في ذكرى وفاته.. من هو خوري أرس المعترف؟
تحتفل الكنيسة المارونية اليوم الجمعة، بذكرى رحيل خوري أرس المعترف.
ووُلِدَ جان ماري فيانّيه في بلدة دارديّي الصغيرة في 8 مايو 1786 من عائلة قرويّة فقيرة مادّيًا، لكنّها غنيّة بالإنسانيّة والإيمان.
اقتبل العماد، كما كانت العادة في ذاك العصر، يومَ ولادته، وكرَّس سَنوَات صِباه ومُراهقته للعمل في الحقل ورعاية الحيوانات، حتّى أنّه كان لا يزال أُميًّا في السابعة عشر من عمره.
سيمَ شمّاسًا في 23 يونيو 1815، وكاهنًا في 13 أغسطس التالي، وأظهر القديس خوري آرس دومًا اعتبارًا كبيرًا لِلعطيّة التي تلقّاها.
ومنذ صِباه أسرَّ إلى والدته: “إن كنتُ كاهنًا، وددت أن أجذب نفوسًا كثيرة”، وفي 9 فبراير 1818 وصل الى آرس حيث عيّنه الأسقف كاهناً لهذه الرّعيّة الصغيرة، حيث سوف يبقى لمدّة 41 سنة، ولن يتركها إلاّ ساعة الإنتقال الى بيت الآب.
واستطاع هذا الكاهن المجهول القادم من قرية مُنعزلة في جنوب فرنسا في خدمته الرعويّة البسيطة والخصبة بِشكلٍ عجيب، أن يتماهى مع خدمته حتّى أصبح، بِشكلٍ مرئيّ يعترف به الجميع، "مسيحًا آخر"، وعلى مِثال الراعي الصالح، فقد بذل نفسه على مدى عقود خدمته الكهنوتيّة. فقد كانت حياته تعليمًا مسيحيًّا حيًّا، تَكتسِب فعاليّة خاصّة حين كان يراه الناس يحتفل بالقداس، ويقف مُتعبِّدًا أمام بيت القربان ويمضي ساعات عديدة في كرسي الاعتراف. توفي الساعة الثانية ليلاً من يوم 4 اغسطس 1859.
وبهذه المناسبة القت الكنيسة عظة احتفالية قالت فيها:
قالَ لي الله: لا يستطيعُ أحد أن يفلتَ من يديّ. لأنّي "أَنا هُوَ ٱلكائِن" أمّا أنتم، فلَستم كائنين بحدّ ذواتكم، أنتم كائنون بقدر ما أنا صَنعتُكم. أنا خالق كلّ الأشياء التي تشاركُ في الكيان، ما عدا الخطيئة التي ليسَتْ كائنةً، وبالتالي لستُ أنا خالقَها. وبما أنّها ليسَتْ فيّ، فهي ليسَتْ أهلاً لأن تُحَبّ. فالإنسانُ لا يهينُني إلاّ بقدر حبّه لما يجب ألاّ يُحِبّ، أي الخطيئة... يستحيلُ على البشر أن يكونوا خارجًا عنّي. فإمّا يمكثون فيّ، وفي قبضة العدالة التي تجازي أخطاءَهم، أو يمكثون فيّ تحت حماية رحمتي. افتَحي عينَ ذكائكِ وانظري إلى يدي. سترينَ أنّي قلتُ لكِ الحقيقة.
لذا، فتحْتُ عينَ نفسي طاعةً للآب القدير، ورأيتُ الكون كلّه محتجزًا في هذه اليد الإلهيّة. وقالَ لي الله: يا ابنتي، انظري الآن واعلَمي أنّ أحدًا لا يستطيع أن يفلتَ منّي. فالجميع هنا في قبضة العدالة أو الرحمة؛ فهم لي، أنا خلَقتُهم، وأحبُّهم حبًّا لا متناهيًا. مهما كان شرّهم، سأرحمُهم من أجل عبّادي، وسأستجيبُ لصلاتِكِ التي رَفعتِها بهذا الحبّ وبهذا الألم الكبيرين.
عندئذٍ، كانَتْ نفسي مُشتعلةً بحرارة توقِها العظيم، وكأنّها سكرى وخارجة عن ذاتِها، وكانَتْ تشعرُ بالسعادة وبالألم في آنٍ واحدٍ. سعيدةٌ لاتّحادِها بالله، مُتذوِّقةً صلاحَه وفرحَه وغارقةً في رحمتِه. متألّمةً أيضًا، لرؤية هذا الصلاح مُهانًا.