أنا مش شبهك
أؤمن بأن تمكين المرأة المصرية للحصول على حقوقها ليس مهمة الرجل المصرى بالدرجة الأولى، ولكنه شأن خاص بالمرأة فى مدى قناعتها بنفسها، ومدى إيمانها بدورها الفعال فى المجتمع، ومدى استعدادها للتمكين للحصول على كامل حقوقها.
ولكنى أعتقد أيضاً، أن العديد من تلك الحقوق لا زالت مجرد حبر على ورق بسبب سيطرة العقلية الذكورية النفعية التى تتعامل بأقصى درجات تسليع المرأة بأشكل متعددة ومبتكرة.
لا يعنى مفهوم المساواة وقيمة العدل بين المرأة والرجل هو التساوى بالمعنى المفهوم كمياً أو حسابياً ورقمياً، فالمرأة ليست مثل الرجل، والرجل ليس مثل المرأة، ولن يكونا.
هناك اختلاف ضخم بينهما فى أسلوب التفكير وتحليل المشكلات ومعالجتها، واختلاف فى المشاعر والأحاسيس ومفهوم الحب والأمان والثقة. لكل منهما نظرته لنفسه وللحياة، فالمرأة تثق وتعطى الأمان لمن تحبه، فيكون هو كل حياتها وعالمها الذى تعيش وتفرح وتحلم معه، ولا تخونه. أما الحب عند الرجل فهو جزء من حياته، والمرأة التى تحبه هى جزء من وقته وتفكيره وأولوياته واهتماماته، وليس كلها مثلما هو عندها. وبالتالى، يمكن أن يخون ويتزوج أكثر من واحدة دون أى شعور بالمسئولية أو الالتزام لمن منحته حياتها وشبابها وعمرها ومجهودها وصحتها ووقتها.
المرأة ليست شبه الرجل، والرجل ليس شبه المرأة. فلكل منهما مميزاته وإبداعاته وسماته المميزة، وفى اختلافهما يكمن سر الاكتمال ببعضهما البعض.
أكتب هذه الحروف والكلمات والأفكار لمواجهة تراجع حقوق المرأة رغم تقنينها لتتحول إلى مجرد حبر على الورق، ويكفى زيارة واحدة لمحاكم الأسرة لنرى كيف يتم التحايل على القوانين للتنازل المرأة عن حقوقها برغبتها فى العلن أمام القضاء، وبإجبارها وتهديدها فى الخفاء إما بمقايضتها على حريتها أو الضغط عليها بمساومتها بالاحتفاظ بأطفالها فى سبيل التنازل عن حقوقها المالية القانونية عند أشباه الرجال أو من وصفته قبل ذلك بـ"دكر عويل".
سن القوانين والتشريعات لتمكين المرأة من الحصول على حقوقها هى خطوة رائعة، ولكن يتبقى فعلياً اتساق الإجراءات وآليات التنفيذ مع نص القانون حتى لا تترك المرأة باعتبارها الحلقة الضعيفة لأنانية العقلية الذكورية التى تستبيح أموال المرأة وميراثها باستغلال النصوص والفتاوى والأحاديث الضعيفة التى تكون على عكس القانون والهدف المرجو منه.
نقطة ومن أول الصبر..
ستستمر الحياة.. طالما آمن الرجل بالمرأة التى تحبه بأنها إنسانة مثلها مثله، ليست ناقصة عقل ودين، وتستطيع العمل والنجاح، ولن يصيب الويل المجتمع الذى ولاها شئونه.
الحياة ليست مساحة للصراع والصدام بين المرأة والرجل.
الحياة أنا وأنت، وليست أنا أو أنت.