طارق البشبيشى: الإخوان سعوا لإنشاء حرس ثورى.. وأحد قياداتهم قال لى: «بـ30 آلى هانخلى البلد تنام من المغرب»
دعا الكاتب والباحث والقيادى الإخوانى السابق طارق البشبيشى إلى استمرار المواجهة مع جماعة الإخوان الإرهابية وأفكارها، فى ظل كراهيتها الشديدة للوطن وخدمتها لقوى خارجية، وإجادة عناصرها التلون كالحرباء، مؤكدًا أن الدولة أثناء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك أخطأت عندما فتحت المجال أمام الجماعة، التى اخترقت كل الأحزاب والتنظيمات والتكتلات السياسية وقتها.
وأوضح «البشبيشى»، خلال حواره مع برنامج «الشاهد» الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، الذى تنشر «الدستور» قسمًا منه، أن الجماعة تلقى شباكها على أبناء الوطن فى سن صغيرة وتعزلهم عن المجتمع وتلقنهم أفكار العنف والتكفير، مشيرًا إلى أن الجماعة حاولت، أثناء فترة حكمها مصر، أن تؤسس حرسًا ثوريًا، لفرض حكم التنظيم بالقوة.
■ هل هناك فرق بين المصرى والإخوانى؟
- هناك فرق كبير، فلا يجتمع فى قلب إنسان حب الوطن والعداء له، ولا يمكن الجمع بينهما، فالإخوان يضمرون فى قلوبهم الكره لمصر ولا يؤمنون بالأوطان ولا يؤمنون بحدودها السياسية، وقصة الإخوان مع مصر صعبة، وقد استطاعوا إلحاق الكثير من الضرر بمصر والمصريين.
■ كيف كانت بداياتك مع الإخوان؟
- هناك مرحلة معينة فى حياة الإنسان، وهى مرحلة الدراسة، يكون فيها أكثر حماسًا وميلًا للشللية، وهذه المرحلة هى المناخ المناسب للتجنيد عند جماعة الإخوان.
وقد كنت أدرس فى كلية الزراعة ولا أعرف عنهم أى شىء، وبسبب مواظبتى على الصلاة فى المسجد وجدت شخصًا أكبر منى بـ٦ سنوات بدأ يتقرب إلىّ ودعانى لبيته، وقال لى: «إحنا بنعمل جلسة فى البيت مرة فى الأسبوع يوم الخميس»، ووجدت معه جيرانًا من الحى.
وفى البداية كان حديثنا عن كل شىء ما عدا الإخوان، فهو لم يتحدث معى عن أى شىء يخصهم، بل طلب منى أن أدعو زملائى إلى تلك الجلسة، وبعد انضمام زملائى وكان عددهم ١٠ تسلمنا آخر، وهو جمال بطيشة، ونظم جلسة فى المسجد وأصبحنا «مجموعة زراعة»، وأصبح هو المسئول عنا، ووقع اختياره على ٧ منا وكوّن منا خلية، وطلب منا عدم إخبار أحد حتى لا يحبط الله أعمالنا.
وبالفعل بدأنا العمل فى كلية الزراعة ودخلت فى دورة إخوانية كـ«منتسب»، وهذه الدورة عبارة عن قراءة وحفظ بعض أجزاء من القرآن والسيرة النبوية وقراءة بعض الكتب.
وهناك كتابان غيرا لى تفكيرى بشكل كبير، أولهما كتاب لـ«فتحى يكن» بعنوان «ماذا يعنى انتمائى للإسلام؟»، والثانى كتاب لـ«عبدالله عزام» بعنوان «الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية»، وقد عزلونى وقتها عن المجتمع شهرين، وشعرت بعدهما بأننى أنتمى لمجتمع مرتد وكافر.
■ مَن هو عبدالله عزام؟
- عبدالله عزام هو المسئول عن تجنيد الشباب العرب وإرسالهم إلى أفغانستان، وكتابه بعنوان «الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية»، يكفر جميع الجماعات عدا الإخوان، وهو أحد الكتب التى تعطى للمنتسبين بدورات الجماعة.
هذا الكتاب كان يوضح أن المنكر الأكبر هو تنحية القرآن عن منصة الحكم، وأن كل المنكرات من زنا وخمر وغيرهما هى منكرات فرعية، وكان يحث على ضرورة أن يكون الحكم إسلاميًا، لأنه إذا لم يكن ذلك فهذا هو المنكر الأكبر.
