زين عبد الهادي: بعض دور النشر الشهيرة لا تعترف بالعقود
ما بين أول الكتب المنشورة وصولا لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبان ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضا المشكلات المتكررة والمتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتى حقوق الملكية الفكرية وغيرها.
في سلسلة حوارات تقدمها “الدستور” يحكي الكتاب تجاربهم مع عالم النشر.
وفي هدذا الصدد، يروي لنا الكاتب الدكتور زين عبد الهادي، مدير مكتبة العاصمة الإدارية، صدر له العديد من الأعمال الأدبية الروائية، نذكر من بينها: "المواسم، التساهيل في نزع الهلاهيل، مرح الفئران، دماء أبوللو، أسد قصر النيل، الحرب في الشرق. بالإضافة إلي مؤلفاته العلمية الأكاديمية.
ــ ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟
الكتاب الأول تحديدا وهذا غريب للغاية، لم أصادف فيه أي مشكلات، ربما كانت الصدفة هي السبب في ذلك، لكن الرواية الثانية هي التي صادفت فيها كما ضخما من المشاكل، ابتداء من دار النشر التي ماطلتني طويلا، وبالمناسبة هي دار نشر حكومية، رغم أن التقرير عن الرواية كانت قد كتبته واحدة من الأديبات الكبيرات وكان في صالح الرواية، ومع ذلك يلف القدر لفته وأنشرها في دار نشر حكومية أخرى وأتقاضى أموالا عنها، وكان ذلك أيضا غريبا بالنسبة لي وبما أسمعه عن مشاكل الكتاب في النشر، وبالمناسبة أيضا لم أكن أعرف أحدا بعد في سوق النشر.
كانت الصعوبات تتعلق بالسلوك الشخصي للمسئولين عن النشر، أو لاعتبارات لا علاقة لها بالكتابة، مثل أنك غير معروف، والقطاع الخاص كان يطلب أموالا في مقابل النشر، وكان ذلك أيضا غريبا لأني نشرت أعمالا أكاديمية وحصلت منها على أموال، وأموال كثيرة.
ــ ما المشاكل التي واجهتها بخصوص حقوق النشر والملكية الفكرية؟
حقوق التأليف والنشر تبنى على عقود، وتقريبا كانت العقود غير موجودة لدى القطاع الخاص في هذه الفترة، وعقود القطاع العام كانت قصيرة ولا تلم بكل الحقوق والواجبات للطرفين، كما يبدو أن تلك الثقافة كانت غير موجودة في التسعينيات، أما الآن فالأمور أفضل كثيرا، وإن كانت هناك دور نشر لا تنتبه للعقود، أو تقوم بتوقيع عقود صورية.
ــ كيف تواجه هذه المشكلات مع الناشر؟ وما أصعب موقف تعرضت له؟
بعض دور النشر الشهيرة لا تعترف بعقود النشر، ولا يوجد لها عقود نشر أصلا ، ويمكنك نشر الكتاب لديها ونشرها بعد ذلك في أي دار أخرى أو حتى وضعها على الانترنت، كما أن عقود النشر نفسها صورية، بمعنى أنه لايمكنك تحت أي ظرف مقاضاة دار النشر لأي سبب، إضافة إلى ذلك يتردد كثير من الكتاب في مسألة رفع قضية على دار نشر لأن معنى ذلك أن دور النشر ستغلق الباب في وجهه، هذه أمور معروفة ومؤكدة، لذلك نادرا مانجد ذلك.
ــ هل سبق ووصلت خلافاتك مع ناشر ما إلي ساحات المحاكم؟
لا لم يحدث ذلك اطلاقا، على الرغم من أني نشرت حوالي 30 كتابا سواء كتب ذات بعد ثقافي أو أدبي أو أكاديمي، لكن ما حدث هو العكس فقد تم سرقة أول كتاب أكاديمي لي من قبل أحد أعضاء هيئة التدريس في أحد كليات القمة في جامعة إقليمية وتم مقاضاته من قبل الناشر وانتهى الأمر بتعويض كبير للناشر، لكن المشكلة الحقيقية أنك لايمكن أبدا أن تضبطي مخزن الناشر، ولا طباعته، الأمر يحتاج لضبط من المطبعة أولا، وأن يقوم الناشرين بتسجيل عدد كتبهم والتحكم في سوق تزوير الكتاب، هناك مجموعة من الإجراءات الإدارية والقانونية التي يجب توفيرها للتحكم في ذلك، لكن قبل هذا وذاك يحب رعم سوق النشر، من خلال إزالة الحواجز الجمركية والضرائب ، كل دول العالم تفعل ذلك، حتى الدول النامية والفقيرة.
ــ هل قمت يوما بسداد كلفة نشر كتاب لك؟
نعم في البدايات الأولى هذا حدث أظن مرتان، وكانت الكتب روايات وكنت غير معروف، فدفعت قيمة رمزية فهم أي الناشرين تحملوا أيضا جزء من التكلفة، لكنه لم يتكرر بعد ذلك فعلى الأقل كان الناشر يستطيع بيع كتبي مما لا يحمله تكلفة عالية.
ــ ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟
أظن انني أقوم بتدريس مادة النشر لطلاب الدراسات العليا، وأقرأ كثيرا عن مهمة الناشر الأجنبي، من تصميم المتن و الغلاف حتى التسويق والحملات الإعلانية والمعارض، هذه أمور لا يقوم بها ناشرين عرب إلا بشكل نادر، وأغلبهم ليس لهم مواقع على الانترنت، ممكن أن يكتفي بصفحة على السوشيال ميديا، هذا غير كاف، ولا يملكون علاقات جيدة مع المكتبات، المشتري الحقيقي للكتب.
ــ في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟
صناعة النشر في مصر تدخل ما مقداره أقل من 7 مليون دولار سنويا، أي حوالي 200 مليون جنيه وهذا تصريح لأحد المسئولين الكبار في صناعة النشر في مصر، ورغم تفهمي لأسباب تراجع الصناعة، إلا أن الناشرين يحتاجون إلى دورات علمية مكثفة من أجل التعرف على الجوانب الخفية في صناعة النشر وبناء العلاقات مع الناشرين الأجانب وكيفية التعامل معهم وبناء الثقة، هذا أمر يتطلب جهودا عميقة وواسعة، التدريب لا يجب أن يكون موسمي، وحضور المعارض الدولية وضعي تحت الدولية عشرين خطا، وبناء العلاقات مع الناشرين الأجانب، وتعميق مفهوم تسويق الكتاب، والتعاون مع وزارات الثقافة على المستوى الدولي، من أجل الترجمة المشتركة وهو أهم عنصر في رأيي لنقل المعرفة بين الدول، ونحن تقريبا نقوم بهذا من جانب واحد، لكن لا برامج مشتركة للترجمة ونقل المعرفة بين مصر والدول العربية أو حتى الأجنبية.
للإجابة على سؤالك نعم ككل صناعة ثقافية في مصر صناعة النشر في تراجع، وإلا أين صناعة السينما والمسرح؟! ولتصحيح ذلك يجب أن تكون تلك الصناعات جزءا من السياحة نعم السياحة، وجزءا من التعاون الدولي، وجزءا من البيزنس العالمي في مجال الإنترنت.