محمد أمين.. مصري يحقق إنجازا تاريخيًا في مباحث نيويورك
من الإسماعيلية إلى نيويورك، قطع محمد أمين مسافة طويلة، ليصل إلى هدفه الذي رسمه لنفسه منذ 16 عامًا، حين التحق بالعمل داخل جهاز الشرطة بنيويورك، ليبرز اسمه في قائمة الشرف والتميز بالولاية الأمريكية ويتسلق سلم الترقية بجدارة وإخلاص حتى نال مؤخراً رتبة مفتش مباحث من الدرجة الأولى.
في مايو الماضي، شهدت ولاية نيويورك احتفالًا من نوع خاص بتكريم المحقق المصري، وحصوله على منصبه الجديد في جهاز الشرطة، فالجميع هناك يعلم قيمة الدور الوطني الذي يقوم به لحماية العرب والمسلمين في الولاية وتحمله المسؤولية الكاملة عن 8 آلاف دور عبادة من جميع الديانات منذ عام 2015، ومنها 300 مسجد تخدم مليون مسلم.
رحلة شيقة
في حديثه مع "الدستور"، يروي المحقق المصري محمد أمين، قصته بدءًا من التخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة 1993، والعمل بمهنة المحاماة لمدة عامين، وصولًا إلى حصوله على قرعة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1997، حيث يقطن والده منذ الثمانينيات.
يقول أمين:"والدي لم يكن متحمسًا لمجيئي هنا في البداية؛ لأن وضعي في مصر كان مستقرًا في ذلك الحين، لكني صممت على التقديم في قرعة الهجرة، وبالفعل نجحت في الحصول عليها، وبدأت حياتي في الولايات المتحدة متنقلًا بين العديد من المجالات المختلفة، كما أكملت دراستي في المحاماة، حتى التحقت بجهاز الشرطة في عام 2007، وتحديدًا في قطاع مباحث المواصلات".
يضيف:"في بدايات انضمامي لجهاز الشرطة، كان هناك جمعية للضباط المسلمين بشرطة نيويورك، وكنت أول الملتحقين بها منذ تأسيسها، حيث كان العدد بها محدود للغاية، وحاليًا أصبحت المتحدث الرسمي باسم الجمعية، وانضم لها في السنوات الماضية قرابة 3 آلاف شرطيًا أغلبهم قادة متواجدون في أماكن حيوية، ولنا أدوار عدة في العمل العام بجانب تخصصنا الأمني".
ترقية مستحقة
"في 2014، تقدمت بمقترح إلى جهاز الشرطة بشأن تأسيس وحدة متخصصة في رعاية شؤون دور العبادة في المدينة، وبالفعل لاقت الفكرة ترحابا واسعا من قبل المسؤولين، وشهدت نجاحا باهرا منذ إطلاقها، وتم تسجيلها باسمي داخل ملفات الجهاز التي تهدف إلى مد جسور العلاقات والتواصل بين القادرة والمهاجرين إلى الولاية"، وفق حديث "أمين".
يستطرد المحقق المصري:"خلال السنوات التي قضيتها مسئولا عن دور العبادة في نيويورك، استطعت تكوين علاقات واسعة مع كافة الجاليات والديانات، الأمر الذي ساعدني كثيرا في مهامي العملية، والتدخل السريع وقت حدوث أي احتقان بين الجاليات القادمة إلى المدينة، من خلال نشر التوعية بينهم وبين المواطنين الأصليين والضباط في المدينة".
يشير أيمن إلى دوره المتواصل في تقديم محاضرات للضباط الجدد في جهاز الشرطة بنيويورك، حول كيفية التعامل السليم مع الجاليات العربية من مختلف الديانات، وطرق تفتيش المرأة المسلمة دون إصدار أي إساءة لها، بالإضافة إلى التواصل الدائم على مدار السنة مع الجاليات العربية، ومشاركتهم في الأعياد والمناسبات الموسمية.
وعن ترقيته إلى مفتش مباحث من الدرجة الأولى بجهاز شرطة نيويورك، يوضح الرجل الخمسيني أنّ نظام الترقية في جهاز الشرطة يتم عن طريق ثلاثة محاور، منهم إجراء 3 امتحانات حتى يتم اختيار الأفضل، والطريقة الثانية أن يكون الشخص محقق تابع لجهات متخصصة، ويتم ترقيته بعد فترة مدتها 18 شهر، أو الطريقة الثالثة والتي طُبقت في حالته، وهي أن تكون الترقية تكريمًا للتميز في العمل.
محقق ديني
ويستكمل "واجهت تحديات صعبة في بداية المشوار، لكن اليأس لم ينتابني إطلاقًا، بل واجهت كافة العوائق التي واجهتني في الطريق، حتى نجحت في الوصول إلى هدفي في خلق حوارًا إنسانيًا بين الطوائف الدينية والأجهزة الأمنية بالمدينة، ومكافحة الانقسام الذي يواجه مجتمعنا، فالحوار دائمًا ما يؤتي ثماره".
وينوّه "أمين" إلى أن علاقته بالمجتمع المسلم في المدينة تساعده كثيرًا في تخفيف التوترات حين تتعرض المدينة لحادث ما، وهذه واحدة من فوائد وجود محقق مخصص فقط للدين؛ لأن العمل في الولاية الأمريكية لا يعزز علاقات أفضل مع الشرطة فقط، بل أيضًا بين الطوائف الدينية مع بعضها البعض.
يقول: "أشعر بالفخر دائمًا بانتمائي للجهاز الأكبر في العالم على المستوى الأمني، والذي يضم نحو 35 ألف ضابط مسلح، وإجمالي 55 ألف ضابطًا ومدنيًا، وأنصح زملائي الضباط طوال الوقت بزيارة مصر والاستمتاع بمعالمها السياحية، وبالفعل يقضي العديد منهم إجازاتهم في مصر، وينبهرون بها بشدة".
وفي ختام الحديث، يعبر المحقق المصري عن احتمالية عودته إلى مصر يوما ما، حين تظهر له الفرصة المناسبة سواء في نفس المجال أو غيره من الاستثمارات الأخرى، فهو بالفعل يتردد عليها من حين لآخر لزيارة والدته وشقيقته، موجهًا الشكر إلى قائدة في الجهاز، المصري جوزيف عبد المسيح، نظرًا للدعم الكبير الذي تلقاه منه طوال السنوات الماضية.