التغيرات المناخية في عهد السيسي.. مشروعات ومبادرات بيئية في 9 سنوات
في ظل التغيرات المناخية الكبيرة التي تشهدها دول العالم وتأثيرها على الأمن والتنمية والحياة البشرية، أولت مصر اهتمامًا كبيرًا بالحفاظ على البيئة والتكيف مع ظروف المناخ المتغيرة، وذلك من خلال إطلاق عدد من المشروعات والمبادرات البيئية التي تستهدف تحسين جودة الهواء والماء والتربة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة نسبة الطاقة المتجددة وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية على مواجهة آثار التغيرات المناخية.
وفي هذا الإطار، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية في عام 2014، مجموعة من المشروعات والمبادرات القومية التي تضمنت جوانب بيئية هامة، ومن أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة، الذي يهدف إلى تطوير قناة السويس وزيادة قدرتها على استقبال السفن وتحقيق دخل أكبر للاقتصاد المصري.
يهدف المشروع أيضًا إلى تنمية المنطقة المحاذية للقناة من خلال إقامة مشروعات صناعية ولوجستية وزراعية وسكنية تستغل موارد المنطقة بشكل مستدام وتخلق فرص عمل جديدة للشباب، كما يسهم في حماية البيئة من خلال تطبيق أعلى معايير السلامة والأمان في حفر وتشغيل القناة، وإجراء دراسات بيئية لتقليل التأثيرات السلبية على التنوع الحيوي والثروة السمكية والموارد المائية.
مشروعات بيئية
أما مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية، فهو يستهدف إنشاء أول محطة نووية في مصر لإنتاج الطاقة الكهربائية بطاقة تصل إلى 4800 ميجاوات، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء وتنويع مصادر الطاقة والحد من اعتماد مصر على الوقود الأحفوري.
كما يساهم المشروع في حماية البيئة من خلال توليد طاقة نظيفة وخالية من انبعاثات الكربون، وتطبيق أعلى معايير السلامة والأمان في تشغيل المحطة، والالتزام بالاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالطاقة النووية.
وعن مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية، فهو يعد أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم، حيث يضم 40 محطة شمسية تنتج 2000 ميجاوات من الكهرباء، وذلك لدعم الشبكة القومية للكهرباء وزيادة نسبة الطاقة المتجددة في مصر، كما يساهم المشروع في حماية البيئة من خلال استغلال طاقة الشمس كمصدر متجدد ونظيف لإنتاج الكهرباء، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب في قطاع الطاقة.
أما عن الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، فهي تحدد رؤية مصر للتكيف مع التغيرات المناخية والحد من انبعاثاتها في ضوء التزاماتها باتفاق باريس للمناخ، وذلك من خلال تحديد أهداف قطاعية في مجالات الزراعة والصحة والسكن والطاقة والنقل وغيرها، كما تتضمن حزمة من المشروعات والبرامج التي تسهم في تحقيق أهدافها في مجالات التخفيف والتكيف والآثار الاجتماعية والاقتصادية لتغير المناخ، ومنها:
- برنامج الطاقة الجديدة والمتجددة، الذي يهدف إلى زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة، وإنشاء مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتشجيع دور القطاع الخاص في تمويل وتنفيذ هذه المشروعات.
- برنامج النقل، الذي يهدف إلى تحسين كفاءة استهلاك الوقود في قطاع النقل، وتطوير شبكات النقل العام، وتشجيع استخدام المركبات ذات التكنولوجيا المتقدمة، والحد من التلوث الناتج عن قطاع النقل.
- برنامج تخزين واحتجاز ونقل الكربون، الذي يهدف إلى تحديد فرص تخزين واحتجاز ونقل ثاني أكسيد الكربون في مصر، وإعداد دراسات جدوى فنية واقتصادية لهذه المشروعات، وإبرام اتفاقيات تعاون دولية في هذا المجال.
- برنامج التكيف في قطاع الزراعة والمحاصيل، الذي يهدف إلى زيادة إنتاجية المحاصيل ومواجهة آثار التغيرات المناخية على نظم الإنتاج، وذلك من خلال تطبيق أساليب زراعية حديثة، واستخدام أصناف محسَّنة من المحاصيل، وإدارة كفاءة استخدام الموارد المائية.
