عقد من التضامن.. كيف دعمت ثورة 30 يونيو التعاون الاقتصادي بين الدول العربية؟
قال محمد حسن الباحث السياسي: «أسست ثورة الثلاثين من يونيو لتاريخ جديد في المنطقة، حيث تغيرت مصفوفة القوى الإقليمية وخريطة تحالفاتها، بحيث عاد الزخم مرة أخري لمشروع الدولة الوطنية ضد مشاريع التقسيم على أسس طائفية ومذهبية، التي دفعت المنطقة برمتها إلى خطر فقدان موقعها الاستراتيجي وإرثها التاريخي والثقافي المتراكم، وذلك نتيجة لتحول المنطقة بصراعتها إلى منطقة طاردة لطرق التجارة الإقليمية والعالمية، ومن المعروف، بل والثابت تاريخيا ارتباط خطوط التجارة والمواصلات بالازدهار الحضاري للدول والمناطق، قديما كانت الإمبراطورية المصرية هي مركز العالم القديم وعصب مواصلاته، وأثري ذلك الموقع الاستراتيجي الحاكم لمصر، وتباعا سرع من وتيرة الازدهار الاقتصادي لمصر والمنطقة».
وأضاف حسن في تصريحات لـ الدستور، أن هذا الواقع التاريخي، أعادت ثورة الثلاثين من يونيو الزخم للموقع الاستراتيجي الحاكم لمصر والمنطقة، نتيجة كونها مثلت الرمز المعنوي والقيمي لمشروع الدولة الوطنية بالمنطقة والإقليم التي تستهدف بالأساس دعم مؤسسات الدول ضد كل محاولات تفتيتها، وإقرار مبادئ التعايش السلمي ومن ثم تهيئة المناخ اللازم لتنمية الشاملة المستدامة، ليس بمصر فحسب، وإنما على المستوي الإقليمي من خلال مشاريع الربط الاقتصادي.
ثورة الثلاثين من يونيو عبرت عن فلسفة مصرية أصيلة تجاه المنظومة الإقليمية
وأشار، إلى أن ثورة الثلاثين من يونيو عبرت عن فلسفة مصرية أصيلة تجاه المنظومة الإقليمية، وهي فلسفة ذات بعد حضاري تفيد بأن أفضل السبل لإرساء السلام والتعاون الاقتصادي بين الدول وإحباط مشاريع التقسيم والترويج للمذهبية والطائفية، هو التكامل الاقتصادي بين الدول، وتأسيس تحالفات تقوم على أوجه المنفعة الاقتصادية بدلا من التحالفات الأمنية البحتة، وهو ما ظهر جليا في مشاريع الربط الطاقوي التى أبرمتها مصر وتخطط لها مع مجموعة من الدول العربية منها السعودية وليبيا والسودان والاردن وسوريا، وصولا إلى الربط مع أوروبا عن طريق بوابة قبرص واليونان.
وتابع حسن: "كما تأتي آلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق، أو ما بات يُعرف بتحالف الشام الجديد، كأوضح نماذج التعاون والتكامل الاقتصادي العربي، فالمقاربة المصرية للتكامل الاقتصادي كانت الدافع الأبرز للربط والتكامل مع الأردن والعراق، وتبادل المنفعة الاقتصادية بداية من الشق اللوجيستي والطاقوي والعمالة والخبرات الفنية، وللمفارقة أيضا أن نموذج التكامل الاقتصادي الذي تقوده مصر شرقا، مر من نفس المناطق التي عانت من الطائفية والمذهبية، ليرسي نموذج التكامل الاقتصادي المصري أسس الاستقرار برفع مستوي معيشة قطاعات واسعة المجتمع العربي ليس بإدارة الثروة الريعية فحسب وإنما بتوسيع دائرة التكامل وآلياتها.
واختتم تصريحاته قائلا: "أخيرا، أعادت ثورة الثلاثين من يونيو مصر كقطب إقليمي جاذب للشراكات والاستثمارات نتيجة إرساء الدولة المصرية للاستقرار والأمن واستثمارها في أقاليم داخلية جديدة، تربط مصر بمحيطها مثل إقليم قناة السويس، فالمحصلة النهائية تذهب لتحويل مصر إلى مركز إقليمي ليس لتداول الطاقة فحسب، وإنما مركز تمر منه التجارة الإقليمية والعالمية، لتحقق مبدأ مصري صميم بأن مرور طرق التجارة يرتبط بالتطور الحضاري والازدهار بالمقام الأول.