نازك الملائكة.. "عاشقة الليل" ورائدة الثورة الشعرية فى الشعر الحر
نازك الملائكة .. "عاشقة الليل" ورائدة الثورة الشعرية في الشعر الحر أو ما يسمي بـ “شعر التفعيلة”، وصاحبة العديد من المؤلفات الشعرية والنقدية والأدبية.
نازك الملائكة، والتي رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 2007، وكانت واحدة من أوائل الفتيات اللائي اقتحمن مجال التعليم في العراق ومن أهم الشاعرات في المشهد الشعري العربي خلال النصف الأول من القرن المنصرم، حيث حققت تغييرا كبيرا في شكل القصيدة العربية من الشكل التقليدي الكلاسيكي، إلي الشكل الحديث ألا وهو شعر التفعيلة أو الشعر الحر.
وبجانب مجموعاتها الشعرية العديدة والتي نذكر من بينها دواوين: عاشقة الليل، قرارة الموجة، شظايا ورماد، يغير ألوانه البحر، شجرة القمر، الصلاة والثورة وغيرها، لها جهد نقدي وأدبي كبير لا يقل في أهميته عن منتجها الشعري.
ــ نازك الملائكة تهدي قضايا الشعر المعاصر لـ “عبد الناصر”
وأشهر مؤلفات نازك الملائكة في النقد الأدبي، كتابها المعنون بـ “قضايا الشعر المعاصر”، والصادر في طبعته الأولي عن منشورات مكتبة النهضة بالقاهرة عام 1962، والذي تهديه إلي الزعيم جمال عبد الناصر قائلة: إلي الرئيس جمال عبد الناصر تقديرا لإيمانه بالأمة العربية وجهاده في سبيلها."
وفي الفصل الأول من كتابها “قضايا الشعر المعاصر”، والمعنون بـ “بداية الشعر الحر وظروفه”و تذهب “الملائكة” إلي أن بداية حركة الشعر الحر في العراق كانت في عام 1947 ومن العراق بل من بغداد زحفت هذه الحركة وامتدت حتي غمرت الوطن العربي كله وكادت، بسبب تطرف الذين استجابوا لها، تجرف أساليب شعرنا العربي الأخري جميعا.
وتلفت “الملائكة” إلي أن: وكانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر هي قصيدتي “الكوليرا” والتي نشرت في بيروت ووصلت نسخها إلي بغداد في مطلع ديسمبر من عام 1947، وفي النصف الثاني من نفس الشهر ــ ديسمبر 1947 ــ صدر في بغداد ديوان بدر شاكر السياب “أزهار ذابلة” وفيه قصيدة حرة الوزن له من بحر الرمل عنوانها “هل كان حبا”، وقد علق عليها في الحاشية بأنها من “الشعر المختلف الأوزان والقوافي”.
ــ لماذا لم يلتفت القراء للشعر الحر في بدايته؟
وتمضي نازك الملائكة في كتابها “قضايا الشعر المعاصر”، حول بدايات ظهور شعر التفعيلة أو الشعر الحر لافتة إلي: علي أن ظهور هاتين القصيدتين لم يلفت نظر الجمهور، وكان تعليق مجلة “العروبة” علي قصيدتي هو التعليق الوحيد علي هذه التقلة في أسلوب الوزن، ومضت سنتان صامتتان ام تنشر خلالهما الصحف شعرا حرا علي الإطلاق.
وفي صيف سنة 1949 صدر ديواني “شظايا ورماد” وقد ضمنته مجموعة من القصائد الحرة، وقفت عندها في مقدمة الكتاب المسهبة وأشارت إلي وجه التجديد في ذلك الشعر، وبينت موضع اختلافه عن أسلوب الشطرين، ثم جئت بمثال من تنسيق التفعيلات.
ــ الضجة التي صاحبت صدور شظايا ورماد
وتشدد نازك الملائكة علي أنه: وما كاد هذا الديوان أن يظهر حتي قامت له ضجة شديدة في صحف العراق، وأثيرت حوله مناقشات حامية في الأوساط الأدبية في بغداد. وكان الكثير من المعلقين ساخطين ساخرين يتنبأون للدعوة كلها بالفشل الأكيد. غير أن استجابة الجمهور الكبير كانت قد حدثت في صمت وخفاء خلال ذلك، فما كادت الشهور العصيبة الأولى من ثورة الصحف والأوساط تنصرم حتي بدأت قصائد حرة الوزن يكتبها شعراء يافعون في العراق ويبعثون بها إلي الصحف. وبدأت الدعوة تنمو وتتسع.
وفي مارس 1950 صدر في بيروت ديوان أول لشاعر عراقي جديد هو عبدالوهاب البياتي وكان عنوانه “ملائكة وشياطين” وفيه قصائد حرة الوزن، تلا ذلك ديوان “المساء الأخير” لشاذلي طاقة في صيف 1950 ثم صدر “أساطير” لبدر شاكر السياب في سبتمبر 1950 وتتالت بعد ذلك الدواوين، وراحت دعوة الشعر الحر تتخذ مظهرا أقوى حتي راح بعض الشعراء يهجرون أسلوب الشطرين هجرا قاطعا ليستعملوا الأسلوب الجديد.