محاولة أخرى لتعطيل مصر
لو لم يكن ما نفعله فى مصر خطيرًا لما حاولوا منعنا من إتمامه.. كان هذا هو الانطباع الذى قفز لذهنى وأنا أقرأ عن محاولة إسرائيل إنشاء قطار كهربائى سريع.. يربط- بالصدفة -بين البحر الأبيض والبحر الأحمر، ويحاول منافسة قناة السويس أولًا ومشاريع النقل المصرية ثانيًا.. الخبر على عهدة موقع روسيا اليوم الذى كتب تقريرًا بعنوان «إسرائيل تسخن محركاتها ضد مصر.. مشروع إسرائيلى يوجه ضربة لقناة السويس ويصل للسعودية!» فى التفاصيل يقول الخبر إن الحكومة الإسرائيلية وضعت القطار فائق السرعة مرة أخرى فى صدارة اهتماماتها لينافس قناة السويس التى تدر على مصر دخلًا بنحو تسعة مليارات دولار سنويًا، وإن هذا ما قالته افتتاحية مجلة إسرائيلية عسكرية تدعى «إسرائيل ديفينس» أو دفاع إسرائيل التى تصدر عن الجيش الإسرائيلى.. وحسب محرر التقرير الإسرائيلى فإن تل أبيب «تسخن المحركات ضد مصر» وتعمل الحكومة الإسرائيلية على منافسة عائدات قناة السويس بخط سكة حديد سريع يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط.. سيسير القطار من إيلات على البحر الأحمر إلى حيفا أو عسقلان على البحر الأبيض، حيث تحمل السفن البضائع لأوروبا.. وحسب توقع محرر التقرير فإن هذا القطار سيلحق ضررًا هائلًا بالمصريين، حيث سيكون منافسًا قويًا وحيًا للإيرادات المرموقة التى تحققها قناة السويس.. يقول التقرير إن قناة السويس مهمة جدًا لمصر وإنه يتم حاليًا الانتهاء من مشروعات لتوسعة القناة وزيادة قدرتها.. ويقول محرر التقرير إن ١٢٪ من التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، وهو ما يمثل ٣٠٪ من إجمالى حركة الحاويات والسلع العالمية التى تقدر بتريليون دولار سنويًا.. يقول التقرير إن قناة السويس حققت إيرادات ٩٫٤ مليار دولار فى هذا العام بزيادة ٢ مليار دولار عن العام السابق، وإنها تشكل ١٠٪ من إجمالى إيرادات مصر السنوية.. بحسب التقرير فإن الحكومة الإسرائيلية تريد إحياء مشروع القطار كمسار أرخص للتجارة العالمية.
وذكر التقرير أن مشروع القطار له عيوب واضحة بالمقارنة بقناة السويس، حيث يتم نقل الحاويات بالبر ثم بالبحر وبالبر مرة أخرى عكس الوضع فى قناة السويس التى يمكن ضبط مواعيد المرور فيها بالساعة وتتوقف السفن العابرة لها فى كل موانئ العالم وفق مواعيد محددة.. يقول التقرير إن مشروع القطار الإسرائيلى تم تأجيله أكثر من مرة خوفًا من رد فعل القاهرة، لكن مؤخرًا تبنت وزيرة يمينية المشروع بمساندة من رئيس الوزراء نتنياهو.. بينما أعلنت الحكومة عن أنه تم توفير ميزانية لمدة عامين للبدء فى المشروع! ولفت محرر التقرير إلى أن السلام مع مصر يوفر لإسرائيل أموالًا أكثر من تلك التى يمكن أن تجنيها من مشروع القطار، حيث إن تكلفة التوتر على الحدود عالية للغاية على حد تعبيره.. ومضى يشرح: حتى لو افترضنا أن إسرائيل ستربح مليار دولار أو اثنين من القطار.. لكنها ستخسر أكثر من التوتر مع مصر وطالب المحرر وزارة الخزانة الإسرائيلية بأن تحسب هذه التكاليف ضمن تكلفة المشروع.. وقال التقرير إن بنيامين نتنياهو تحدث فى مجلس الوزراء عن مشروع قطار يصل من السعودية إلى إسرائيل.. انتهى نص التقرير الذى لم يتحدث بشكل مباشر عما إذا كانت أطراف عربية ستتكفل بتمويل القطار الإسرائيلى أم لا.. ولكن النظرة التحليلية تقول إن المشروع ربما يكون إحدى أوراق التطبيع بين إسرائيل وبعض الأطراف العربية، أو أحد مشروعات التعاون المشترك بينهما.. من الناحية السياسية والأمنية ليس لدىّ أدنى شك فى قدرة الدولة المصرية على التعامل مع مثل هذه التحديات بالطرق المناسبة لها.. ومن الناحية العملية فقد سألت الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، فقال إن كل بدائل قناة السويس فاشلة من الناحية العملية، وإنها لا تستطيع منافسة القناة من حيث الجدوى والتكاليف.. ومن ناحية المشاريع فهناك أكثر من مشروع على الورق تبدأ كلها من الخليج العربى ويفترض أن يعبر فيها القطار إما العراق وتركيا أو إسرائيل نحو أوروبا، وهى كلها مشاريع لا تثير القلق وإن كانت تدعو للانتباه أولًا وتعود بنا للواقع المصرى ثانيًا، فهى تعود بنا لمشروع حفر وتوسعة القناة الجديدة الذى واجه معارضة وتشويهًا من لجان الإرهاب، وها هى الأيام تثبت لنا جدواه وضرورته وإشادة المنافسين وربما الأعداء به.. وتعود بنا هذه المشاريع أيضًا لمجمل مشاريع تطوير وسائل النقل المصرية التى تهدف لربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط والتى ننفذها بالفعل ونستعد للانتهاء منها.. فى حين يفكر فيها المنافسون الآن ويستعدون لتنفيذها غدًا وبعد غد.. تقودنا أخبار هذه المشاريع المتتالية والمتنافسة للتساؤل عن حالة قلق بعض الأطراف من مشروع النهضة المصرى ومحاولة تعطيله أو خلق مشاريع منافسة لجوهر المشروع أو لأحد محاوره المهمة وهو تحويل مصر لمركز لوجستى عالمى وهل ميلاد كل هذه المشاريع وتوافر التمويل الفورى لها هو من قبيل الصدفة؟ بالنسبة لى فإن كل هذه علامات على أننا سائرون على الطريق الصحيح وليس علينا سوى أن نصبر ونواصل.