أثناء مناقشة رواية "لالوبا"..
أحمد الشهاوى: ناهد السيد جريئة كونها لم تخجل من كتابة سيرتها مع الآلام
بدأت منذ قليل، فعاليات مناقشة كتاب "لالوبا" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، للكاتبة الصحفية والقاصة ناهد السيد، بحضور الشاعر والكاتب الصحفي أحمد الشهاوي، والناقد الأكاديمي الدكتور أسامة أبوطالب، وتدير الندوة الكاتبة الصحفية أماني القصاص، وذلك بقاعة طه حسين بنقابة الصحفيين.
قال الشاعر والكاتب الصحفي أحمد الشهاوي، إن الكتاب ليس رواية أو نصًا شعريًا، هو في رأيي نص يأخذ من الرواية سرده ومن الشعر شعريته، وكان يمكن أن تكتب هذه السيرة الآلام، ولا يمكن وصفها بالسيرة الذاتية.
وأضاف: تمتلك ناهد السيد لغة تعلو بها على الحدث، وتجعل النص سلسًا خاليًا من الوجع رغم الآلام، وإن كانت تفضل استخدام مفردة الأوجاع، والوجع عمومًا هو اسم جامع لكل مرض مؤلم، بينما الألم هو الوجع الشديد، الحزن والأسى، هو شعور بما يضاد اللذة عدم الراحة أو الضيق أو المضض، سواء كان شعورًا نفسيًا أم خلقيًا، وهو إحدى الظواهر الوجدانية الأساسية، بل تغرف منها بفيض، كأنها تكوي روحها بالعناء والمعنى معًا، وهذا ليس بعيدًا عن كاتبة تمتلك "حكمة الموضوع والاجتهاد والاستبصار"، ما يعني الإبانة والكشف والفهم، وظهور الملامح والخطوط لصورة الكاتبة شكلًا ومضمونًا، وما هو معبر عنه دون إبهام أو غموض.
ولفت الشهاوي إلى أن ناهد السيد تكتب جزءًا من سيرة ذاتية مع آلام "الذئبة الحمراء "تسميها سيرتي مع المرض، وهي الأدق من سيرة ذاتية" التي صنفت بها كتابها على الغلاف، وهي سيرة يخجل الكثير من الكُتاب والكاتبات حول العالم أن يكتبوها أو يسجلوها في إشارات يومية في الاعتراف بقوة وجرأة لا يعملها إلا من أناخ رأسه للأمل.
واختتم: لكن ناهد تصرح بصدق وتبوح بصمتها الذي يسمعه القارئ وهو يتلقي كتابها، الذي ليس ثرثرة وليس سردًا مملًا كما زعمت ناهد أو ادعت في مقدمة الكتاب الذي أرى أن نصفها جاء قبيل ما لا يلزم، خصوصًا أن الصمت قد اصطادها وهذا كافٍ لأنه يدع لأشياء تقدم نفسها عارية صافية وتقودك إلى استكشاف المجهول، وعلى هذا النحو تعترف الكاتبة أصبحت أنا.
ومن أجواء الكتاب نقرأ:
حدثت نفسي سرًّا.. إذا كان الأمر هكذا لماذا يصر الشوق على أخذي؟
لماذا يريد حرماني من هذه الحياة.. وإيلام أحبابي؟ إذا كنت استسلمت لحظة وضعفت وتمنيت الموت ليس معناه أن أتمادى الآن.. طالما أن حياتي ما زالت صالحة للعيش! ولكن ماذا عن وعدي له؟ وشوقي الذي زرعه في قلبي ينمو وينمو لرؤية ربي؟
لا.. لا أريد التفكير.. هناك ما يدفعني للحنث بالوعد.
قررت خداعه والانزلاق قليلًا قليلًا دون أن يشعر، ورحت أحشو نفسي بذكريات بيني وبين بناتي ومداعباتنا.
وأحلامي بأن أحمل أطفالهن، أحضر ولادة كل منهن وأشد على يدها، وأفزع في الطبيب لكي لا يدعها تتألم.
وأمارس أمور الحموات على أزواجهن لأظل محافظة على حياة ميسورة لهن.
كما رحت أحشو نفسي بذكريات حبي لزوجي والصعاب التي واجهتنا من جوع وفقر وتحديات الحياة... وأول قُبلة وأول لمسة حانية، وأمنياتنا بقضاء شيخوخة في أحد الفنادق الباريسية على غرار فيلم أجنبي شاهدناه يومًا ولم ننسَه. سهراتنا وطقطقات اللب تحت أسناننا.. شواء البطاطا وقطع البطيخ الملطخ بابتسامات وقهقهات وسخرية.
السخرية والعبث مع أمي عن عجرفتها مع زوجي بلا مبرر لمجرد أنها تمارس شغل الحموات.
امتلأت عن آخري ذكريات، ولكن قبضة الشوق أحكمت تمامًا عليّ، ربما لأن شوقي لرؤية ربي كان أملي الوحيد في التخلص من آلامي.
إذًا الأمران متعادلان حتى الآن، ماذا أفعل؟
أحشو دفعات أخرى من ذكريات السفر مع الأصدقاء، حفلات التوقيع، إلقاء الأشعار والموسيقى وسحرها، رغبتي في تعلم العزف على آله القانون قبل مماتي، رغبتي في تعلم السباحة على يدي ابني لألعب معه في المصايف كصغيرة تلهو بدلو الماء، متعتي الحقيقية التي لم ألقَها إلا في الكتابة.
آه.. الكتابة. كيف نسيت ذلك؟! الكتابة هي الشيء الوحيد الذي أعبر به عن حالي أكثر، لعلي لم أستطع أن أقنع الشوق في مجادلتنا معًا، لأني لست جيدة في الحوارات الشفهية، أما لو كتبت له لأفحمته وأريته قوتي. نعم.. هو كذلك.. لم يتبق سوى خطوات قليلة وأسقط، وبالكتابة سوف تلين قبضته.. أنا واثقة بذلك لأني أملك زمام الكلمات بالقدر الذي يملك هو زمام المشاعر.
أما عن ناهد السيد
ناهد السيد كاتبة صحفية وشاعرة وقاصة صدرت لها 3 دواوين شعرية، اثنان منها عن هيئة قصور الثقافة بعنوان «أنثى»، والثاني بعنوان «الحياة الحب» عامي 1998 و2000. والديوان الثالث صدر عن دار «نيفرو» بعنوان «كعب عالٍ»، عام 2005، كما صدر لها أيضًا «الشياطين الـ13»، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو كتاب يختص بمرحلة المراهقة وكانت تجربة مشتركة بينها وبين ابنتها المراهقة ذات الـ13 عامًا وقتها ضحى أشرف عبدالشافى وغيرها من الأعمال.