قانون حيازة الحيوانات الشرسة فى مصر.. هل يكفي لحماية المجتمع والبيئة؟
كانت الشوارع المصرية تشهد من حين لآخر مشاهد مروعة لهجمات الحيوانات الشرسة على المارة والأطفال والكلاب الأليفة، ما أثار حالة من الرعب والاستياء في نفوس المواطنين، ودفع ببعضهم إلى اللجوء إلى طرق غير إنسانية للتخلص من هذه الحيوانات بالسم أو الرصاص.
وكانت هذه الظاهرة تنم عن ضعف الرقابة والتنظيم من قبل الجهات المختصة، وعن انتشار ثقافة حيازة الحيوانات الخطرة كوسيلة للترفيه أو التباهي أو التهديد، دون مراعاة للمسئولية أو الأخلاق أو القانون، ولكنها قد تكون على وشك الانتهاء بعد صدور قانون جديد يحظر حيازة وتداول وإكثار الحيوانات الخطرة، وينظم اقتناء وقيد وترخيص الكلاب، ويحدد عقوبات رادعة لمن يخالف أحكامه.
يهدف هذا القانون إلى حماية المجتمع من خطورة هذه الحيوانات، وحماية الحيوانات من التعسف والإهمال، والحفاظ على التنوع الحيوي والتوازن البيئي، وقد نال هذا القانون تأييدًا من مؤسسات رسمية ومجتمع مدني وجمعيات حقوقية، كما نال استحسانًا من كثير من المصريين، خصوصًا ضحايا هجمات الحيوانات الشرسة أو ذويهم.
فهل يكفي هذا القانون لإنهاء أزمة حيازة الحيوانات الشرسة في مصر؟ وكيف ستتم تطبيقه على أرض الواقع؟ وما هي التحديات التي تواجه تنفيذه؟ هذه بعض التساؤلات التي تجيب عنها "الدستور" في السطور التالية.
قانون رادع
في ضوء الحوادث المتكررة التي تسببها الحيوانات الشرسة والكلاب في المجتمع المصري، أصدر رئيس الجمهورية قانون رقم 29 لسنة 2023 بإصدار قانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب، بتاريخ 29 مايو لعام 2023، بهدف حماية المواطنين والحفاظ على الأمن والنظام والصحة العامة من خطورة الحيوانات التي تلحق نوعا من الأذى أو الضرر بالإنسان أو بالحيوان، والتي تشمل الأسود والنمور والفهود والضباع والذئاب والثعابين وغيرها من الحيوانات المحددة بالجدول رقم (1) المرفق بهذا القانون.
وفقًا لهذا القانون، يجب على حائز الحيوان الخطر أن يتقدم بطلب للحصول على ترخيص من الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وأن يلتزم بالشروط والضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، مثل إثبات ملكية الحيوان وتزويده بشريحة إلكترونية تحتوي على بياناته وإجراء فحص طبي دوري له وإبلاغ الجهات المختصة عن أية حادثة تتعلق به.
ومن جانبه، يقول الاستشاري القانوني، مصطفى أبو النصر، إنه يجب على حائز الكلب غير الخطر أن يتقدم بطلب للحصول على ترخيص من المجلس المحلى للمدينة أو المديرية التابع لها، وأن يلتزم بالشروط والضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، مثل إثبات ملكية الكلب وتزويده بشريحة إلكترونية تحتوي على بياناته وإجراء فحص طبي دوري له وإبلاغ الجهات المختصة عن أية حادثة تتعلق به.
ويضيف: "في حالة التداول أو الإكثار أو الولادة أو التخلص من أية حيوانات خطرة أو كلاب، فيجب الحصول على موافقة مسبقة من الهيئة العامة للخدمات البيطرية أو المجلس المحلى حسب الأحوال، والالتزام بالإجراءات والضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون".
ويوضح "أبو النصر" في حديثه لـ "الدستور"، أن قانون حيازة الحيوانات الشرسة في مصر ينص على عقوبات مشددة تصل إلى السجن والغرامة لمن يخالف أحكامه، سواء كان حائز الحيوان أو الكلب أو غيره من المتعاملين بهما، وذلك في حالة عدم الحصول على الترخيص أو التزام الشروط والضوابط أو إخفاء أية حادثة تتعلق بالحيوان أو الكلب أو استخدامهما في التعدي على غيره من الأشخاص أو الحيوانات.
ويشير الاستشاري القانوني، إلى أن هذا القانون لقي تفاعلًا متباينًا من قبل المصريين، فمنهم من رحب به باعتباره خطوة مهمة لضبط حيازة الحيوانات الشرسة والكلاب ومنع حدوث مشكلات تهدد حياة المواطنين وسلامتهم، ومنهم من انتقده باعتباره قانونا مقيدًا لحرية المواطن في اختيار حيواناته الأليفة ومضطهدًا لأصحاب هذه الحيوانات والكلاب دون تقديم بدائل أو حلول لهم.
إجراءات ضرورية
أما عن تطبيق هذا القانون بشكل موسع في مصر، يؤكد الاستشاري القانوني أن ذلك يتطلب توعية المواطنين بأحكام القانون وأهدافه وفوائده وعقوباته، من خلال حملات إعلامية وتثقيفية على مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على توفيق أوضاعهم والحصول على الترخيص لحيازة الحيوانات الخطرة والكلاب، من خلال تسهيل الإجراءات وتقديم بعض التسهيلات أو المزايا أو المكافآت لمن يلتزم بالقانون.
ويستكمل: "يجب أيضًا تشديد الرقابة والمتابعة على تطبيق القانون من قبل الجهات المختصة، من خلال تكثيف الحملات التفتيشية والمداهمات والملاحظات على المخالفين، وإحالتهم إلى الجهات القضائية لتطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون، فضلًا عن تقديم بدائل أو حلول لحائزي الحيوانات الخطرة التي لا يجوز ترخيصها، من خلال تسليمها إلى الهيئة العامة للخدمات البيطرية أو إلى جهات أخرى مؤهلة للاعتناء بها، مع احترام حقوق هذه الحيوانات ورفاهيتها".
وينوّه "أبو النصر" إلى الأزمات التي تسببت الحيوانات الشرسة في حدوثها، ومنها حوادث الهجوم على الأشخاص أو الحيوانات الأخرى، التي قد تؤدي إلى الوفاة أو الإصابة بجروح خطيرة أو نقل الأمراض، ففي مارس 2023، هاجم كلب من نوع بيتبول مواطنًا مصريًا وأصابه بجراح بليغة في ذراعه، مما أدى إلى توقف قلبه أثناء إجراء عملية جراحية له، وفي أبريل 2023، قتل كلب من نفس النوع طفلًا في السادسة من عمره في محافظة المنيا.
وفي ختام الحديث، يوجه الاستشاري القانوني، بضرورة دعم المبادرات الشعبية التي تقوم بتطعيم وتعقيم الحيوانات الضالة في الشوارع، وإيجاد مأوى لها أو إعادة تأهيلها للتبني، كونها تساهم في خفض أعداد الحيوانات الضالة والحد من انتشار الأمراض والحفاظ على سلامة المجتمع، وذلك بالإضافة إلى توعية المجتمع بأضرار حيازة بعض الحيوانات الشرسة على صحة الإنسان والبيئة.