أما المعروف الأكبر، حسبما أفاد الكتاب، فكان وجود القرآن فى منصة الحكم، وقيل لى فى تلك الفترة إن المجتمع ميت، والإخوانى هو مَن يحمل نعشه، الأمر الذى يمنح للمنضم للجماعة أهمية خاصة.
■ كيف تصطاد الجماعة عناصرها؟
- جماعة الإخوان تعطى فى دروسها بعضًا من رسائل حسن البنا فى دورات الانتساب، وليس كلها، حتى يصل إلى مرحلة العضو العامل، وهى المرحلة الأخطر بين مراحل التجنيد والانضمام للإخوان، وفيها يدرس «رسالة التعليم» و«رسالة المؤتمر الخامس»، ويقر باستخدام العنف.
و«رسالة التعليم» هى الأخطر، وهى التى علمت الإخوان العنف والخروج على المجتمع، وكان يتم تداولها شفويًا فترة، وبعدها أصبحت موجودة فى كتاب «رسائل البنا»، وتمثل بؤرة فكر الإخوان؛ لأن فيها أفكار البيعة، والإخلاص، والطاعة، والتجرد والإخلاص، وغيرها.
■ كيف اخترق التنظيم المساجد؟
- جماعة الإخوان كانت تتحايل على منع إقامة جلساتها فى المساجد بالتقرب من إمام المسجد والثناء على كلامه، لكن من الداخل كانت هناك سخرية منه، لذا كان الإمام يسمح للإخوان فى حالة الثناء عليه بتنظيم جلساتهم يوم الجمعة، وحينما يُسأل الإمام عنهم من قبل الجهة الأمنية فإنهم يجدون منه دعمًا لهم.
وكنا أحيانًا نعطى أئمة المساجد كتبًا على أنها خطب للجمعة لكنها مبطنة بأفكار الإخوان، وفى حالة إن كان الإمام كفيفًا فإنه كان يتم إرسال من يساعده ذهابًا وإيابًا، وهى ألاعيب وخبائث لا تنتهى.
■ كيف استغلت الجماعة الانفتاح السياسى فى انتخابات ٢٠٠٥؟
- الإخوان استغلت المواطنين خلال انتخابات ٢٠٠٥ بعد ضغط الولايات المتحدة على الرئيس الأسبق حسنى مبارك لفتح المجال العام، وكانت الجماعة تستخدم مكبرات الصوت لإذاعة أناشيد الإخوان، والناس كانت تتحرك مشاعرها من هذه الأناشيد صباحًا، وفى المساء كانت الجماعة تعقد المؤتمرات الانتخابية وتذيع نفس الأناشيد فيتجمع الناس، خاصة فى ظل الهتافات الحماسية التى كانت تتردد مثل: «عائد عائد يا إسلام»، لأن الشعار الدينى لا أحد يستطيع مقاومته.
والناس كانت تحفظ الأناشيد وترددها مع أعضاء الإخوان، ومعظم هذه الأناشيد كان من أغانٍ مسروقة، لأن الإخوان لا يوجد بينهم مبدعون، وكنا نشبك أيادينا مع أيادى المواطنين، وترتفع حناجر الناس بالهتافات، وكنا سعداء بتوظيف دموع الناس ضمن مشروعنا.
■ هل استغلت الجماعة القوى السياسية لصالحها؟
- الجماعة اخترقت جميع القوى السياسية والأحزاب وزرعت بعض عناصرها فى تلك التكتلات، حتى وصل الأمر إلى أن حزب «الوفد»، الذى كان يعرف خطورة الإخوان جيدًا، تحالف مع الجماعة فى عام ١٩٨٤، وذلك عندما وقف فؤاد سراج الدين وعمر التلمسانى معًا فى أحد المؤتمرات بالإسكندرية. كما أن الإخوان اخترقوا حزب «العمل»، وتحوّل إبراهيم شكرى إلى إخوان، وأصبح ألعوبة فى أيديهم وهو لا يدرك ذلك، لأنه وقتها كان يمثل الصف الثانى فى المعارضة، وعندما وجد أمامه الآلاف فى مؤتمر جماهيرى إخوانى كان من الطبيعى أن يفرح بذلك. الجماعة سيطرت أيضًا على مجلة «المختار الإسلامى»، والوحيد الذى كان عصيًا عليها كان رفعت السعيد، لأنه يعرف تاريخ وفكر جماعة الإخوان جيدًا، لذا أنصح بقراءة كتبه عنهم.
