الشريرة.. وحقوق الإنسان!
صفة «الشريرة» أطلقتها وكالة أنباء كوريا الشمالية الرسمية على جولى تيرنر، المبعوثة الأمريكية الخاصة الجديدة لحقوق الإنسان فى البلاد، وقالت إن إدارة بايدن اختارتها لكونها «خادمة سياسية» تتقن شن الهجمات غير المبررة، كما اتهمتها بأنها تلجأ إلى «التشهير»، واعتادت الافتراء على الدول والتدخل فى شئونها الداخلية، ورأت أن تعيينها فى هذا المنصب يؤكد سياسة واشنطن العدائية تجاه بيونج يانج.
ظل منصب المبعوث الأمريكى الخاص لحقوق الإنسان فى كوريا الشمالية شاغرًا لأكثر من ٦ سنوات، وكان آخر مَن شغله هو روبرت كينج، الذى كان كبير الموظفين الديمقراطيين فى لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب، والذى انتشرت تقارير، فى ديسمبر ٢٠١١، تفيد بأنه كان على وشك التوصل لاتفاق بين واشنطن وبيونج يانج، إلا أن وفاة زعيم كوريا الشمالية السابق كيم يونج إيل، عرقلت ذلك الاتفاق!
لم يكن هذا المنصب موجودًا، إذن، فى عهد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، الذى عقد ثلاثة لقاءات تاريخية مع رئيس كوريا الشمالية، كيم جونج أون، وتعهّد، سنة ٢٠٢٠، خلال حملته الانتخابية، بأن يعقد اتفاقًا «قريبًا جدًا» معه إذا أعيد انتخابه، وأشاد بما حقّقته إدارته فى هذا الملف، وأشار إلى أن كيم رفض لقاء الرئيس الأسبق باراك أوباما، وبايدن، الذى كان نائبًا له، ما جعل الأخير، يقول، خلال مناظرة تليفزيونية، إن ترامب «تحدّث عن الديكتاتور الكورى الشمالى كما لو أنه صديقه الصدوق، فى حين أنه بلطجى».
المهم، هو أن جولى تيرنر، المديرة السابقة لشئون منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بوزارة الخارجية الأمريكية، رشحها الرئيس جو بايدن لتولى منصبها الجديد، فى يناير، ووافق الكونجرس على تعيينها أواخر الأسبوع الماضى، وهو القرار الذى استنكره متحدث باسم «جمعية دراسات حقوق الإنسان» فى كوريا الشمالية، واصفًا «تيرنر» بأنها «امرأة شريرة»، اكتسبت شهرتها من خلال «التشهير» بقضايا حقوق الإنسان و«الإدلاء بتصريحات حادة ومذمومة» عن بلاده. وقال المتحدث، فى بيان نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية، إن «تصريحاتها العبثية ليست سوى ترهات شخص لا يعرف مفهوم حقوق الإنسان، وتجسّد العادة الأمريكية السيئة، والراسخة، التى تستمتع بالافتراء على الدول ذات السيادة والتدخل فى شئونها الداخلية».
تقرير الخارجية الأمريكية الأخير حول حقوق الإنسان فى العالم، اتهم كوريا الشمالية بحظر كل أنواع المعارضة، وتنفيذ إعدامات علنية، وتجويع وإجبار السجناء على العمل القسرى. وحسب مذكرة عرضتها خلال اجتماع غير رسمى لمجلس الأمن، فى مارس الماضى، رأت الولايات المتحدة أن بيونج يانج «زادت من جهودها فى قمع الحريات الأساسية والتدفق الحر للمعلومات»، وزعمت أن هناك «تقارير عن آلاف الاعتقالات الجديدة»، وادّعت أن «انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان فى كوريا الشمالية تهدد السلم والأمن الدوليين، وترتبط مباشرة ببرنامجى أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية غير القانونيين».
فى المقابل، ترى كوريا الشمالية أن «حملة الضغط على قاعدة حقوق الإنسان، التى تشنّها الولايات المتحدة، بمثابة انتهاك صارخ لسيادتها، وتحد خطير لكرامتها». وتعقيبًا على اجتماع مارس، قالت البعثة الدائمة لكوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة، فى بيان، إن «ما يستحق أن يقوم مجلس الأمن بمناقشته ومحاسبة مرتكبيه، هو فظاعة ممارسات الولايات المتحدة ضدّ الإنسانية، وقيامها بغزو دول ذات سيادة، وذبحها المدنيين الأبرياء، فى انتهاك صارخ للقوانين الدولية المقبولة دوليًا، بما فى ذلك ميثاق الأمم المتحدة». وطالبت الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بأن «ترفض رفضًا قاطعًا سياسة التسييس والتمييز والانتقائية لحقوق الإنسان»، وبأن ترفع أصواتها للمطالبة بالعدالة ضد الجرائم التى ترتكبها الولايات المتحدة وأتباعها، بذريعة حقوق الإنسان.
.. وتبقى الإشارة إلى أن وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية كانت قد وصفت الرئيس الأمريكى جو بايدن بأنه يجسّد «آخر مرحلة من الخرف»، واستعرضت «سقطاته وكلماته الوقحة وتعليقاته المتهورة تجاه النساء»، ورأت أنه مثل «الكلاب المسعورة، يمكن أن تؤذى كثيرين حال تركها حرة، لذلك يجب ضربها بالعصىّ حتى الموت»، مؤكدة أن «القيام بذلك سيكون مفيدًا للولايات المتحدة»!