وتغير المناخ ونقص الغذاء.
مع تشديدها على ضرورة إصلاح الهيكل الاقتصادى والمالى الدولى، لجعله أكثر إنصافًا وعدالة واستجابة لاحتياجات الدول النامية، طالبت مصر، فى كلمتها أو رؤيتها، بوضع آليات لتخفيف عبء الديون الخارجية، عبر الإعفاء أو المبادلة أو السداد المُيسر، بالإضافة إلى المقترحات ذات الصلة بحوكمة النظام المالى العالمى، والعمل المشترك على تشجيع الصفقات المتكافئة والتبادل التجارى بالعملات المحلية، فيما بين دول تجمع الـ«بريكس» والدول النامية، و... و... ودعم جهود التحول العادل إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، انطلاقًا من إيمانها بأهمية تحقيق التوازن بين تأمين احتياجاتنا من الطاقة وواجباتنا تجاه مواجهة أزمة المناخ.
فى هذا السياق، أكد رئيس الوزراء، مجددًا، أو للمرة الرابعة تقريبًا، استعداد مصر للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل استضافة مركز عالمى لتخزين وتوريد الحبوب، إسهامًا منها فى مواجهة أزمة الغذاء العالمية. مشددًا على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة للتعامل مع أحد أهم المخاطر التى تواجهها الدول النامية اليوم، وهى أزمة الغذاء وتبعاتها، من خلال تنسيق وتكثيف الجهود فى إطار العمل متعدد الأطراف، الدولى والإقليمى، بالإضافة إلى تطوير قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية ونقل وتوطين التكنولوجيا، وبناء القدرات وتحسين البنية التحتية فى المناطق الريفية، ونقل تكنولوجيا الزراعة ونظم الرى الحديثة المستدامة.
لم تكد تمر أربعة أشهر على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم، حتى أعطى، فى ٢٧ أكتوبر ٢٠١٤، الضوء الأخضر لإقامة مركز عالمى لوجستى لتخزين الحبوب، فى إطار رؤية أشمل تستهدف تعزيز كفاءة هذا القطاع وتحسين احتياطاتنا من المحاصيل الاستراتيجية، وجذب الاستثمارات، الوطنية والأجنبية الجادة، و... و... ووقتها اجتمع الرئيس مع وزيرى التموين والتخطيط لمناقشة تفاصيل هذا المشروع الذى استفاد من الخبرة الصينية فى أنظمة نقل وتخزين الحبوب، وقطعت به مصر عدة خطوات فى طريق تحولها إلى مركز عالمى لتداول وتخزين الحبوب وسلع أخرى مثل السكر والزيت وغيرهما.
تأسيسًا على ذلك، شدّدت مصر، فى سبتمبر الماضى، أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، على ضرورة التعامل مع أزمة الأمن الغذائى، التى تعد نتاجًا لسنوات طويلة من إخفاق المجتمع الدولى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بطرح استراتيجية متكاملة تستهدف أسبابها الجذرية، تقوم على تطوير نظم الزراعة والغذاء المستدامة، وتلبية الاحتياجات العاجلة للدول النامية المستوردة للأغذية، وضمان مشاركة منتجاتها فى سلاسل الإمداد دون عوائق. واستنادًا إلى موقعها الجغرافى الفريد، أعلنت عن استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل إنشاء مركز دولى لتخزين وتوريد وتجارة الحبوب، على أرضها.
أيضًا، خلال مشاركتها فى مؤتمر «صوت الجنوب»، الذى أقيم تحت الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين، فى يناير الماضى، أعادت الدولة المصرية طرح الفكرة نفسها، بلسان وزير خارجيتها، سامح شكرى، وهى تستعرض أبرز التحديات التى تواجه دول الجنوب جراء الأزمات الدولية المتلاحقة، مؤكدة على ضرورة تبنى نهج شامل للتعامل مع تلك التحديات والتوصل إلى حلول مشتركة وفعّالة. كما أشارت إلى أهمية دور مجموعة العشرين فى توفير الزخم اللازم لإعادة صياغة النظام الاقتصادى الدولى، حتى يتمكن من الاستجابة بصورة فعالة، وفى توقيت مناسب، للتحديات التى تواجهها دول الجنوب، أو الدول النامية.
أخيرًا، وإلى أن يستجيب ما يوصف بـ«المجتمع الدولى» للعرض، أو المقترح، الذى تكرر أربع مرات تقريبًا، نرى أنه من الممكن جدًا استضافة مركز لتخزين وتداول حبوب وسكر وزيت دول الـ«بريكس»، التى صار عدد سكانها، بعد انضمام الدول الست، أكثر من ثلاثة مليارات و٦٧٠ مليونًا، أى نصف سكان العالم تقريبًا.