كما أن الجماعة اخترقت أيضًا أفكار عدد كبير من الكتاب، مثل سليم العوا وفهمى هويدى وسيف عبدالفتاح، وغيرهم.
■ كيف خدم مبارك الإخوان وساهم فى تلميع قياداتها؟
- الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك للأسف فتح الباب على مصراعيه لتلميع الإخوان، وإبراز نجومية كوادرها، مثل عصام العريان ومحمد حبيب، فكل قيادات الإخوان كانوا يظهرون فى لقاءات تليفزيونية، لدرجة أن مرشد الإخوان مهدى عاكف ظهر على قناة «المحور».
والإخوان لم يكونوا يثقون فى مهدى عاكف، رغم أنه كان المرشد، ولقاءات مكتب الإرشاد المهمة خلال توليه منصبه كانت تُعقد فى مكان آخر، ومحمود عزت كان المرشد الفعلى للإخوان خلال تلك الفترة، حتى تخلصوا منه.
وقبل ٢٥ يناير، أكد مهدى عاكف أن الجماعة لن تشارك فى المظاهرات، لكنه لم يمنع من يريد المشاركة، أما محمود عزت فكتب قبل الثورة أن هذه الدعوة مشبوهة، ودعا إلى عدم الاشتراك فيها.
■ هل كوادر الإخوان «حرامية»؟
- أغلب القيادات فى الجماعة كانوا يريدون الاستفادة من أموالها، وجمعة أمين سرق أموال الإخوان فى قضية مشهورة، إذ كان يشرف على مدارس «المدينة المنورة» بالإسكندرية، وعندما حصل تلاعب وأرادوا تغييره وأخذ المدارس منه رفض وقتها وقال: «دى فلوسى وفلوس عيالى».
■ لماذا انفصلت عن الجماعة فى عام ٢٠٠٧؟
- الإخوان عرضوا برنامجهم السياسى فى عام ٢٠٠٧، وكانت لا توجد فيه ميزة اقتصادية واحدة، البرنامج لم يكن طائفيًا، لكنه كان يؤسس لدولة دينية، ووقتها طبعوا منه ٥٠ نسخة وتم توزيعها على القيادات السياسية.
البرنامج كانت به ٣ كوارث، أولاها أنه كان يحظر على القبطى دخول الانتخابات الرئاسية، وثانيتها كان يقول إن المرأة لا توجد ولاية لها فى الرئاسة والقضاء، وثالثتها دعا لتكوين لجنة دينية للنظر فى القوانين التى يصدرها البرلمان.
وقد رأيت وقتها أن برنامج الإخوان قسّم المصريين على أساس نوعى وجنسى، فتعرضت لصدمة وقررت الانفصال الفكرى عن الجماعة، لكن وقتها لم أستطع الخروج كليًا منها نظرًا لارتباط عائلتى بالإخوان.
وفى ٢٠١٢، عندما وصل الإخوان للحكم كنت أنتقد الجماعة وأفكارها، رغم استمرارى فى عضويتها جسديًا، وكانت من أصعب الأيام التى مرت فى حياتى أن يحكم «مصر» رئيس إخوانى، لأنى أرى أنها ليست جماعة وطنية، لأنها تستهدف الجيش وتسبه وتحرض الناس ضده، وهذه أفكار صهيونية، ولو عُرض على المصريين الاختيار بين الإخوان والجيش سيختارون الجيش.
كما كنت أنتقد سياسات الإخوان فى الحكم، ووقتها تعرضت للتحقيق داخل الجماعة، وطُلب منى أن أخفف من نقدى ضدهم.
■ ما شهادتك حول عبدالمنعم أبوالفتوح؟
- خُدعت فى عبدالمنعم أبوالفتوح، فهو إخوانى، لكنه يجيد التلون مثل الحرباء، وكان يعادى الدولة الوطنية والجيش، وأثناء حادثة الحرس الجمهورى واعتصام رابعة طالب الحكومة بالاستقالة، كما طالب بإحالة المشير طنطاوى، رحمه الله، للتحقيق، لأنه كان يريد هدم الجيش والدولة.
وأبوالفتوح كان يجيد اللعبة التى أصبحت لا تخفى على أحد الآن، فهو يتبع فكر حسن البنا، الذى هو أخطر من سيد قطب، لأن أفكار الأخير كانت فى الواجهة، لكن البنا كان يتلون كالحرباء.
