بعد إغلاقها.. مصريون يودعون ذكرياتهم مع حديقة الحيوانات
«حين كنت في الخامسة من عمري كان لدينا طقس شهري بالذهاب إلى حديقة الحيوانات يوم الجمعة»، تتذكر نور 23 عامًا، حين كانت ترافق أشقاءها الأربعة إلى نزهة حديقة الحيوانات في الجمعة الثانية من كل شهر، مثل طقس أقره والدها حين كانوا صغارًا وساروا عليه.
تقول: «لم يكن التعب يصيبنا مُطلقًا كنا نجوب الحديقة مرات ومرات رغم مساحاتها الواسعة إلا أننا كنا نعشق التصوير بكاميرا والدي القديمة مع الحيوانات، ونقوم بإطعامهم من طعامنا، ونشعر بالألفة تجاههم، فقد كان لكل حيوان مذاق خاص وتجربة مختلفة من المشاهدة واللعب».
كانت من الموافقة المضحكة بالنسبة لنور داخل الحديقة هو خف شقيقتها الصغرى سارة من الحيوانات فكانت تقوم بردود فعل بريئة ومضحكة كما تقول: «أتذكر صافرة الرابعة حين كان حراس الحديقة يريدون إخلاءها، كنا نبكي بشدة ونريد البقاء لفترة أطول داخلها».
إغلاق الحديقة للتطوير
نور هي أحد مرتادي حديقة الحيوانات من الصغر حتى الآن، وتمتلك ذكريات عديدة بها، والتي أغلقت خلال الأيام الماضية من أجل البدء في خطة تطويرها، بهدف رفع كفاءة الخدمات بها وتعظيم مقوماتها، وفق وزارة الزراعة، التي أكدت الحفاظ على طابعها الأثري والأشجار والنباتات النادرة واستعادة طابعها التراثي.
كما تهدف عملية التطوير إلى إعادة إحيائها كمنطقة مفتوحة ومساحات خضراء تعد متنفسًا للمواطنين، على غرار الحدائق العالمية المفتوحة بلا حواجز، مع تطبيق أعلى معايير الأمان، وكذلك حفر الطرق الداخلية، وهو ما يتسبب في صعوبة استقبال المواطنين حرصًا على سلامتهم في أثناء مدة التطوير التي سيتم ضغطهًا للانتهاء سريعًا.
تعلق نور على ذلك: «بالتأكيد خبر حزين للغاية لأننا ما زلنا نعتبر حديقة الحيوانات بمثابة طقس شهري لنا، ونزهة موفرة لا تتطلب الكثير من التحضير، ولكن في الوقت ذاته نتمنى بالفعل تطويرها وجلب حيوانات أكثر، وزيادة المطاعم والكافيهات من أجل أن تصبح أكثر راحة لنا».
في العام 1891 كان تأسيس حديقة الحيوانات في الجيزة، التي تعد أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط، وأول وأعرق حدائق الحيوانات في إفريقيا، وكانت سابقًا تسمى جوهرة التاج لحدائق الحيوان في إفريقيا، بسبب أن مساحتها تبلغ 80 فدانًا.
لم تختلف الذكريات لدى هبة محمد، 32 عامًا، التي اعتادت الذهاب إلى حديقة الحيوانات رفقة العائلة كل فترة، وداومت على تلك النزهة رفقة أبنائها بعدما تزوجت وأنجبت طفلين: «تعلقوا بها مثلي تمامًا، وكل فترة لا بد أن تكون لنا زيارة لحديقة الحيوانات».
تضيف: «تعلق أبنائي بالحيوانات بشدة ويقومون بالعادات ذاتها، ألتقط لهم صورًا كذكرى لهم وهم صغار بجانب الحيوانات، وكذلك أثناء إطعامهم، بالتأكيد يشعرون بالحزن بعد الإعلان الأخير عن إغلاقها من أجل التطوير، لكنني أسعى لإقناعهم بأن ذلك هو الأفضل حتى تكون الحديقة مليئة بحيوانات أكثر».
تعلق هبة، على أن الافتتاح بعد عام ونصف من الانتظار أن يكون باهرًا ومختلفًا، بسبب الحرمان كل تلك الفترة لا سيما للأطفال من مشاهدة الحيوانات، والمساحة الواسعة التي تتمتع بها الحديقة وتعطي الأطفال الحرية للعب والانطلاق ومشاهدة الحيوانات بمختلف أنواعها.
يبلغ سعر تذكرة دخول حديقة الحيوان 5 جنيهات فقط في مختلف أيام الأسبوع عدا الثلاثاء الذي يبلغ فيه سعر التذكرة 65 جنيهًا، وتضم حوالي 6 آلاف حيوان من قرابة 175 نوعا.
وتؤكد هبة أنها مع تطوير الحديقة حتى تتناسب مع التطوير الحالي: «الحديقة كما هي منذ كنت صغيرة حتى تخطيت الثلاثين من عمري، فلا بد من تطويرها وإدخال حيوانات جديدة وكذلك فتح منافذ للترفيه عن الأطفال بجانب الحيوانات مع الحفاظ على التراث».