- برنامج التكيف في قطاع حماية المناطق الساحلية، الذي يهدف إلى حماية الموارد الطبيعية والبشرية في المناطق الساحلية من آثار ارتفاع منسوب البحر والعواصف والتصحر، وذلك من خلال تنفيذ مشروعات لتعزيز الحواجز الطبيعية والاصطناعية، وتطوير خطط للتخطيط العمراني والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.
برنامج التكيف في قطاع تحلية المياه، الذي يهدف إلى زيادة إمدادات المياه العذبة في مصر من خلال تحلية مياه البحر والمياه الجوفية المالحة، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والبديلة، وتحسين كفاءة استخدام المياه في القطاعات المستهلكة.
اتفاقيات دولية
يقول يحيى عبد الجليل، خبير التغيرات المناخية، إن مصر تسعى إلى تنفيذ هذه الاستراتيجية بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، وباستخدام أدوات التمويل المبتكرة والتقليدية، وبإشراك أصحاب المصلحة في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ والمتابعة، وبإنشاء نظام وطني للمراقبة والإبلاغ والتحقق لقياس أداء العمل المناخي. كما تسعى مصر إلى تعزيز ريادتها على الصعيد الإقليمي والدولي في مجال المناخ، بما يتوافق مع اهتماماتها الوطنية.
ويستكمل "عبد الجليل" حديثه لـ "الدستور": "أعتقد أن مصر تكافح التغيرات المناخية بشكل فعال ومسؤول، من خلال الالتزام بالاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالمناخ، وإطلاق مشروعات ومبادرات بيئية تهدف إلى تحسين جودة البيئة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة نسبة الطاقة المتجددة وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية على التكيف مع آثار التغيرات المناخية، كما تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي المستدام، بما يحافظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، ويضمن حياة كريمة للمواطنين".
أما عن أهمية الالتزام باتفاقيات المناخ، يوضح: "تساهم في جهود المجتمع الدولي للحد من زيادة درجة حرارة الأرض والتخفيف من آثار التغيرات المناخية على البشرية والبيئة، والحصول على الدعم والتمويل والتكنولوجيا من الدول المتقدمة لتنفيذ الأنشطة والمشروعات المناخية في الدول النامية".
ويضيف: "تعمل أيضًا على تعزيز التعاون والتضامن والثقة بين الدول في مواجهة التحديات المشتركة والبحث عن حلول مشتركة، فضلًا عن تحسين صورة مصر ومكانتها على الصعيد الإقليمي والدولي كدولة مسؤولة ورائدة في مجال المناخ".
تحديات مناخية
وعن التحديات التي تواجه مصر في ملف التغيرات المناخية، ينوّه خبير التغيرات المناخية، إلى زيادة الطلب على الطاقة والمياه والغذاء في ظل النمو السكاني والتنمية الاقتصادية، وتعرض مصر لآثار التغيرات المناخية مثل ارتفاع منسوب البحر والجفاف والفيضانات والتصحر وانتشار الأمراض.
ويتابع: "نعاني أيضًا من قلة الموارد المالية والتكنولوجية والبشرية لتنفيذ الأنشطة والمشروعات المناخية، وعدم توافر بيانات ومعلومات كافية ودقيقة عن حالة المناخ وآثاره على مختلف القطاعات، وعدم توحيد المعايير والمؤشرات لقياس أداء العمل المناخي على المستوى الوطني".
وفي ختام الحديث، يشير "عبد الجليل" إلى السبل التي تساعد مصر على التغلب على هذه التحديات، ومنها زيادة استثمارات القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة والكفاءة الطاقية والتحلية بالطاقة المستدامة، وتطوير خطط وبرامج للتكيف مع التغيرات المناخية في قطاعات حساسة مثل الزراعة والصحة والسكن والسياحة، بالإضافة إلى تحسين نظام جمع وتحليل وإدارة البيانات المناخية، وإنشاء نظام للمراقبة والإبلاغ والتحقق من أداء العمل المناخي.