"الأستاذ من جديد".. كتاب يبرز الأثر العميق لنجيب محفوظ في ثقافتنا
“الأستاذ من جديد” للكاتب الناقد سيد الوكيل، والكاتبة مرفت يس، عنوان واحد من الإصدارات المصاحبة لملتقى القصة، في دورته الثانية، والذي ينطلق يوم السبت المقبل ببيت السناري الأثري.
الكتاب صادر عن دار ميتابوك للنشر، بالتعاون بين موقع صدى ذاكرة القصة المصرية ــ منظمة الملتقى ــ والذي أسسه ويديره الناقد القاص سيد الوكيل.
في مقدمته للكتاب يقول الكاتب الناقد سيد الوكيل: نحرص في هذا الكتاب٬ علي أن يكون صوتا معبرا للمبدعين والنقاد والقراء٬ من جنسيات وأجيال ومراتب علمية مختلفة٬ لنبرز الأثر العميق لنجيب محفوظ في ثقافتنا٬ وأخيرا فهذا الكتاب٬ هو استخلاص لرؤي نقدية وشهادات٬ وترجمات٬ نشرت ألكترونيا ضمن ملف بموقع صدي ذاكرة القصة المصرية٬ أثر أولاد وأحفاد نجيب محفوظ أن يهدونه إليه في ذكري رحيله الرابع عشر ليحيا من جديد.
جاء كتاب “الأستاذ من جديد”، في ثلاثة فصول، بمشاركة عدد من الكتّاب والمبدعين من مصر والعراق والسعودية قدموا شهادات إبداعية حول علاقتهم بعالم محفوظ القصصي وشخصياته الروائية.
تضمن القسم الأول من الكتاب دراسات نقدية بعنوان “مداخل متنوعة إلى عالم نجيب محفوظ”. وكانت الأولى للدكتور حسين حمودة بعنوان زمكان الطريق... قراءة في روايات نجيب محفوظ التي لاحظ خلالها أن هناك شكلاً من أشكال الالتصاق النسبي بالمكان، الذي يتسم بنوع من الضيق إلى حد ما، في مقابل اتساع الزمن وامتداده ورحابته.
وقال “حمودة ” إن هذا المعنى يؤيده إلحاح هاجس «البيت القديم» في بعض روايات محفوظ، كما تؤكده كثرة تناوله لأماكن محددة، مثل الحارة، الزقاق، البيت، التي يسعى لاستكشاف كل منها خلال أزمنة متعددة.
وذكر “حمودة” أنه في عدد ملحوظ بين روايات محفوظ توجد مجموعة من الاستراتيجيات الفنية التي تنطلق من فكرة الخروج من المكان، وأحياناً الخروج عليه، ما يجسد تجارب متعددة تنبني على مفهوم يتصل بزمن الطريق ومكانه، أو زمكان الطريق، وهو ما يتضح في روايات الطريق 1964. واللص والكلاب 1961. والسمان والخريف 1962. والشحاذ 1966. وقلب الليل 1975، ورحلة ابن فطومة 1983، وجميعها تتمحور، بشكل واضح، حول تنويعات متعددة على زمكان الطريق
وفي دراسته حول المعنى الوجودي في رواية “قلب الليل” يرى الكاتب سيد الوكيل أن رحلة “جعفر الراوي” التي قطعها بحثاً عن ميراثه من جده في خان جعفر الذي صار وقفاً، فيما حفيده جعفر الراوي في مسيس الحاجة إلى مليم، والتي انتهت إلى ما بدأت منه حيث لا يقين ولا خلاص... المعنى المرجو منها هو أن تدرك بذاتك المفردة كنه ذاتك.
ومن جهتها، قالت الكاتبة العراقية أثير جليل أبو شبع، في دراسة بعنوان “النظرية النفسية لفرويد وانعكاسها في أعمال نجيب محفوظ - رواية السراب نموذجاً”، إن نظرية فرويد أثبتت أن الأطفال يقعون تحت تأثير ما يسمى الانفعال اللاواعي، ويحتفظون به حتى البلوغ، وهنا يقع الشخص بين صراعي الواقع والمتعة، “حيث يفرض الأول ذاته على النفس، ويؤدي المحيط الموجود حول الفرد إلى تحويل المتع الموجودة إلى نوع من الكبت”.
وذكرت أبو شبع أن نجيب محفوظ طبقاً لهذه الفلسفة قام ببناء شخصية كمال بطل روايته السراب وقد جعل اسمه ذا دلالة عكسية، كما هي عادته في أغلب أعماله، حيث يحمل الاسم نقيض أوصاف المسمى، فكمال ليس بكمال، بل شخص انطوائي خجول لا رغبة له بأي تجربة من تجارب الحياة، ولا تتعدى معرفته جدران بيته الأربعة.
وتضمن الفصل الثاني وعنوانه “أبناء وأحفاد في حارة نجيب محفوظ” شهادات ورؤى لعدد من الكتاب والأدباء، من بينهم الروائي طارق إمام الذي تركزت شهادته حول كتاب أحلام فترة النقاهة.
وكتبت عبير سليمان عن الرمز في قصص كتاب التنظيم السري، التي يشرح محفوظ من خلالها منهج العمل داخل تنظيمات جماعات الإسلام السياسي، ويقصد جماعة الإخوان المسلمين، وخططهم التي يضعونها في الخفاء، ويتكتمون عليها بسرية تامة. وقالت سليمان إن القصص تطل منها روح السخرية والتهكم التي تميز أسلوب محفوظ؛ حيث يمزج بين العلم والخيال، وبين البعد الإنساني والاجتماعي.
من جهته، ركّز الكاتب السعودي فهد العتيق حديثه على حارات نجيب محفوظ، وقال إن هناك حضوراً كبيراً للمكان، كما أن الرؤية الفلسفية أو السياسية في أدب محفوظ ليست تنظيرية أو مقحمة على النص، لكنها جزء من الموقف الاجتماعي والسياسي والأدبي في النص الروائي الذي يكتبه وجزء من نسيج البناء الموضوعي والفني للنص المتشكل من أسئلة الناس والحوار العفوي بين البشر.