"بروفة جنرال".. في وداع البهي فاروق الفيشاوي
بروفة جنرال.
بكل وجع، أتذكره اليوم، وهو الذي لا ينسى عشرة، عامين كمساعد مخرج ثالث لمسرحية (أولاد ريا وسكينة) كنت أناديه، للنزول وترك غرفته والدخول على “ لازمات حوارية" ليدخل بجلال وعصابية ما صوب إستكمال، دوره في النص المسرحي، ثلاثين عامًا من، اللقاءات والحوارات، بعيداً عن النشر، والذي كان يقلقه كثيرا، كانت المتابعة له، عن كثب، بكيت اليوم في صمت وقت أن تذكرت صديقي العظيم الفنان / الممثل فاروق الفيشاوي والتي توافق ذكرى رحيله الرابعة .
الفيشاوي. دارس الفلسفة في كلية الآداب والقارئ لمئات النصوص الروائية والأدبية والفلسفية ووحش المسرح والمنتج الحاذق لفيلم يروق لي كثيرًا في خروجه من عوالم وظلال محمد خان " مشوار عمر"، كان حلمًا للفيشاوي لاستكمال ماهية الإنتاج كرجل يحب الأفكار الجديدة والغرائبية منحازًا لها ومشجعًا لكل موهبة في الكتابة ليس كعاشق للسينما فقط بل كمجذوب لكل جمال في الفن.
وكان محمد شرشر رحمه الله في العام 1990 هو الذي وفّق بيني وبينه، أو صالحنا، بعدما غضب مني بشدة نتيجة ماكتبته في جريدة الوفد في صفحة نجوم وفنون عن أن الخلاف بين الفيشاوي وسهير رمزي هو سبب الإقبال على عروض"أولاد ريا وسكينة"على مسرح الهوسابير، غضب شهرًا دون حتى التفكير في مراجعتي، وكان من الممكن في لحظة أن يطردني خارج الكواليس أو المسرح كله. لم يعاتبني سوى بعد مرور شهر ونصف:"انتبه انت لسه صغير ولسه المستقبل طوييل قدامك، شغلك هنا مالوش علاقة بالجريدة اللي بتشتغل فيها".
ولكنه فاروق البهي الرائع الصامت دومًا في تريث حتى يخترق الكواليس فتسقط الحوائط كلها، ويهتز، وهو يؤدي دوره، ببراعة وشياكة الجنتلمان المجرد، في زمن لم يكن قد أرخى سدوله بعد عن معارك درامية وحكائية ميلودرامية تجري كل يوم على خشبة المسرح الخاص ليصنع معان عديدة للبهجة والفرح، ليرى الناقد الذي يهمه أولًا وأخيرًا متابعة النجوم الكبار، نجوم السينما وكيف يؤدون على المسرح.
مثّل الفيشاوي وأجاد وتقلّب بين الملهاة والمأساة والفارس الجانح، الجارح، المعتلي الإستيدج المسرحي بثقة تكاد تصل حد الحذاقة، في حضور البروفة الجنرال، صفّق له، نور الشريف وبوسي ونجاح الموجي وسيد راضي مخرج العرض وحسن عبد السلام وقتما احتضنه الممثل العتويل حسن حسني.
لم أكتب من أجل ملامسة شيء ما واقعي بقدر تعبيري عن حب وحزن تملكني منذ الصباح عندما صمتُّ وبدأت في اجترار سيرته وملامحه كـ جان، بل جان بريميير، ذكي، ونابة و جميل..كيف كان القدر والحكمة والظروف عظيمة لمعرفة فنان في رهافة وجدّة وحدة وطيبة البهي فاروق الفيشاوي الذي لم يتخاذل حتى فيما يخص موقفه السياسي وموقفه من كامب ديفيد معروف.
رحمك الله أيها الباقي بكل مافيك، حتى برقة عينيك وقت تخاذل الصحاب بعيدًا عن اللوكيشن وخشبة المسرح..قريبًا جدًّا من حياة. محمد فاروق فهيم الفيشاوي، أو فاروق الفيشاوي، من مواليد برج الدلو/ الطيب، في الخامس منه_ من العام 1952 وتوفي في الخامس والعشرين من يوليو 2019.