ريم أبو عيد: عدم مهنية بعض الناشرين أدى لتراجع صناعة النشر (حوار)
ما بين أول الكتب المنشورة وصولاً لأحدثها، هناك حكايات عن رحلات الكتاب والمبدعين مع دور النشر، هناك صعوبات ومعوقات مع نشر العمل الأول، وهناك أيضا مشكلات متكررة ومتشابهة بين المبدعين ودور النشر، سواء فيما يخص تكلفة الكتاب، أو توزيعه، والعقود المبرمة بين الطرفين، أو حتى حقوق الملكية الفكرية وغيرها.
في سلسلة حوارات تقدمها “الدستور” يحكي الكتاب عن تجاربهم مع عالم النشر.
الكاتبة ريم أبو عيد عضو اتحاد كتاب مصر، روائية صدر لها روايات: "متروبول.. أنشودة الزمان والمكان" ــ رواية "على هامش العاصفة" ــ رواية "سان ستيفانو"، بالإضافة إلى دواوين شعرية من بينها: "ذات حلم"، "امرأة فوق العادة"، "حالة هذيان"، "كونشيرتو الحب والمطر"، وكتاب وثائقي تحت عنوان "على اسم مصر"، “ليل وناي وقمر” وغيرها.
ما الصعوبات التي صادفتك في طريق نشر كتابك الأول؟
لم تكن صعوبات نشر بقدر ما كانت ترددا بعض الشيء في اتخاذ قرار نشر أول مؤَلف لي، والذي كان ديوانا نثريا، كونها كانت التجربة الأولى بالنسبة لي، نشرت هذا الديوان في بلد عربي حيث كنت أقيم آنذاك والحمد لله حقق مبيعات جيدة إلى حد كبير، الأمر الذي شجعني على الاستمرار في الكتابة ونشر ما أقوم بكتابته إلى أن صدر لي حتى الآن ما يقارب من الخمسة عشرة مؤلفات تتنوع ما بين دواوين وكتب وروايات.
ما المشاكل التي واجهتك بخصوص النشر والملكية الفكرية؟
أكبر مشكلة في بداياتي كانت في إيجاد دار نشر ثقة تهتم بمؤَلفي اهتماما حقيقيا من حيث الطباعة والدعاية والتوزيع، ومن ناحية الأمانة أيضا في عدد النسخ المطبوعة وما تم بيعه منها، وهي مشكلات صادفتها بالفعل مع بعض دور النشر لذلك جربت التعامل مع أكثر من دار نشر حتى انضممت أخيرا لدار نشر عريقة وهي دار غراب للنشر والتوزيع التي يمتلكها ويديرها الأستاذ حسن غراب فلم أعد أواجه أي من المشكلات السابقة على الإطلاق وهو ما يميز هذه الدار عن الكثير من الدور غيرها حيث أنها تتعامل مع الكاتب باحترافية شديدة وتولي كتبه اهتماما بالغا كما أنها تنتقي بعناية فائقة الأعمال التي تقوم بنشرها حرصا منها على النهوض بالحركة الثقافية بوجه عام. أما بخصوص الملكية الفكرية فالمشكلة الوحيدة التي واجهتها هي إثبات ملكيتي الفكرية لروايتي متروبول التي تم سرقتها وتحويلها إلى مسلسل رمضاني عام 2018، وبعد عناء سنوات في أروقة محكمة القاهرة الاقتصادية استطعت الحصول على حكم نهائي أعاد لي حقي الأدبي والمادي.
كيف تواجهين هذه المشكلات مع الناشر وما أصعب موقف تعرضت له؟
جميع المشكلات السابقة التي ذكرتها والتي صادفتها مع أكثر من دار نشر واجهتها بإلغاء التعامل مع الدار. وبخصوص المواقف التي تعرضت لها مع دور النشر التي ألغيت التعامل معها لم تكن مواقف صعبة بقدر ما كانت مواقف ليست على القدر الكافي من المهنية من قبل الدار التي أنهيت تعاملاتي معها.
هل سبق ووصلت خلافاتك مع ناشر إلى ساحات المحاكم؟
لا لم تصل خلافاتي مع أي ناشر إلى ساحات المحاكم، فجميع الخلافات مع دور النشر التي أنهيت تعاملاتي معها تم حلها بشكل ودي. ولكنني بالفعل لجأت إلى رفع دعوى قضائية ضد من استولوا على روايتي متروبول وحولوها لمسلسل رمضاني عام 2018، واستمرت القضية متداولة في محكمة القاهرة الاقتصادية ما يقارب من الأربعة سنوات ونصف سبقها اجراءات أخرى في بعض الجهات المعنية، حتى صدر لي حكم نهائي بالحق الأدبي والمادي وذلك بتاريخ 23-2-2023.
هل قمت يوما بسداد كلفة نشر كتاب لك؟
نعم، كان ذلك في بداياتي منذ سنوات طويلة حين نشرت بعض الدواوين النثرية وهي عدد ثلاثة دواوين من أصل خمسة عشرة مؤلفا صدروا لي حتى الآن، وفيما عدا تلك الدواوين الثلاثة جميع مؤلفاتي تم طباعتها ونشرها على نفقة دور النشر التي كنت أتعامل معها، حتى يومنا هذا.
ما الذي حلمت به لكتاب من كتبك ولم يتحقق وتأمل أن تتداركه مع مؤلف جديد؟
الحصول على جائزة أدبية لأي رواية من رواياتي، أو تحويلها لعمل درامي وهو ما كنت بصدد تنفيذه فيما يخص روايتي متروبول حيث قمت بكتابة سيناريو فيلم سينمائي لها وتعاقدت مع شركة إنتاج ولكن تم تعطيل التنفيذ بسبب ما تعرضت له من سرقة للرواية والسيناريو. هذه الأحلام ما زالت قائمة وأتمنى أن تتحقق ذات يوم، ولكن أكف أبدا عن التمني والسعي.
في رأيك صناعة النشر في تقدم أم تراجع؟
صناعة النشر في تراجع مع الأسف الشديد جدا، وذلك لعدة عوامل منها ارتفاع أسعار الورق وتكلفة الطباعة، وتحول عدد كبير من الأجيال الجديدة لقراءة الكتب الإلكترونية. بالإضافة إلى عدم مهنية البعض ممن اقتحموا هذا المجال حديثا والذين يهدفون إلى الربح المادي فقط دون النظر إلى مستوى العمل المنشور وما إذا كان يمتلك بالفعل أدنى مقومات العمل الثقافي أو الفكري أم لا، هذه الفئة من الناشرين الجديد أثروا سلبا على صناعة النشر بدلا من العمل على تقدمها وإثراء الحركة الثقافية. أيضا ما شاب المهنة والوسط الثقافي عموما في الآونة الأخيرة من مجاملات البعض للبعض الآخر والشللية وما شابه، الأمر الذي أثر سلبا أيضا على الحراك الثقافي برمته، وأدى إلى تراجع الثقافة بوجه عام.