أخبار من الخارج
أمر طبيعى أن تتحدث الصحف الأجنبية عن مصر فى كل صباح.. للأمر علاقة بأهمية مصر فى موازين السياسة العالمية وعلى خريطة العالم.. بعض لجان الإرهاب تلتقط الأخبار التى تظن أنها تضايق المصريين أو تفقدهم الأمل وتعمى عيون العاملين فيها عن أخبار أخرى.. من أخبار مصر ذلك الحوار الذى دار بين الرئيس الروسى بوتين والرئيس الإماراتى محمد بن زايد عن مصر.. لقد جرى الحوار على هامش منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادى.. لقد تحدث بوتين عن المنطقة الصناعية الروسية فى مصر قائلًا «نحن نجهز شيئًا جميلًا جدًا فى مصر»، فرد الرئيس الإماراتى «ليكن التعاون ثلاثيًا بين مصر وروسيا والإمارات».. بغض النظر عما ستؤول إليه الأمور وما تراه مصر وشركاؤها، فنحن إزاء حوار بين رئيس دولة من أكبر دول العالم طالما وُصفت بأنها القطب الثانى فى العالم يعلن فيه عن أن دولته ستضخ استثمارات بالمليارات فى منطقة صناعية فى إقليم مصرى عالمى، هو إقليم قناة السويس، وهو حلم طالما حلمت به مصر ولم تستطع تنفيذه سوى هذه الأيام.. والطرف الثانى فى الحوار هو رئيس دولة من أغنى دول العالم من حيث دخل الفرد والاحتياطى المالى وحجم الثروة فى صناديق الاستثمار، وكلاهما يتفق على أن مصر هى الجواد الرابح فى قادم الأيام، خاصة أنها تنفذ مشروعًا عظيمًا طالما تم تعطيله والتراخى فى تنفيذه لسبب أو لآخر.. إذا نحيت عواطفى جانبًا «وعواطفى دائمًا مع بلدى»، ونظرت للأمر بشكل محايد.. سأقول إن هذين الرئيسين يتحدثان عن بلد واعد.. مستقبله أمامه وليس خلفه، وفرص نجاحه أضعاف أضعاف فرص فشله لا قدر الله.. وإلا لِمَ أقدم الآخرون على توطين صناعات واستثمار أموال ضخمة فيه للاستفادة من موقعه على قمة العالم؟.. هذا إذن خبر إيجابى عن مصر قادم من الخارج لم يلتفت إليه أحد بالقدر الكافى، وربما أزعج ميليشيات الإرهاب فى الفضاء الأزرق أن هذا الخبر المهم هو النقيض تمامًا لموضوع تعيس نشرته «الإيكونوميست» لا يحتوى على معلومة واحدة بقدر ما يضم ترهات من تأليف محرر مجهول.. الطريف أنك بالبحث ستكتشف أن الإيكونوميست تكتب نفس الموضوع عن مصر منذ سبع سنوات وتعيد نشره هو هو تقريبًا لعله يفلح فى مرة من المرات.. ففى ٢٠١٦ كتبت نفس الموضوع ثم أعادته فى ٢٠١٨ ثم أعادته مرات أخرى.. والحقيقة أنه خلال هذه السنوات كذّب المصريون توقعات محرر المجلة البائس وازدادوا تمسكًا بالاستقرار حفاظًا عليه.. فقد ظهر مقاول أنفار غامض يدعو الناس لما سماه ثورة، فسخر منه الناس ولم يلتفت له أحد وظهرت دعوات تدعو الناس للاحتشاد فى أيام معينة، فخلت الشوارع حتى من عابرى السبيل.. والحقيقة أن «بعض» دوائر السياسة البريطانية تُكن كراهية دفينة لمصر وللجيش المصرى الذى تدرك حجم قوته.. ربما منذ ١٨٤٠ حينما تدخلت إنجلترا لتقوض الإمبراطورية المصرية وتجبر محمد على باشا على توقيع معاهدة لندن ١٨٤٠، التى كان أهم بنودها تخفيض عدد الجيش المصرى وقتها إلى ١٨ ألف جندى.. كانت الثورة العرابية ومعركة كفر الدوار ميدان مواجهة آخر بين إنجلترا وجيش مصر لم يُكتب له فيها النصر.. لكن المسكوت عنه أن الجيش لم يكن بعيدًا أبدًا عن ثورة ١٩١٩ والنضال المدنى ضد الإنجليز، ففى مذكراته المكتوبة يحكى الفدائى المصرى عبدالقادر شحاتة الجن «البطل الحقيقى لفيلم كيرة والجن» أن الشخص الذى مر فى سيارة ليسلمه قنبلة يلقيها على مسئول بريطانى كان الضابط محمود نديم، الذى ترقى حتى صار أمينًا عامًا للوزارة الحربية المصرية وقائم مقام الجيش المصرى.. بينما يروى الفدائى عبدالفتاح عنايت الطالب بالحقوق وأحد أفراد التنظيم الذى اغتال الضابط الإنجليزى الذى كان يشغل منصب قائد الجيش المصرى، واسمه سير لى ستاك، أن القائد الحقيقى للمجموعة الذى كان يمدها بالسلاح والمعلومات هو ضابط حرس الحدود محمود إسماعيل.. وقد تجددت المواجهة بين العناصر الوطنية فى الجيش وبين قوات الاحتلال البريطانى فى الإسماعيلية ١٩٥١، حيث قاد الضباط المستقيلون من الجيش الأعمال الفدائية ضد الاحتلال، ثم تكفل الضباط الأحرار بتوقيع معاهدة الجلاء ١٩٥٤ ثم إلغاء كل ترتيباتها بعد تأميم القناة والعدوان الثلاثى على مصر.. هذا التاريخ الحافل يضغط فيما يبدو على بعض دوائر السياسة البريطانية ليظهر فى صورة هذه الترهات رغم أن العلاقات الرسمية بين البلدين ممتازة ومستقرة وعلى أعلى مستوى.. لكن مصر تؤرق الآخرين دائمًا وتشغلهم دائمًا فيظنون أن أمنياتهم حقائق وأن أوهامهم واقع.. لكن الأيام تثبت دائمًا أنهم واهمون.. والأيام بيننا.