حزب أصحاب المصلحة
فى ١٩٠٧ أسس أحمد لطفى السيد حزب الأمة كأول حزب حديث، وقال إن الحزب سيضم «أصحاب المصلحة»، وكان المعنى أنه سيضم الفئات التى استفادت من التطورات فى تلك الفترة.. الاستفادة هنا كانت عبارة عن نمو اقتصادى واجتماعى لبعض المصريين نتيجة إصلاحات معينة تم تطبيقها.. أفكر أن حزب «أصحاب المصلحة» فى عهد الرئيس السيسى ما زال غائبًا.. أصحاب المصلحة هنا هم الملايين الذين استفادوا من تطوير العشوائيات ومن مشروعات حياة كريمة.. مصريون كانوا يعيشون خارج حزام الاهتمام وتتركهم الدولة لظروفهم الصعبة والقاسية.. مدت الدولة لهم يدها وبنت لهم مساكن آدمية فى عشرات المواقع.. فى روضة السيدة، والأسمرات، وغيط العنب، وحدائق مايو، ومجرى العيون، و٦ أكتوبر، وغيرها كثير، قضت الدولة تقريبًا على ٤٣ منطقة عشوائية خطرة فى قلب القاهرة، وتواصل خطتها لتطوير المزيد من المناطق.. مواطنون لم ينالوا نصيبًا من الاهتمام من قبل لذلك كان بعضهم ضد كل شىء رسمى بما فيه جهود الدولة لمنحه حياة آدمية هو وأسرته.. لم تكتف الدولة بتوفير مساكن آدمية ولكن كانت هناك جهود للتنمية البشرية.. كان الهدف تنوير عقول هؤلاء المصريين الذين لم يمد لهم أحد يده من قبل، كانت هناك جهود مشكورة لوزارة التضامن، وقامت زائرات تابعات للوزارة باقتحام بيوت أهالى هذه المناطق لنشر الوعى بعشرات القضايا الاجتماعية، كان الهدف رفع مستوى هؤلاء المصريين الذين كانوا نهبًا إما للجريمة أو للتطرف.. كان هناك رهان على الأجيال الجديدة التى تم إنقاذ حياتها من الضياع.. ذهب أطفال العشوائيات للمدارس، وانضموا لمراكز شباب بنيت خصيصًا فى كل تجمع إسكان بديل بنى لسكان العشوائيات.. كانت هناك رحلات من أطفال هذه المناطق لقضاء يوم أو أكثر فى مقر اتحاد الشرطة الرياضى وممارسة أنشطة صعب جدًا أن يمارسوها بإمكاناتهم البسيطة.. ركوب الخيل مثلًا، أو السباحة.. إلخ، وهذا نشاط له معنى رمزى على مستويات متعددة، لا يخلو من جانب إنسانى لكنه أيضًا يزيل حواجز نفسية كبيرة طالما لعب عليها الإرهابيون، الذين ادّعوا أنهم الوحيدون الذين يهتمون بالفقراء فى مصر.. وللأسف كان ذلك صحيحًا جدًا فى زمن الرئيس مبارك.. إذا أردت أن تفهم سياسات الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى فاعكس كل سياسات الرئيس مبارك.. العب لعبة «معكوسة» التى كانت تصادف هواة حل الكلمات المتقاطعة فى الجرائد.. خذ عندك مثلًا الضجة التى تثيرها لجان الإرهابيين حول القيادات المحلية فى سيناء، وأقصد هنا أبناء القبائل الذين قدموا الغالى والنفيس فى الحرب ضد الإرهاب ووقفوا مع الجيش المصرى ظهرًا لظهر وكتفًا لكتف.. لماذا يصرخ الإخوان من محاولات دمج أبناء سيناء اقتصاديًا وجعلهم طرفًا فى عملية التنمية بالذات فى سيناء؟.. لأن بعض التقارير الدولية منذ ظهور الإرهاب فى سيناء عام ٢٠٠٤ كانت تقول إن عدم إدماج أهل سيناء اقتصاديًا من أسباب نجاح الإرهاب فى تجنيد بعضهم.. كانت التقارير تقول إن رجال الأعمال يأتون من القاهرة ليبنوا الفنادق والقرى ويستفيدوا بأرباحها وأهل سيناء محرومون من أى عوائد للتنمية، كانت التقارير تنمى إحساس المظلومية لدى أهل سيناء حتى يحقق الإرهاب مزيدًا من النجاحات، وكانت فى نفس الوقت تحاول إعطاء تبرير مقبول للإرهاب وقتل السائحين أمام العالم، وللأسف كانت حجتهم صحيحة رغم أنه لا يوجد أى مبرر للإرهاب، ولكنها حجة أشبه بقميص عثمان يرفعها الإرهابيون لتحقيق أهدافهم.. وبالتالى فعندما تدمج الدولة بعض رموز القبائل فى الأنشطة الاقتصادية فى القاهرة فهذا عين العقل وعين العدل وعين الأمن القومى.. إذ لماذا نقبل بسهولة أن يكون لدينا رجال أعمال من الزمالك ومصر الجديدة وطنطا وبنها وننزعج جدًا من وجود رجل أعمال أو أكثر من سيناء التى قدم أهلها كل شىء فى الحرب ضد الإرهاب؟.. لا يوجد أى مبرر للاعتراض سوى على موقع التغريدات تويتر، الذى أصبح يحمل اسم إكس.. لأن الإرهابيين يفهمون فائدة إدماج أهل سيناء فى التنمية للأمن القومى المصرى ويزعجهم ذلك.. بعيدًا عن هذا المثل.. ما زال لدينا مئات الآلاف من المصريين الذين تغيرت حياتهم للأحسن فى عهد الرئيس السيسى سواء على مستوى الحق فى السكن الذى كانوا محرومين منه فى العشوائيات، وفى قرى الريف المصرى التى غيرتها مبادرة «حياة كريمة».. تغيير السكن تبعه تواجد الخدمات التى طالما حُرم منها هؤلاء المصريون مثل الصحة والتعليم والخدمات الحكومية التى كانت عبئًا على المواطن وسببًا فى كراهية كثير من الناس للحكومة.. كل هذا تم تغييره بالفعل، لكن المستفيدين منه بعيدون عن وسائل التواصل الاجتماعى والترندات المتغيرة بين لحظة وأخرى والساحل الطيب والآخر الشرير، لذلك لا يسمع أحد صوتهم، رغم أنهم كتلة مؤثرة تغيرت حياتها بفعل سياسات وإنجازات الرئيس السيسى.. مفهوم طبعًا أن القانون لا يسمح بتأسيس أحزاب على أسس فئوية أو جغرافية، ولكن «أصحاب المصلحة» فى عهد الرئيس السيسى فئات متنوعة ما بين الريف والحضر وما بين المناطق المختلفة من الهجانة، وحتى سن العجوز، ومن منشية ناصر وحتى غيط العنب، ومن قرى الصعيد المنسى حتى قرى الدلتا التى دخلتها حياة كريمة.. لا يجب أن نستسلم لأكاذيب الصحافة الغربية التى تقول إن الرئيس لا تؤيده سوى القوات المسلحة المصرية وقطاعات النخبة فقط.. أصحاب المصلحة فى الحفاظ على الدولة المصرية بالملايين ويجب أن نسمع صوتهم.