مع زيادة أسعار «البراندات».. من أين يبتاع المصريين ملابس العيد؟
على امتداد شارع رمسيس بمحافظة القاهرة، تراصت قطع ملابس لا تبدو جديدة لرجال وأطفال وشباب، تقف مجموعة من النساء والفتيات حولها، ربما اليوم هو الأكثر ازدحامًا، لاقتراب عيد الأضحى المبارك، ورغبة الجميع في شراء ملابس جديدة للعيد تعبيرًا عن الفرحة والبهجة.
تقف رحمة عادل، 31 عامًا، تنتقي بعض الملابس التي تظن أنها مضبوطة عليها، لعدم وجود مكان في وكالة البلح أحد أشهر أسواق ملابس البالة في مصر، تستطيع فيه تجربة القطع التي أُعجبت بها، وهي أحد العيوب التي تفاجأت بها حين جاءت من محال «البراندات» إلى أسواق البالة بحثًا عن ملابس بأسعار أقل.
دفع الغلاء “رحمة” للهروب من الماركات الأعلى سعرا بشكل غير معقول كما تصف في حديثها لـ«الدستور»، لتجرب هذا العام للمرة الأولى شراء ملابس العيد من أسواق البالة: «أقل قطعة ملابس في المحلات الشهيرة أصبحت تتخطى الـ1000 جنيه وهو سعر غير معقول».
البالة هي الملابس المستعملة التي يعاد استخدامها مجددًا، وهي في الأصل ملابس أوروبية يتم فرزها، ودخل عليها الخليجي والأمريكي والأسيوي، وأصبحت تنقسم إلى ملابس مستعملة درجة تانية وملابس استعمال خفيف وموديلاتها أقوى وهي الدرجة الأولى وأثناء الفرز يتم وضع القطع الجديدة والموديلات القوية ذات الاستعمال الخفيف.
تقول رحمة: «البالة أسعارها في متناول الجميع، لأنها تحسب بالكيلو وكل مكان وله سعر في كيلو الملابس، وعيبها الوحيد أن مفيش قياس وأوقات قطع من الملابس بتطلع أوسع أو أطول لكن الخسارة فيها مش كبيرة لأن القطعة ممكن تقف على 50 جنيهًا أو أزيد».
لم تعد رحمة تذهب إلى محلات «البراندات» بعدما اكتشفت تلك الأسواق، لا سيما أنه يوجد بها مبيعات أون لاين، لا تكبدها عناء النزول والبحث وتوفيرًا للوقت والجهد: «العيب التاني في ملابس البالة أن بعض القطع ممكن يبان أنها مستعملة لكنها في كل الأحوال أرحم من أسعار الماركات الأخرى».
يعاني العالم من ارتفاع في معدلات التضخم في معظم الدول، وارتفع في مصر فكان المعدل السنوي للتضخم الأساسي 40.3% في مايو 2023 مقابل 38.6% في أبريل 2023، والذي يعد الأقل منذ أن بدأ في التصاعد منذ يوليو 2022، وفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
هي الأسباب نفسها التي دفعت فرح تامر، 25 عامًا، للجوء إلى ملابس البالة استعاضة عن الماركات الشهيرة الأخرى، ولا تخجل من الإفصاح بأن كل ملابسها أصبحت من الملابس المستعملة، تبعًا للظروف الاقتصادية الحالية: «الفرحة في العيد مش باللبس الغالي ممكن يكون لبس رخيص وأحلى».
توضح أنها تلجأ إلى الأحذية البالة أيضًا، وهي التجارة التي ما زالت في طور البدء داخل مصر: «فيه محلات للبراندات بتكون تقفيل في دولة تانية يقلل من سعرها، بتستوردها محلات الاستوكات وتبيعها بأكثر من نص التمن، وبتكون حالتها جيدة مفيش فرق بينها وبين ملابس الماركات الأخرى».
بحسب التقرير الصادر في مايو 2022، عن غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات المصرية، فقد بلغ متوسط استهلاك مصر من الملابس 16.5 مليار دولار سنويًا، وتنتج مصر 80% من الملابس بقيمة 13.2 مليار دولار، وتستورد 20% من الملابس بقيمة 3.3 مليار دولار، فيما تستورد مصانع الملابس المصرية مدخلات الإنتاج،بقيمة 3 مليارات دولار.
منه محمد، من تجار البالة عبر الأون لاين، تعمل منذ عامين فقط، بعدما ارتفعت الأسعار وأصبح للملابس المستعلة زبائن أكثر: «ببيع الكيلو بـ400 جنيه غير محدد القطع، ممكن أطفالي على رجالي على حريمي، والبيع للمحلات يبدأ من 20 كيلو للملابس البالة».
تلاحظ “منه” كل فترة زيادة الزبائن لديها عبر صفحتها على موقع «فيس بوك» للترويح لبضاعتها باسم «ملابس بالة بالكيلو»، وتعرف أن زيادة أسعار ملابس الماركات يصب في صالحها دومًا: «قطعة الملابس في أي محل سعرها يتخطى أو يقارب سعر كيلو الملابس من البالة لذلك يفضل كثيرون الملابس المستعملة».
تزيد الزبائن مع اقتراب الأعياد مثل الأضحى، وقبله بفترة تبدأ الدعاية على المجموعة الخاصة بها بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «ملابس البالة كلها براندات ويكون عليها التيكت لكن الموديل يكون نزل في المحل واتباع وتبقى منه قطع قليلة ولازم موديل جديد ينزل فإحنا بنأخد القطع المتبقية بأسعار أقل».