في ذكرى ميلاده .. روشتة "ميلاد حنا" لنشر ثقافة قبول الآخر
يتزامن تاريخ اليوم، بالذكري الـ 99 علي ميلاد المفكر ميلاد حنا، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1924. وهو صاحب مؤلفات: “الأعمدة السبعة للشخصية المصرية”، “أزمة الأقليات في الوطن العربي”، “نعم أقباط ولكن مصريون”، وغيرها من المؤلفات. بالإضافة إلي حصوله علي جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية للعام 1999.
وفي كتابه “قبول الآخر .. فكر واقتناع وممارسة”، يقدم ميلاد حنا روشتة لنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، لكنه يشترط: "ثقافة قبول الآخر سلاح ذو حدين، فإذا أمكن إقناع الشعوب المقهورة بهده الثقافة دون أن تقتنع شعوب وحكومات الدول القاهرة، فإننا بهذه الثقافة قد ساعدنا القاهر علي حساب المقهور.
إنما ثقافة قبول الآخر في مجملها هي محاولة لصياغة عقلية وجدانية ينبغي أن تسود دول العالم الأول قبل دول العالم الثالث، فالمفترض أن دول أوروبا وأمريكا أكثر ثقافة وديمقراطية. وعند بدء هذه العملية، ومع الزمن وتراكم الفكر الأرقي لقبول الآخر، يتكون رأي عام عالمي يتفهم حقوق الشعوب والمجموعات البشرية المناضلة من أجل استقلال أو كسب حقوق متساوية في وطنها، أو الاعتراف بحق كل المنتمين لأقليات عرقية أو دينية أو مذهبية أو عقائدية في أن يتمتعوا بحقوق متكافئة وفق نصوص ومواثيق الدولة ذاتها.
ــ قبول الآخر لا يعني قبول الغاصب
ويلفت ميلاد حنا إلي: أن هناك فروقا واضحة تمام بين حركات التحرر الوطني وحركات الإرهاب والتطرف الدموي، ومن ثم فلا يمكن أن يكون حديثي عن قبول الآخر دعوة إلي قبول الغاصب.
إنني ابن وطن قاوم فيه المسلمون والمسيحيون جنبا إلي جنب، الاحتلال الإنجليزي، حتى حصلوا علي استقلالهم مبكرا، وإن كان بدأ منقوصا واكتمل عبر حلقات من النضال توجت بتوقيع اتفاقية الجلاء عام 1954. أيضا أنا ابن مجتمع عربي يقدم أبناؤه في فلسطين صورة باهرة للكفاح الوطني المشترك ضد الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي.
كما أود أن أؤكد أن طرحي للمشاعر الإنسانية وإمكانية حل الصراعات بتعزيز قبول الآخر مسألة لها طابع إنساني بحت، وآمل أن يتحول علي أرض الواقع إلي تنظيمات أهلية تنمي المودة والتآخي بين الناس.
ــ الحضارة كيان ثقافي
ويمضي ميلاد حنا في حديثه مفككا ما جاء به “صامويل هانتجنتون” في كتابه “صراع الحضارات”، لافتا إلي: الحضارة هي أعلي مستوي لتجمع ثقافي بشري وتمثل أوسع مستوي من مستويات الهوية الثقافية التي يمتلكها الكائن البشري وتميزه عن الكائنات الأخري . إن محدداتها هي العناصر الإيجابية المشتركة مثل اللغة والدين والتاريخ والعبارات والمؤسسات.
الحضارات تتقاطع وتتداخل، وقد تحتوي علي حضارات فرعية، ولكنها موجودة وحقيقية علي أية حال.
وستكون الهوية الحضارية متزايدة الأهمية في المستقبل، سيتشكل العالم إلي حد كبير نتيجة تفاعلات بين سبع أو ثماني حضارات رئيسية تشمل الحضارة الغربية، الكنفوشية، اليابانية، الإسلامية، الهندية، السلافية، الأرثوذكسية، الأمريكية اللاتينية، وربما الحضارة الأفريقية. أما الصراعات الأهم، والتي ستنشب في المستقبل، فإن حدودها ستكون حدود التوتر الحضاري التي تفصل بين هذه الحضارات الواحدة عن الأخري.