الصعود مع الدول الصاعدة
تجمّع الـ«بريكس»، الذى يضم أبرز الاقتصادات الناشئة، الصاعدة، والأكثر نموًا، دعا مصر، إذن، مع الإمارات والسعودية والأرجنتين وإثيوبيا وإيران، للانضمام إليه اعتبارًا من أول يناير المقبل. وطبعًا، سيؤدى توسيع التجمع، كما أوضحنا أمس الأول، إلى زيادة إمكاناته وقدراته، وقد يؤدى، أيضًا، إلى إحياء مبادرات عديدة، جرى الإعلان عنها منذ سنوات، ولم يتم اتخاذ خطوات جدية بشأنها. كما سيجعل عدد سكانه أكثر من ثلاثة مليارات و٦٧٠ مليونًا، أى نصف سكان العالم تقريبًا.
لم يضم الـ«بريكس»، BRICS، الذى أسسته الصين وروسيا والهند والبرازيل، أى أعضاء جدد منذ انضمام جنوب إفريقيا، سنة ٢٠١٠، وبالإضافة إلى ضم الأعضاء الجدد، تناولت نقاشات القمة الخامسة عشرة للتجمع، التى استمرت ثلاثة أيام، ملف تقليل الاعتماد على الدولار، والتوسع فى استخدام العملات الوطنية فى تسوية المعاملات التجارية بين الدول الأعضاء، وخلق شبكات أمان اقتصادية، وتعزيز التعاون فى مجالات التعليم والتكنولوجيا والفضاء. ومن سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، عرفنا أن دول التجمع تعتزم مواصلة دعم مختلف الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة الأوكرانية من خلال الحوار والمفاوضات.
أقيمت القمة، التى استضافتها جوهانسبرج، كبرى مدن جنوب إفريقيا، تحت عنوان «بريكس وإفريقيا: الشراكة من أجل النمو المشترك المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة»، بحضور أربعة من قادة دول التجمع، وحوالى ٥٠ مدعوًا من قادة الدول الأخرى، بينما شارك الرئيس الروسى عبر الفيديو كونفرانس، ومثّله حضوريًا وزير خارجيته. ونيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، شارك الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، فى فعاليات القمة، وألقى كلمة مصر، أمس، خلال جلسة الحوار رفيع المستوى.
مع تثمينه قرار دعوة مصر للانضمام إلى التجمع، أكد الرئيس السيسى، فى بيان، أننا نعتز بثقة دول التجمع، التى تربطنا بها جميعًا علاقات وثيقة، ونتطلع إلى التعاون والتنسيق معها، وأيضًا مع الدول المدعوة للانضمام، خلال الفترة المقبلة، لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادى فيما بيننا، والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التى تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية. وكان الرئيس قد أعرب، خلال مشاركته فى قمة التجمع التاسعة، التى استضافتها الصين فى سبتمبر ٢٠١٧، عن تطلعنا، تطلع مصر والمصريين، إلى أن يتمكن التجمع من التوصل، فى وقت قريب، إلى آلية مناسبة للتواصل والحوار مع كل الدول النامية، التى يمكن أن تكون لها إسهاماتها فى التجمع.
أبرز أهداف تجمع الـ«بريكس» هو كسر الهيمنة الغربية، أو الأمريكية، على الاقتصاد العالمى، والإفلات من سيطرة البنك وصندوق النقد الدوليين، وبناء نظام مالى عالمى أكثر عدلًا وتوازنًا. وتحقيقًا لهذا الهدف، تم اتخاذ عدة خطوات مهمة، من بينها إنشاء «بنك التنمية الجديد»، الذى أعلن، فى ديسمبر ٢٠٢١، عن ترحيبه بانضمام مصر، التى وصفها بأنها «واحدة من أسرع دول العالم نموًا». وفى ٣٠ مارس الماضى، نشرت الجريدة الرسمية تصديق الرئيس السيسى على وثيقة انضمام مصر للبنك واتفاقية تأسيسه.
تأسيسًا على ذلك، نرى أن دعوة الدول الست للانضمام إلى التجمع تؤكد قدرة هذه الدول على كسر الهيمنة الغربية، والإسهام فى بناء النظام المالى العالمى الأكثر عدلًا وتوازنًا، وتعكس دورها السياسى والاقتصادى المتنامى، على المستويين الإقليمى والدولى. والشىء نفسه ينسحب على الدول المتوقع انضمامها قريبًا إلى «بنك التنمية الجديد»، الذى كانت جريدة «فاينانشيال تايمز» البريطانية قد نقلت عن رئيسته، ديلما روسيف، أنه يدرس طلبات انضمام حوالى ١٥ دولة، مرجحّة أن تتم الموافقة على قبول ٤ أو ٥ منها، امتنعت عن ذكر أسمائها، لكنها قالت إن البنك يضع تنويع تمثيله الجغرافى ضمن أولوياته.
.. أخيرًا، وبانتقال رئاسة الـ«بريكس» إلى روسيا، التى اختارت لرئاستها، وللقمة المقبلة، شعار «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن الدوليين العادلين»، بات فى حكم المؤكد أن يشارك قادة الدول الست، الأعضاء الجدد، فى القمة السادسة عشرة للتجمع، المقرر عقدها، فى أكتوبر ٢٠٢٤، بمدينة قازان الروسية.