" مبادرة وعى "
وكم كانت سعادتى عندما علمت بذلك التحرك الذى قامت به وزارة التضامن الاجتماعى مؤخرًا بالتنسيق مع الهيئات الدينية، متمثلة فى مبادرة تحمل اسم "وعى" باعتبار أن قضية الوعى من القضايا التى يجب أن نتبناها بحسبانها قضية فكر ومعرفة صحيحة لبناء الإنسان وليست مجرد تغيير فى المفاهيم الدخيلة على مجتمعنا...حيث إنها تأتى للنهوض بالعقول والثقافة للأجيال القادمة ودعم تفاعلها مع قضايا وطنها فيما تبذله الدولة من جهد من أجل أن يصبح الإنسان شريكًا حقيقيًا فى تنمية مجتمعه...وجاءت استعانة وزارة التضامن الاجتماعى برجال الدين لما لهم من قوة تأثير ولما يمثلونه من قواعد وثوابت من الثقة لتغيير الأفكار والقناعات خطوة فى منتهى التوفيق، خاصة أن القيم والمبادئ التى تحملها مبادرة"وعى" متأصلة ومترابطة مع جميع القيم الإنسانية التى تحث عليها الشرائع السماوية الإسلامية والمسيحية.
وبمراجعة برنامج مبادرة "وعى" تبين أنها تتكون من 12 رسالة تهدف إلى تحسين الممارسات الإيجابية وتتصدى للأفكار والمعارف السلبية وتهتم بكافة جوانب حياة الإنسان بما فيها حقوق المعاقين وصحة المرأة والطفل والتربية الإيجابية وإعلاء قيمة التعليم وحماية الشباب والنشء من العادات الخاطئة ومحاولات التأثير على تفكيره من خلال بث الأفكار الهدامة والإغراء المستمر للانغماس فى مستنقعات الأفكار المتطرفة وتسهيل أفكار تعاطى المخدرات والهجرة غير الشرعية وغيرها من الموبقات التى تؤثر على كيان المجتمع من الداخل....ومن هنا جاءت أهمية التعاون مع رجال الدين بل ومشاركة الواعظات أيضًا لما لهن من دور قوى فى تصحيح المفاهيم من أجل حياة أفضل لمختلف فئات الشعب، خاصة الفئات المهمشة.
كان فى استجابة المؤسسات الدينية المختلفة، سواء الإسلامية أو المسيحية، لتلك المبادرة دليل واضح على شعور المسئولين عنها بأهمية دورهم التوعوى وبخطورة تسلل الأفكار الهدامة لعقول الشباب من أبناء جيل المستقبل حيث أكد الجميع أن تلك المبادرة يجب أن يكتب لها النجاح وأن جميع المؤسسات لن تألوا أى جهد لإنجاحها وهو ما شهدته ورش العمل والاجتماعات المكثفة بين رجال الدين الإسلامى والمسيحى والتى وجدت توافقًا كبيرًا بينهم وذلك لحماية الأسرة المصرية، أيًا كانت ديانتها وتنمية الإنسان فى جميع المجالات ونبذ الأفكار والممارسات المجتمعية السلبية....كما أكدت تلك اللقاءات أن الهدف الرئيسى من مبادرة "وعى" هو الإنسان بجميع مكونات حياته الصحية والتعليمية والثقافية وحقوقه وواجباته تجاه وطنه، وبالتالى فإن الجهود المستمرة من الدولة باستخدام جميع أدواتها وتشابك جميع المؤسسات الدينية فى قضية الوعى أمر غاية فى الأهمية، خاصة فى تصحيح العديد من المفاهيم التى يكون لها تأثيرات سلبية على المجتمع.
وتكمن قوة وتأثير تلك المبادرة، كما سبق أن أشرنا، في مشاركة رجال الدين المسلم والمسيحى وسوف يظهر هذا التأثير جليًا فى المحافظات والمراكز والقرى، حيث يعرف هؤلاء كل العائلات فى محيط أماكن تواجدهم ويفهمون احتياجاتهم وبالتالى فإن التواصل المباشر معهم يكون أكثر تأثيرًا وقوة وبالتالى يحقق الأهداف المطلوبة منهم خاصة فى القضايا المهمة وذات الحساسية مثل الطائفية والقبلية.
يبقى هنا ضرورة الإشادة بتلك الجهود الكبيرة التى تقوم بها الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، ورؤيتها الصائبة فى التنسيق مع المؤسسات الدينية المختلفة الإسلامية والمسيحية والتى تضم الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف والكنائس المصرية الثلاث وهى الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية فى مبادرة "وعى" لما تمثله كمشروع قومى يمثل منعطفًا قويًا لدعم البنية الأساسية للمجتمع والاستثمار فى البشر ونشر الثقافة الاجتماعية والدينية من خلال رجال الدين بهدف إخراج خطاب دينى وثقافى واجتماعى موحد ومتكامل وتوثيق التعاون مع علماء الدين الإسلامى والمسيحى لتعزيز الوعى المجتمعى من خلال توحيد رسائل التوعية بالمفاهيم والسلوكيات المجتمعية الإيجابية.
من ناحية أخرى فإن تلك المبادرة التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى قد جاءت من منطلق مسئولية الوزارة فى إرساء قواعد الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية من منطلق أن غياب الوعى لدى تلك الفئات يمثل خطورة على المجتمع ككل، وبناءً عليه فإن الوزارة تبدو حريصة على التنسيق الدائم مع جميع مؤسسات الدولة لتحقيق القدر الأكبر من الوعى المجتمعى وتطوير السلوكيات الإيجابية لدى المواطنين من أجل تحسين مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للدولة المصرية.
وعود إلى بدء...هكذا رأينا جهود الدولة، متمثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى والمؤسسات الدينية فى إطلاق وتفعيل مبادرة "وعى" التى تستهدف المواطن المصرى بمختلف انتماءاته وتوجهاته وثقافاته.... وهنا يثور السؤال...هل سوف تجد تلك المبادرة الوطنية المخلصة التعاون والدعم اللازم من القائمين على مؤسسات الدولة المختلفة والجامعات والمعاهد العلمية والمصانع والأندية الرياضية ومناطق التجمعات الأخرى لحضور تلك الندوات واللقاءات التى سوف يقوم بها القائمون عليها...أم أنهم سوف يعانون مثلما يعانى الأخوة من السادة الوعاظ من تجاهل أو عدم إهتمام أو التقليل من شأن الدور الذي يقومون به؟.. وتحيا مصر