ما الذي دفع بيت الحكمة للثقافة إطلاق "أفق" للنشر رغم أزمة سعر الورق؟.. أحمد السعيد يجيب
منذ أيام أعلنت مؤسسة بيت الحكمة للثقافة، مشروعها الجديد "أفق" الذي يهدف إلى إنشاء نافذة جديدة لنشر الأفكار الثقافية والفكرية والنقدية وفق منظور جديد، تستطيع استيعاب دوائر الفكر العربي الوليد والجاد، وتولي الناقد والأكاديمي، الدكتور هيثم الحاج علي مستشار التحرير لمشروع "أفق".
وفى ظل أزمة ارتفاع سعر الورق، وتكاليف الصناعة التى يتحملها الناشرين حول العالم، ما الذى دفع الدكتور أحمد السعيد مؤسس بيت الحكمة للثقافة لإطلاق مشروع "أفق"؛ وهو ما يجيب عنه فى تصريحاته لـ"الدستور".
أكد الدكتور أحمد السعيد، مؤسس بيت الحكمة للثقافة والمدير التنفيذى لها، أنه عندما تكبر أنشطة المؤسسة يتبعه شكل ما من التأثير، وهو ما يدفع بالتركيز على المسئولية المجتمعية للناشر وليس الاقتصار وحسب علي المردود الاقتصادي، قائلاً: “باختصار بيكون ليك دور مجتمعي ومعرفي لازم تقوم بيه، احنا في بيت الحكمة حابين نكمل وننتج منتج يليق بالاسم الدي بنيانه أولا، وثانيا عمل يبقى، فكان التفكير في تقدم منصة للفكر الجاد الناتج عن بحث عميق ومعرفة يجب تقديمها. صحيح الورق هيفرق في التسعير، بس لو معملناش محدش هيعمل، وهنخسر أعمال كتير تستحق التسجيل والتقديم لجمهور نوعي وأحيانا جمهور عام”.
وتابع السعيد: “الفكرة باختصار هي لا تلعن الظلام ولكن أشعل شمعة، فبنحاول نشعل شمعة، مش متوقعين منها مردود مادي كبير، بس متأكدين من الاحتياج ليها. يمكن مكنش متوفر لينا قبل كده نعمل كده بس مع تراجع النشر الجاد والأكاديمي والنقدي مؤخرا حبينا نحفظ ميزان النشر المصري بمشروع جاد. ممكن نبيع بتكلفة الطباعة بس، احنا الحمد لله عندنا مشاريع بتكسب بشكل كويس، مش كل مشروع لازم يكسب، ممكن حاجات للسوق وحاجات للدور المجتمعي والمعرفي”.
وأوضح"السعيد"، أنه من المستهدف فى الفترة القادمة أن يلجاً مشروع "أفق" إلى النشر الرقمي بعد الورقي حتي يحافظ على مدخلات مناسبة للمؤلفين؛ بالإضافة إلى تحيقي الانتشار أكبر للمشروع على كل المنصات الرقمية العالمية.
فى بيان صحفي، أشار محمد ماهر بسيوني، مدير مشروع "أفق"، أن الثقافة العربية تواجه العديد من التحديات التي تتطلب تضافر الجهود لتحقيق التوازن بين الانتماء إلى التراث وعدم القطيعة معه، وبين التطلع نحو المستقبل دون قيود تفرضها تيارات لها حضورها المُعوِّق داخل بنية الفكر العربي. ومن هنا يسعى المشروع للإسهام في تلك الممارسة التي تستهدف مشاركة العقل العربي في صوغ حاضره ومستقبله بالسير على إيقاع العصر والتفاعل مع قضاياه الآنية والمستقبلية، عبر إطلاقه كمشروع تتجمع فيه جهود كوكبة من نقاد ومفكري الدول العربية، ويشتركون عبره في مساءلة البنى الفكرية والثقافية السائدة، في محاولة لتجاوزها إلى أفق أرحب، ينتج تساؤلات جديدة في سيرورة لا نهائية تنتصر للتقدم العلمي والعقلانية والتنوير.
فيما أشار الدكتور أحمد السعيد، المؤسس والمدير التنفيذي لبيت الحكمة، أن بيت الحكمة قد آلت على نفسها أن تكون بؤرة لجمع هذه الأفكار الجديدة وحاضنة لجيل جديد من المفكرين العرب ومركزا يمكن عن طريقه نشر أفكار من شأنها دفع المشهد الثقافي العربي وتحريك سواكنه، رغبة منها في الإسهام في ذلك المشهد بما يمكن أن يؤسس لعصر جديد من الثقافة العربية المنفتحة على الآخر والقادرة على صنع مقولاتها الخاصة دون انفصال عما يحدث في العالم.
وأصدرت بيت الحكمة ضمن باكورة مشروع "أفق"، ثلاثة إصدارات، وهي كتاب "مفهوم العامة: الجلي والخفي" للدكتور معجب العدواني أستاذ النقد والنظرية بجامعة الملك سعود، ويناقش الكتاب مفهوم (العامّة) في الحضارة العربيّة الإسلاميّة وغيرها من الحضارات، وكشف الأنساق التي تتحكم في إبراز هذا المفهوم ثقافيًّا، حيث لم تشهد الحضارات اهتمامًا بالعامّة وثقافاتهم قدر اهتمام العصر الحاضر بذلك، ويعود هذا إلى عاملين رئيسين: تهافت النخب في مستوياتها كافّة، وبزوغ شمس العامّة.
كما صدر كتاب "سرديات الانتهاك في الرواية العراقية" للكاتب والناقد العراقي علي حسن الفواز، والذي يتناول مقاربة الرواية العراقية كأفق للمناقشة، وللكشف عن مدى تمثليها للأفكار، بوصفها جوهر الممارسات الثقافية، التي تختزن كثيرا من جذور الصراع بمفهومه الأنثروبولوجي، وبتمثلاته السياسية والاجتماعية والايديولوجية، لتشييد أطر مفهومية لفرضيات الخطاب المتعالي وعلى نحوٍ يقترن بوقائع سياسية معقدة، وجدت فيها الرواية مجالها للتعبير عن تمثيلات الواقع المنتهَك، والمثقف المأزوم.
كما صدر كتاب "النقد الثقافي: نحو منهجية التحليل الثقافي للأدب" للدكتور محمد إبراهيم عبد العال، مدرس النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب جامعة المنوفية، ويحاول الكتاب الإجابة عن سؤال: كيف أسهمت الأنساق الثقافية في بناء جماليات النص الأدبي؟ حيث يطرح الكتاب فرضية أن أدبية أي نص تتأسس على قدر ما يقدمه من جمالياته الخاصة، بالإضافة إلى جماليات نوعه الأدبي الذي ينتمي إليه، فضلاً عن أنه نصٌ مُغرق في تكثيفه للأنساق الثقافية، على قاعدة الارتباط بين اللغة التي هي أداة الأدبي، والثقافة والتي هي محتوى كل لغة.