غضب إنسانى وليس ظاهرة صوتية
أُدين بأقسى عبارات الاستهجان والاستنكار التصرف المشين الذى استفز مشاعر ملايين المعتدلين فى كل أنحاء العالم بعد إقدام أحد المتطرفين، من أصل عربى، فى السويد بحرق نسخة من القرآن الكريم. وأحذر من مخاطر انتشار هذه الأعمال التى تسىء إلى الأديان وتؤجج خطاب الكراهية والعنف. وأدعو إلى إعلاء قيم التسامح والتعايش السلمى ومنع الإساءة لجميع الأديان ومقدساتها من خلال مثل تلك الممارسات المتطرفة التى تتنافى مع قيم احترام الآخر وحرية المعتقد وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
الكلمات السابقة تمثل المعنى الذى تتضمنه كل البيانات التى صدرت بعد حرق نسخة من القرآن الكريم. وهى كلمات تؤكد على معنى الإنسانية فى الاستنكار والتحذير والرفض والإدانة.
الاستنكار لمثل تلك التصرفات الفردية التى تحدث على فترات رغم كل دعوات نشر السلام والإخوة الإنسانية والتعايش السلمى، والتحذير من تكرارها وما تمثله من نشر لخطاب الكراهية، ورفض الإساءة للأديان وللكتب المقدسة التى تمثل مقدسات غير قابلة للإساءة إليها احترامًا لمشاعر المؤمنين بها، وإدانة كل محاولات نشر مثل تلك الممارسات المتطرفة التى هى فى حقيقتها تتنافى مع حرية الرأى والتعبير، تلك الحرية المسئولة فى الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية معتقده والحفاظ عليها.
دعوة الأزهر لمقاطعة المنتجات السويدية هى فى حقيقتها رد فعل عملى، أتمنى تكون لدينا القدرة والإرادة على تنفيذها حتى لا يتحوّل غضبنا المنضبط لمجرد ظاهرة صوتية لا تأثير لها أو تفسير.
من خلال مشاركتى فى العديد من اللقاءات والندوات خاصة التى تتضمن مشاركين من أوروبا، لم أجد أى شكل من أشكال التوجه الغربى ضد العرب والإسلام. بل وجدت إدانات مباشرة لأى تجاوز فردى غربى سواء لمقال أو كاريكاتير أو أى تصرف آخر مسىء مثلما حدث مع القرآن الكريم.
أرجو ألا يستغل البعض من المتعصبين ما حدث للدعوة لوقف الحوارات واللقاءات مع الغرب مثلما يحدث من دعوات فى كل مرة، خاصة فى اللقاءات التى تضم رجال الدين للحوار والتواصل ونشر السلام. فلا يمكن وقف هذه اللقاءات بسبب حادث طارئ أو مشكلة عارضة.. ويجب أن يحرص المعتدلين على هذه القاعدة. وعدم الخضوع والانصياع لرأى العوام من المتطرفين لما يمكن أن تترتب عليه من كوارث وأزمات. بل يجب زيادة الروابط ومساحات الإخوة الإنسانية المشتركة من القيم والمبادئ بعد أن تحولت النزاعات الطائفية سواء فى الداخل أو الخارج ضمن مفردات الحياة اليومية. ولنتذكر أن صورة العرب بوجه عام فى الغرب أصبحت سلبية جدًا، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 تحديدًا.
نقطة ومن أول السطر..
الغرب لا يتآمر علينا، ولكن العرب هم من أساءوا إلى أنفسهم قبل أن تسىء إليهم تصرفات البعض الفردية التى تندرج تحت العنصرية والاستعلاء. وأتذكر هنا أنه عندما قتلت مروى الشربينى «المواطنة المسلمة المحجبة المصرية» فى 2009، أن من شهد على القاتل عندما تعرض لها قبل ذلك هم الألمان أنفسهم، واعتبروه موقفًا فرديًا استثنائيًا مرفوضًا وغير مقبول منهم. وأن الرأى العام ضد كل تلك التصرفات العنصرية واللا إنسانية.