الأسعار.. حزن الحزن
يشهد المجتمع المصرى موجات متتابعة من غلاء الأسعار غير المبرر بشكل عنيف، حتى طالت تلك الموجات الجنونية السلع الغذائية الأساسية، وفى نفس الوقت ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة، ووصل الحال إلى اختلاف أسعار نفس السلع بين مكان وآخر فى نفس الشارع.
احتكار السلع والأسواق ليس وليد هذه الأيام، ولكنه تراكم على مدار سنوات طويلة من ترك السوق لجشع كبار التجار والمستوردين للتلاعب بالمواطن وبالأسواق واكتساحها والسيطرة عليها لتحقيق أرباح خيالية بين يوم وآخر.
وصلت حالة الغش لتخزين السلع الغذائية وإخفائها وعدم طرحها للبيع مثلما تقوم بعض الصيدليات بتخزين الأدوية المتوقع ارتفاع سعرها لبيعها بالأسعار الجديدة المرتفعة رغم حصولها عليها بالأسعار القديمة، والضحية دائماً هو المواطن المصرى الذى يدفع من حياته وصحته مقابل توحش مثل هؤلاء التجار الذين سرقوا حياة الإنسان المصرى واختطفوها وتاجروا بها لزيادة رصيدهم البنكي.
تركنا لسنوات طويلة عمليات منظمة لحرق الأسواق واحتكارها، ولم ننتبه لما تقوم به تلك الشركات التى احترف بعضها إنتاج نوعين من نفس المنتج باسمين وعلامتين تجاريتين مختلفتين فى سبيل السيطرة على جزء كبير من السوق، وهو ما أثر سلبياً على تنمية الأسواق المصرية بشكل حقيقى، فالاحتكار ضد المنافسة التى من المفترض أن تصب فى صالح المواطن.
توزيع السلع الغذائية عبر المنافذ الحكومية "مثل المجمعات الاستهلاكية"، ومنافذ بيع القوات المسلحة، و"أمان"، و"المواطن أولاً"، وغيرها من مبادرات الحماية الاجتماعية تعتبر من أهم وسائل مواجهة الاحتكار. وهناك أيضاً العديد من الأفكار لضبط السوق حتى لا نتركها فى أيدى من يهتم بالربح أكثر من الإنسان المصرى. مثل تجارب بعض الدول التى تطبق قوانين تنص على أن أى سلعة تباع بعد النقل والتداول بين تجار الجملة والتجزئة بسعر لا يزيد عن 25% ربحًا من إجمالى تكلفتها، وأن يتسق ذلك مع قوانين حماية المستهلك للقضاء على مافيا الأسعار، ولتكون البداية مع التسعيرة الجبرية للسلع الغذائية الأساسية لاستمرار الحياة اليومية. وهو ما يتطلب دورًا قويًا للأجهزة الرقابية فى مراقبة الأسواق، واتخاذ قرارات صارمة بالغلق والغرامات المالية لكل من يتلاعب بالأسعار.
أين دور المحليات المنوط بها كل ما يخص التعاملات اليومية للمواطن المصرى أم أنها اختصرت دورها فيما يخص رخص الهدم والبناء؟
نحتاج إلى نشر ثقافة حماية المستهلك، تلك الثقافة التى تجعل المواطن المصرى على وعى بمدى تطابق السلع الغذائية وغيرها مع المواصفات القياسية للجودة والأوزان والأسعار.
نقطة ومن أول الصبر..
لكى نصل إلى حالة ضبط الأسواق ومنع الاحتكار نحتاج لقوانين وإجراءات صارمة وناجزة ونافذة فى سرعة اتخاذها من الحكومة، وتعامل التجار وفق الضوابط القانونية والاجتماعية التى تسمح لهم بالكسب من استثماراتهم وتجارتهم، وذلك فى ظل وعى المواطن بما سبق حتى لا يترك نفسه فريسة للطمع والجشع.
الحقيقة أن المواطن أصبح سلعة للمؤامرة طوال الوقت، حلقات متواصلة من القهر والاستغلال.
المواطن المصرى ليس سلعة للمقامرة عليه لتحقيق ربح.