رصدها "محمد البتانونى".. رحلة عباس حلمى الثانى إلى الأراضى الحجازية
على كثرة الكتابات والمؤلفات التي تناولت شعيرة الحج، سواء في شرحها وتدقيق الأحكام الشرعية فيها، أو رصد وتوثيق لهذه الرحلة خاصة من قبل الرحالة.
وفي كتابه "الرحلة الحجازية".. لولي النعم الحاج عباس حلمي باشا الثاني خديوي مصر، لمؤلفه محمد لبيب البتانوني، والصادر لأول مرة عام 1938، وقررته نظارة المعارف العمومية ــ وزارة التعليم الحالية ــ ككتاب للمطالعة في المدارس.
يستهل "البتانوني" كتابه بمقدمة وإهداء إلى عباس حلمي الثاني، مشيرًا إلى أن هذا المؤلف جاء رصدًا لرحلة الحج التي صاحب فيها المؤلف خديوي مصر عباس حلمي الثاني.
وفي تمهيد للرحلة، يعرف المؤلف أولًا بمن هم العرب: "الأمة العربية من أبعد الأمم وجودًا، وأطولها عمرًا، وقد رأيت أن أقسم الأمة العربية بالنسبة إلى أصولها إليى ثلاثة أقسام: القسم الأول العماليق أو العرب البائدة، الثاني العرب القحطانية، والثالث العرب العدنانية.
ثم يمضي "البتانوني"، في شرح مفصل عن كل فرع من الفروع الثلاثة، حتي يصل إلي ظهور الدعوة الإسلامية وما تلاها من أحداث، ونبذة عن الخلفاء الراشدين، إلى أن يصل لرصد رحلة حج عباس حلمي الثاني وأهم المشاهد والأحداث فيها.
ــ مواكب الشريف
وفي هذا المبحث، ينقل "البتانوني"، طقوس موكب نقيب الأشراف، وفيها يقول: يركب دولة الشريف في مواكبه الرسمية علي النحو التالي: تتقدم فرقة من الخيالة والقرابة، ثم جماعة من الهجانة من عرب البيشة، ثم بعض السياس تتلوهم الجنائب: وهي جملة أفراس عربية يتلو بعضها بعضا، يقود كلا منها سائسان، واحد على اليمين والآخر علي اليسار، ومن وراء الأفراس بعض البغال، وعلى الكل الرخوت الذهبية. ويعقب ذلك عربة يجرها زوج من الجياد، ومن خلف العربة بمسافة خمسين مترًا دولة الشريف على فرس مرخوت، يحيط به الخدم والحشن وغيرهم من الخزنجية (الخازندارية)، ومن على يساره مائلًا إلى الوراء قليلًا حامل الشمسية على حصانه، وهي شمسية كبيرة من الحرير المزركش بالقصب، وقطع التبر المثقب.
ويسير من وراء الشريف الجم الغفير من الأشراف، يتلوهم أعيان مكة علي خيلهم أو حميرهم، والكل بملابسهم الرسمية ونياشينهم، يتخلل ركابهم الخدم والحشم والعبيد، ومن خلفهم ضاربو النوبة، وهم موسيقيون عربيون راكبون علي خيلهم يضربون بمزمارهم البلدي والنقرزان، يحيط بهم عرب البيشة علي هجنهم وهم يتغنون من وقت لآخر بأغنية حماسية علي نغمة الموسيقي، ولايزال الموكب سائرًا على هذا النظام حتى يصل إليى المكان الذي يقصده دولة الشريف.
ويلفت "البتانوني" إلى: ونظام هذه المواكب عادة قديمة في ملوك الشرق، وقد كانت تركب فيها علي المثال المتقدم الخلفاء من العباسيين والفواطم وملوك الجراكسة وغيرهم مما تراه مبسوطًا في المقريزي وغيره.