تطوير الساحل «الطيب»!
بداية أنا ضد الأحكام القيمية.. لا أحد يمكنه تحديد من هو «الطيب» ومن هو «الشرير» دون معلومات كافية.. لذلك سأسمى الساحل من الإسكندرية حتى مارينا بالساحل «القديم» وسأسمى الساحل من العلمين حتى مطروح بالساحل «الجديد».. بل إننى على استعداد أن ألعب نفس اللعبة وأقول إن الساحل القديم هو الساحل «الشرير» من وجهة نظرى، وإن الساحل الجديد هو الساحل «الطيب».. الساحل القديم شرير لأنه نموذج للتنمية العشوائية.. الكسولة.. المتثائبة.. التى أضاعت مدخرات المصريين فى شاليهات مغلقة طوال العام.. تنعى من بناها وبعضها مغلق فى الصيف أيضًا بسبب سفر الأبناء أو انشغالهم أو شرائهم وحدات أخرى فى الساحل الجديد.. كان الساحل القديم سيصبح طيبًا، من وجهة نظرى، لو أننا خططناه ليكون ركيزة لصناعة السياحة الشاطئية، وبنينا فيه الفنادق من مختلف الدرجات ليأتى لها السائح الأجنبى والعربى وليذهب له المصريون الذين كانوا حتى وقت قريب يسافرون لأوروبا وتركيا للسياحة.. تاركين خلفهم أجمل شاطئ على المتوسط لأنه ليست فيه فنادق.. فكرتى ببساطة هى الدعوة لتكوين شركة للإدارة الفندقية، ندخل فى علاقة شراكة مع ملاك الشاليهات فى قرى الساحل القديم لتحويل وحداتهم لوحدات فندقية تتولى الشركة إدارتها.. مع تطوير القرى المتهالكة وصيانتها وبناء الخدمات الضرورية فى بعضها.. هذه الشركة لا بد أن تتنوع فى الخدمات التى تقدمها لتلبى احتياجات كل المصريين.. يجب أن تكون هناك وحدات وفنادق ثلاث نجوم وأربع وخمس وسبع نجوم، وهذا هو أساس السياحة فى العالم كله.. الأمر له جانب حقوقى واجتماعى بكل تأكيد.. هو فتح البحر أمام جميع المصريين.. قصر استخدام الشواطئ على مصريين بعينهم مخالفة دستورية بكل تأكيد، لا بد أن تكون الشواطئ مفتوحة للجميع حتى ولو من خلال الإقامة فى فندق أو دفع رسم دخول لليوم الواحد.. لذلك نفذت إدارة مدينة العلمين هذه الفكرة وجعلت الشاطئ مفتوحًا للجميع.. بهذه المناسبة أطالب الأحزاب الكبرى والمبادرات وتحالف العمل الوطنى بتنظيم رحلات مدعومة للشواطئ.. من حق أهلنا البسطاء أن يروا البحر ولو ليوم واحد فى العام.. ليس شرطًا طبعًا أن تتجه هذه الرحلات للساحل الشمالى.. مصر كلها ساحل شمالى.. من العريش شرقًا حتى مطروح غربًا.. لدينا شواطئ العريش الساحرة والمنصورة الجديدة وجمصة ورأس البر ودمياط الجديدة وبورسعيد وبور فؤاد.. إلخ.. مطلوب رحلات بسعر التكلفة لسكان الأحياء الشعبية والقرى ليوم واحد يرون فيه البحر ويشعرون بجمال بلدهم وينالون نصيبًا بسيطًا من الترفيه فى ظرف اقتصادى قاسٍ وفى درجة حرارة تثير الضيق فى الصدور.. بهذه المناسبة لا بد من توجيه التحية لفكرة إطلاق مهرجان سياحى فنى فى مدينة العلمين، إحدى مهامه الترويج للمدينة وللساحل الشمالى كله كمقصد سياحى واجتذاب السائح العربى والأجنبى والمصرى الذى كان يتجه للسفر للخارج.. أقول هذا لأننى أستشرف هجومًا مبكرًا من لجان الإرهابيين على هذا المهرجان، كما يفعلون مع أى شىء يشعرون أنه مفيد لمصر.. فكرة الملتقيات والأيام الفنية فكرة أساسية فى الترويج السياحى وهى عمل احترافى بحت ذو بعد اقتصادى وترويجى، لهذا يقدم عليها العديد من الدول فى المنطقة وهى بالأساس موجودة فى مصر منذ عشرات السنين من خلال حفلات مثل «أضواء المدينة» منذ الستينيات.. ثم حفلات «ليالى التليفزيون» فى التسعينيات.. ومن الجميل جدًا أن نعود لهذه الأنشطة التى تثبت ريادة مصر قولًا لا فعلًا.. ولعل من الغريب للغاية أن هذا الذباب الإلكترونى المستأجر هو نفسه الذى ينخرط فى إشادات مدفوعة بهذا المهرجان الفنى فى هذه الدولة أو تلك.. وعندما تقدم الدولة على إحياء مهرجاناتنا وليالينا الفنية التى توقفت فى سنوات التراجع والاضمحلال ينخرط هذا الذباب الإلكترونى نفسه فى مهاجمة الدولة.. وكأن المهرجانات والليالى الفنية شىء جميل إذا نظمته دول غير مصر، وشىء سيئ إذا نظمته مصر لإنعاش صناعة السياحة وتقويتها...إذا لم يكن ما يفعله هؤلاء هو الخيانة.. فماذا يكون؟ إنهم خونة بكل تأكيد.