■ كيف رأيت فض اعتصام رابعة؟
- عند فض اعتصام رابعة كنت بالفعل قد خرجت من الجماعة، ومَن يعرف الإخوان لن يندهش من هذا الاعتصام المسلح، فهم جماعة مستخدمة من القوى الخارجية، وثورة ٣٠ يونيو أصابت كلًا من باراك أوباما وهيلارى كلينتون وكونداليزا رايس، بحالة هلع. وأحد القياديين بالإخوان كان معى فى اللجنة السياسية بالإخوان، وكانت الناس تجتمع أمام القيادات وتسبهم بعنف لأنهم فشلوا فى كل شىء لأنهم كانوا متميزين فى الخيانة والفشل، فقال لى هذا القيادى: «متخافش بـ٣٠ آلى يخلوا البلد تنام من المغرب».
فالإخوان كانوا يسعون لإنشاء حرس ثورى، ورابعة كانت مستعمرة ومحتلة، ويزورها كل كارهى مصر ويحرضونهم على الاستمرار.
وأقل خطايا الإخوان استخدام العنف والعمالة للخارج، ويكفى أنهم سجدوا على المنصة؛ لأن الأسطول الأمريكى سيقتحم مصر، والشيخ محمد حسان قال لهم: «توجد ممرات آمنة ونريد فض الاعتصام»، فردوا عليه بأن لديهم ١٠٠ ألف شهيد، لأنهم كانوا مغيبين.
■ هل كانت الخرافة متمكنة من العقل الإخوانى لهذا الحد؟
- الخرافة كانت متمكنة من الإخوان، وحسن البنا كان خريج معهد بسيط، وادعى أنه خريج كلية دار العلوم، وقال إنه كان متفرغًا للدعوة ولم يذاكر، فجاءه هاتف بالأسئلة وكتب الامتحان ونجح، والخرافة الثانية هى أنه عندما يذهب لشُعبة فى الصعيد وبمجرد رؤيته الإخوان كان يحفظ أسماءهم ويعرفهم حتى لو لم يرهم بعدها لـ١٠سنوات.
وكان هناك أيضًا على نويتو، وهو إحدى الشخصيات المشاركة فى التنظيم الخاص فى الفترة من ١٩٥٤ إلى ١٩٦٥، وقال إنه كان يخبئ المفرقعات فى «عشة فراخ»، وطلب ذات مرة من الجالسين إليه أن يتفسحوا فى المجلس؛ لأن «إخوان مسلمين من الجن سيحضرون الجلسة معنا».
■ كيف ترى مستقبل التنظيم؟
- الإخوان جماعة سرية وليست حزبًا، وهم يسرقون أبناء الشعب ويرمون شباكهم عليهم ويتم الاختيار من بينهم، وحتى الذين لا يتماشون مع سياسة الجماعة يتعهدونهم حتى لا يكونوا ضدهم، والإخوان يشبهون «السوستة»، وطالما كانت الأقدام فوقهم يظهرون ضعفاء ولو رفعت الأقدام من عليهم سيؤذونك مرة أخرى، وعلى أجهزة الدولة ألا تتهاون معهم لأن لهم وجوهًا كثيرة.
فى تجربتك مع الإخوان فعلت أشياء تريد أن تتطهر منها.. فما هى؟
- أثناء انتخابات ٢٠٠٥ كانت المؤتمرات الإخوانية تُقام فى الأحياء، وتم تكليفى من الإخوان بالاتصال بأحد شيوخ الأزهر، وكان خطيب المسجد الكبير بدمنهور، وطلبت منه حضور المؤتمر، وكان هذا الإمام رجلًا حييًا وطيبًا وأبدى القلق بعض الشىء من الحضور، ومع إلحاحى عليه وافق، وقلت له: ستحضر بالزى الأزهرى.
وبعدها، تم التحقيق مع الرجل واستبعاده من عمله، وهو كان لا يقوم بأى شىء سوى خطبة الجمعة، ويُحضّر لها طوال الأسبوع، فدخل هذا الشيخ فى حالة اكتئاب شديدة وأغلق باب غرفته عليه، وهاجمه مرض فيروس الكبد وتوفى وعلمت بوفاته من صهره، لذا أشعر دائمًا بأننى السبب فى وفاته.