"الخوف يمكن أن يكون وقائيًا أو مُقيدًا".. قراءة في كتاب "الضوء الذي نحمله" لميشيل أوباما
تصدر كتاب "الضوء الذي نحمله"- The Light We Carry، للكاتبة ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، بمجرد صدوره، نظرًا لأهمية المذكرات الملهمة التي قدمتها السيدة الأولى السابقة، حيث تتحدث في كتابها عن تجاربها وتقدم للقراء الحكمة العملية واستراتيجياتها في الحياة للبقاء في تفاؤل وتوزان في عالم غير معلوم.
ولهذا نقدم لكم قراءة في كتاب ميشيل أوباما "الضوء الذي نحمله"
يستند الكتاب إلى مجموعة من الممارسات لمساعدتك على البقاء هادئًا ومتفائلًا، استنادًا إلى حياة ميشيل أوباما كامرأة وأم ومحامية وابنة وزعيمة والسيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة.
فقد لا تكون هناك حلول مرتبة أو إجابات بليغة لتحديات الحياة الكبيرة ، لكن ميشيل أوباما تعتقد أنه يمكننا جميعًا تحديد مجموعة من الأدوات والاعتماد عليها لمساعدتنا على اجتياز التغيير بشكل أفضل والبقاء ثابتين في ظل التغير، وفي كتابها "في الضوء الذي نحمله" تفتح ميشيل حوارًا صريحًا وصادقًا مع القراء، مع الأخذ في الاعتبار الأسئلة التي تدور في أذهان الكثير من الناس مثل: كيف نبني علاقات دائمة وصادقة؟ وكيف نكتشف القوة والمجتمع داخل اختلافاتنا؟ وما هي الأدوات التي نستخدمها لمعالجة مشاعر الشك في أنفسنا أو العجز؟ ماذا سنفعل عندما يباغتنا كل شعور أكثر من اللازم؟
تقول ميشيل أوباما في كتابها: "عندما نكون قادرين على التعرف على نورنا، نصبح قادرين على استخدامه"، تُوفي والد ميشيل أوباما عندما كانت تبلغ من العمر 27 عامًا فقط، كان مرضه عبارة عن مرض التصلب المتعدد، والذي أدى ببطء إلى تآكل وظائفه الجسدية والعقلية، فكانت ميشيل وعائلتها في يتأقلمون مع مرض والدهم منذ فترة طويلة، لكن حينما واجهوا هذه الخسارة الفادحة، كان هناك حاجة إلى نهج جديد.
فكان على ميشيل التغلب على كل هذا، ليس بروح "الهزيمة" ولكن بـ "المثابرة"، كما تتذكر أوباما أيضًا بداياتها المتواضعة على الجانب الجنوبي من شيكاغو، وهي تكافح أثناء دراستها في كلية الحقوق، وحتى أصبحت السيدة الأولى للولايات المتحدة، خلال هذه المدة الطويلة طورت أوباما مجموعة من أدواتها لمساعدة نفسها في الحفاظ على توازنها وثقتها وتقدمها إلى الأمام حتى في أصعب الأوقات.
ومن خلال عدة دروس حياتية، أشارت أوباما في كتابها عن نوعين هناك نوعان من الخوف، الطبيعي الذي يحمينا، والخوف الثاني الذي يقوضنا ويقيدنا، فهل تريد حمل نورك بغض النظر عن مدى الظلام الذي يحيط بالعالم؟ كيف؟
الخوف يمكن أن يكون وقائيًا أو مقيدًا
عندما أخبر باراك أوباما زوجته ميشيل لأول مرة أنه يريد الترشح للرئاسة، كانت قلقة جدًا، وكانت ميشيل تعلم أن زوجها سيكون قائدًا مهمًا، لكنها أحبت الحياة التي عاشوها لأنفسهم في شيكاغو، مع ابنتان، وحياة مهنية ممتازة، وعلاقة مستقرة، ولكن فكرت أنه "حملة رئاسية" ستقلب كل هذا رأسا على عقب.
احتدم النقاش بينها وبين "عقلها المخيف" كما تسميه، وفي النهاية، علمت ميشيل أوباما أن هناك نوعين من الخوف: الأول هو خوف وقائي، وهو عقلاني ويحميك في الواقع من التهديدات الحقيقية ، مثل غريزة الإنحناء بمجرد سماعك صوت مريب في الغابة، فقد يمنعك هذا الخوف من أن يأكلك الدب.
والثاني هو الخوف المقيِّد، وهو خوف غير منطقي ويحد من إمكاناتك، مثل الخوف الشديد من حصولك على تعليقات سيئة على أول مقال تنشره على الإنترنت بحيث ينتهي بك الأمر بعدم نشره أبدًا.
وفي البداية، رأت ميشيل أوباما أن خوفها كان وقائيًا، قائلة لنفسها: "أنا أحمي الحياة التي بنيناها من الحياة العامة، والضرر المحتمل للسمعة، والمخاطر المالية."
ولكنها في النهاية، أدركت أن خوفها كان "مقيدًا" فقد كانت خائفة من "التغيير"، ولكنها جربت التغيير عدة مرات في الماضي، وعادة ما تكون للأفضل، مثلما قررت أن تصبح أم، على سبيل المثال، فقد كان في البداية قرارًا مخيفًا، لكنه تحول في النهاية إلى تجربة إيجابية، حسبما تقول.
فتغلبت ميشيل أوباما على خوفها ووافقت على ترشح زوجها للرئاسة، وبعد عامين، دخلوا التاريخ .
تنفس وفكر.. وخطط
وتشير ميشيل أوباما في كتابها إلى أنه لكي نعيش بشكل أفضل على الرغم من مخاوفنا، يجب علينا أولاً تحديدها، ولكن نظرًا لأن المخاوف غالبًا ما تكون خفية، فإن القول أسهل من الفعل، فتذكر ميشيل في كتابها من تراجع ترامب عن فعل الكثير مما أنجزته هي وباراك أوباما في أمريكا، إلى وباء Covid-19 إلى مقتل جورج فلويد- الأمريكي من أصول أفريقية، كما كانت لدى أوباما الكثير من لحظات الخوف الشديدة في حياتها المهنية بعد البيت الأبيض.
ففي مثل هذه اللحظات، يمكنك استخدام طريقة من ثلاث خطوات لفهم ما يجري، كما نصحت ميشيل أوباما قرأها بهذه النصائح: تنفس، فيمكن لبعض الأنفاس العميقة والمتوازنة أن تحدث فرقًا كبيرًا، الفكرة هي أن تهدأ وتبتعد قليلاً عن خوفك حتى تتمكن من التفكير بشكل صحيح ، ثم فكر، فإن المعرفة قوة، خمس دقائق من التفكير في مصدر الازعاج كفيلة أن تبدد خوفك، وابدأ بعدها في وضع خطتك، فتصف ميشيل بأن: "المشاعر ليست خططًا، لكن بالخطط نستطيع التحكم في عواطفنا"، وإذا كان خوفك وقائيًا وحقيقيًا، فما الاحتياطات التي يمكنك اتخاذها في حالة حدوثه؟ أما إذا كان خوفك مقيدًا وغير منطقي، فكيف ستمضي قدمًا على الرغم من هذا الخوف؟
وتضيف أوباما، أن الخوف يمكنه أن يؤثر على الجميع، من الأطفال إلى أصحاب الملايين إلى الرؤساء والسيدات الأوائل، ولكن إذا أخذنا الأمر بترّوي، وحددنا مخاوفنا، وخططنا لحياتنا، فلا شيء يمكن أن يمنعنا من نشر "الضوء الذي نحمله".