دكر مزاجنجى..
عنوان المقال يمثل تعبيرًا مباشرًا عن نوعية تعيش بيننا فى المجتمع من أشباه الرجال، مثلما كتبت مقالاً سابقاً عن "دكر عويل". وقصدت فيه ألا أصفه بـ"الرجل المزاجنجى"، لأنه فى كل الأحوال لا يندرج تحت مفهوم "الرجل" بما يحمله ذلك المفهوم من مسئولية وإنسانية وشرف، إنما يندرج تحت مفهوم "أشباه الرجال" الذين هم نتاج معادلة: سيطرة الجهل الفكرى والثقافى + سيطرة التراث بما يحتويه من عادات وتقاليد بالية + سيطرة فقر النفوس + سيطرة تفسيرات ذكورية لا تمت لصحيح الدين + استخدام الأموال + غلاء المعيشة.
"الدكر المزاجنجى" هو الذى يتعامل مع المرأة حسب مزاجه وتحت طلبه فى أى وقت وأى مكان. يتزوج أربعة، وما استطاع سبيلاً مما يمكن أن يملكهن. تختلف كل واحدة عن الأخرى لأنه لا يحب التكرار، فلكل امرأة منهن صفة وميزة غير الأخرى، وهو ما يمثل له التنوع والتعدد حسب مزاجه والتجديد حتى لا يمل.
ليس لأى منهن أى حقوق سوى الزوجة الأولى التى هى بالنسبة له "أم ولاده"، أما الباقيات المغلوبات على أمرهن فلا حقوق لهن ولا حق لهن فى كتابة أى ممتلكات لهن، فالشقة إيجار باسمه، وليس لها حق سوى الأكل والشرب وبعض الملابس حسبما يرضى رغباته واختياراته التى تتحقق لمدة ساعتين أسبوعياً فقط عند زيارته المباركة والميمونة. وهو ما يعنى أنه يومياً تسعد من يقع عليها الدور، وتحزن الباقيات مثلما جسدها نور الشريف فى الحاج متولي (الوصولى والانتهازى).
"الدكر المزاجنجى" ليس لديه أى شعور أو مسئولية تجاه تلك المرأة التى تندرج تحت قائمة ممتلكاته التى يتعامل معها باعتبارها سلعة استهلاكية، عليها أن تكون تحت أمره حتى لو كان على حساب كرامتها، وشخصيتها التى ضاعت بين أروقة أشباه الرجال. هى مجرد جزء من حياته اليومية التى يمكن الاستغناء عنها واستبدالها، رغم أنه يمثل كل حياتها.
يحوّل "الدكر المزاجنجى" زوجاته إلى مجرد دمية تنتظر تعليمات التشغيل التى عليها أن تدخل البيات الشتوى طالما أنها خارج نطاق جدول زيارته الميمونة. حالة تتجاوز قهر المرأة وظلمها إلى حالة من اللا إنسانية، وحالة من اللا عودة، تفقد المرأة الزوجة فيها شغف الروح والحياة، والسعادة والأحلام، والطموح، والحرية وشغف المستقبل.
أعترف أن عنوان "الدكر المزاجنجى" هو ضد مفاهيم الجندر، وضد كل ثوابت المساواة بين الرجل والمرأة، وتمكين المرأة على كافة المستويات التى أؤمن بها وأكتب عنها. غير أنه
واقع موجود تعانى منه المرأة المصرية بشكل غير إنسانى وشكل خارج نطاق المحاسبة القانونية لأنه لا يمكن إثباته ولا يمكن فى الكثير من الحالات الخروج منه، فالخروج منه يعنى الضياع لكون الكثير منهن لا يملكن قوت يومهن ولا سبيل.
نقطة ومن أول الصبر..
"الدكر المزاجنجى" هو نوع من أشباه الرجال، ينتسب زوراً وبهتاناً للإنسانية، ليس لديه شرف أو كرامة أو عزة نفس.
"الدكر المزاجنجى" يستغل الشرع فى امتلاك المرأة بالزواج، ولا يلتزم بمسئوليات هذا الزواج.
على كل فتاة مثل زهرة الربيع المتفتحة ألا تنخدع فى الوسامة والشكل، والبدلة، ولا الهدايا الخداعة، ولا الكلام الكاذب المعسول من أشباه الرجال الفارغين نفسياً وفكرياً واجتماعياً.
إذا رأيت "الدكر المزاجنجى".. علّمى عليه قبل أن تنخدع فيه زهرة جديدة فى مقتبل الحياة، وللحفاظ عليها من سرقة نورها وفرحتها وضحكتها وعمرها وحياتها.
"الدكر المزاجنجى".. عار!