بيت التراث
أسابيع قليلة وتحل الذكرى العشرون لتوقيع مصر «اتفاقية حماية التراث الثقافى غير المادى» مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، «اليونسكو»، واحتفالًا، أو احتفاءً، بهذه المناسبة، افتتحت الدكتورة نيفين الكيلانى، وزيرة الثقافة، ونوريا سانز، المديرة الإقليمية للمنظمة، صباح أمس، الإثنين، «بيت التراث»، بمركز الحرف التقليدية فى الفسطاط، بحضور وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، ومحافظ القاهرة، وعدد من السفراء وممثلى اليونسكو ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بالتراث.
خلال دورته الثانية والثلاثين، التى أقيمت بالعاصمة الفرنسية باريس، اعتمد المؤتمر العام لـ«اليونسكو»، هذه الاتفاقية، فى ١٧ أكتوبر ٢٠٠٣، سعيًا إلى تحقيق أربعة أهداف: صون التراث الثقافى غير المادى، احترام التراث الثقافى غير المادى للجماعات والمجموعات المعنية والأفراد المعنيين، التوعية على الصعيد المحلى والوطنى والدولى بأهمية التراث الثقافى غير المادى وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث، والتعاون الدولى والمساعدة الدولية. وحتى أبريل الماضى، وصل عدد الدول التى صدّقت على الاتفاقية ١٧٨ دولة.
التراث الثقافى غير المادى، بتعريف الاتفاقية هو «الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية، التى تعتبرها الجماعات وأحيانًا الأفراد، جزءًا من تراثهم الثقافى. وهذا التراث الثقافى غير المادى المتوارث جيلًا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمى لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزِّز من ثم احترام التنوع الثقافى والقدرة الإبداعية البشرية».
مصر، هى «مسقط رأس اتفاقية حماية التراث الثقافى غير المادى»، بوصف المدير الإقليمى لـ«اليونسكو»، التى أشارت إلى أن المسئولين والأكاديميين والخبراء المصريين لعبوا دورًا محوريًا فى المرحلة التحضيرية لاعتماد الاتفاقية، وشاركوا بنشاط فى اجتماعات الخبراء الدوليين والاجتماعات الحكومية الدولية، وقدموا مساهماتهم فى النقاش العلمى. كما أشارت إلى أن مصر نجحت، بعد اعتماد الاتفاقية، فى إدراج ٧ عناصر «وطنية ومتعددة الجنسيات» فى قوائم المنظمة للتراث، تعكس الكنوز غير المادية الغنية والمتنوعة.
التاريخ يقول إن مصر بدأت أرشفة وحفظ تراثها، سنة ١٩٥٧، بإنشاء مركز الفنون الشعبية. أما «بيت التراث»، الذى تم افتتاحه، أمس، فمن المقرر أن يضم الأرشيف الوطنى للتراث الثقافى غير المادى، الذى يتضمن، مثلًا، تراث المناطق النائية والمحافظات الحدودية، ذات الطبيعة الخاصة. ومن المقرر، أيضًا، أو من المفترض، أن يقوم بتطبيق كل الإجراءات اللازمة لحماية هذا التراث، بالحفظ والتوثيق والنقل والترويج وإعادة الإحياء، وأن يكون خطوة مهمة لتعزيز التواصل والحوار، داخليًا أو محليًا، وخارجيًا مع المجتمع الدولى، وتعميق فهم المجتمع لهذا التراث الغنى بالقيم والعادات والممارسات، التى تميز الشعب المصرى.
لن يكون مجرد مكان لحفظ التراث، بل سيكون مركزًا تفاعليًا يستطيع زائره التعامل مع كل محتوياته، كما يستطيع دعم المركز بما يرغب فى حفظه من مقتنيات تقع ضمن أنشطته، بحسب تأكيد الدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزارة الثقافة لشئون التراث غير المادى، أستاذة العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية بالمعهد العالى للفنون الشعبية، التابع لأكاديمية الفنون، رئيس مجلس أمناء بيت التراث، التى أشارت إلى أن مصر قطعت خطوات مبكرة لحماية التراث، منذ خمسينيات القرن الماضى، وأعربت عن تطلعها إلى أن يصبح «البيت» حصنًا منيعًا أمام كل محاولات طمس الهوية، وتعهدت بدعم كل جهد صادق لجمع وتوثيق وحصر تراث مصر الثقافى غير المادى، ونقل المهارات والمعارف والممارسات المرتبطة به إلى الأجيال القادمة.
.. وأخيرًا، أقيم على هامش افتتاح «بيت التراث»، معرض لأعمال الفنانة التشكيلية الراحلة إكرام عمار، التى توثق فيها المراحل المتعددة لرحلة العائلة المقدسة، ومعرض للحرف التراثية، تضمّن بعض إنتاجات ورش مبادرة «صنايعية مصر»، إضافة إلى معرض أقامته «مدرسة الفنان خضير البورسعيدى لفنون الخط العربى والزخرفة»، احتفالًا بنجاح مصر فى تسجيل الخط العربى على قوائم اليونسكو للتراث غير المادى.