عام السياحة
بشكل عام يحتاج أى مجتمع لأن يفتح عينيه على الجديد كل صباح.. كلما كان هذا الجديد يسير فى طريق البناء والإضافة فإن الأوضاع تسير فى طريق الاستقرار.. والعكس صحيح.. فى أوقات الأزمة الاقتصادية نحتاج أن نتمسك بما يبعث الأمل.. نحتاج أن نبحث عن النقاط المضيئة.. من هذه النقاط المضيئة الآن زيادة عائدات السياحة المصرية.. حققنا هذا العام عائدات خمسة عشر مليار دولار.. الرقم يزيد بمليار واحد عن آخر رقم تم تحقيقه قبل يناير ٢٥ وما تبعه من أحداث نعرفها جميعًا.. طموحنا واحتياجنا يقول إننا يجب أن نصل لضعفى هذا الرقم فى وقت قليل جدًا.. وإننا يجب أن نتحدث كحكومة وكشعب من أجل تحقيق هذا الهدف.. جزء من أسباب انتعاش السياحة أن العالم خرج من فترة إغلاق طويلة فى كورونا.. وهو ما أدى لوجود رغبة لدى البعض فى السفر ومشاهدة العالم ومن بينه مصر.. جزء من أسباب هذه الزيادة هو الزلزال الذى ضرب تركيا وهى منافس قوى للسياحة فى مصر بسبب التشابه فى الجمع بين كونها دولة شاطئية وفى نفس الوقت بها آثار إسلامية وبها بضائع رخيصة وسياحة جنس وهى ما لا تقرها مصر ولا تسمح بها قوانينها.. الواقع يقول إننا نحتاج كل دولار نكسبه من السياحة وإننا يمكن أن نكسب الكثير رغم شراسة المنافسة من عدة دول فى المنطقة.. لن أعدد مميزات السياحة فى مصر لأننا نعرفها ولأن المهم أن يعرفها الآخرون لا أن نتحدث نحن أنفسنا عنها.. فى الواقع أريد أن أتحدث عن عيوب السياحة فى مصر لكى نقضى عليها وسأترك الحديث عن المميزات لأى شخص آخر.. التطرف الدينى وعدم الإيمان بالحرية الشخصية وعدم تنوع أنواع السياحة التى نقدمها، والسلوكيات السيئة مع السائحين مثل التحرش والاستغلال المادى ومحاولة خداع السائح فى البيع والشراء وفتاوى البعض بتحريم العمل فى السياحة وتاريخ التكفيريين الأسود فى استهداف السائحين بعمليات إرهابية.. كل هذه معوقات تمنع أن نستفيد بكعكة السياحة التى يستفيد بها غيرنا.. والحل أن نبدأ حملة توعية شاملة خلال عام نسميه عام السياحة.. ففى خلال الاثنى عشر شهرًا القادمة ستجتمع لدينا ثلاث مناسبات هامة.. أولاها افتتاح المتحف المصرى الكبير كأكبر متحف فى العالم يعرض آثارًا تجسد أقدم حضارات العالم.. وفى هذا العام أيضًا لدينا مناسبة الانتهاء من مسار العائلة المقدسة فى مصر وهو مزار سياحى هام لملايين السائحين فى العالم يتكامل مع زيارة الحجاج لكنيسة القيامة فى القدس ويعبر عن وجه حضارى لمصر، الأرض التى احتضنت الأنبياء وتقاطعت مع الديانات السماوية الثلاث كما لم تتقاطع دولة أخرى.. فى نهاية العام تقريبًا سيكون لدينا مناسبة افتتاح مسار آل البيت أو مسار الأشراف فى مصر، وهو طريق رائع يبدأ من ميدان السيدة نفيسة وينتهى مرحليًا بميدان الحسين، رضى الله عنه وعنها.. وقد زرت المسار منذ سنوات وتألمت من كم الإهمال الذى تعرضت له هذه المزارات التاريخية التى تجسد مرحلة تاريخية هامة من تاريخ مصر وتظهر نفس الملمح فيها وهو أنها كانت دائمًا حصن أمان للخائفين والطيبين وأصحاب الرسالات وسلالاتهم وذرياتهم.. وأن هذا جزء من تنوع مصر وثرائها وبركتها.. ومن نافلة القول أن أعمال توسعة الطرق فى هذه المنطقة تخدم أهداف السياحة الدينية فيها لأقصى درجة على عكس ما حاول البعض أن يوحى.. هذا العام قد يشهد أيضًا الانتهاء من مشروع تطوير منطقة سانت كاترين حيث كلم الله موسى فى الوادى المقدس طوى.. وهى بقعة محل تقديس من الديانات الثلاث.. من نافلة القول أن العمل فى كل هذه المواقع لم يحدث صدفة ولكنه عمل جاد وفق رؤية تهدف للاستفادة من إمكانات مصر السياحية وإضافة أنواع جديدة للسياحة غير السياحة الشاطئية وسياحة الآثار.. ما أضيفه فى هذا الموضوع أننا يجب أن نطلق عام الوعى بالسياحة وأن يدرك المواطن أن كل دولار يدخل من السياحة يوفر له رغيف خبز مدعومًا ويساهم فى مزيد من استقرار وتحسين أوضاعه.. نحتاج لحملات إعلامية وإعلانية ولتفكير يتسم بالجرأة والتخلص من المخاوف.. الإمكانات التكنولوجية الحديثة تضمن السرعة فى إعطاء التأشيرات للسائحين أو تسهل إعطاءها لهم بعد الوصول للمطار.. من نافلة القول أن السائح يفضل البلد الذى لا يعانى فى الحصول على تأشيرة دخول له.. كى نحيى مسار السياحة الدينية سيكون لدينا سواح من كل ديانات الأرض ومذاهب الإسلام المختلفة وهذا هو أساس السياحة.. لا بد أن نخطو خطوات أوسع فى تنفيذ توجيهات الرئيس فيما يخص سياحة اليخوت والتسهيلات التى يجب أن تمنح لها لأن هذا نوع آخر نحتاجه وتستطيع الأجهزة المختصة أن تتعامل مع نتائجه.. تحية لمن خطط وأنجز كى تتجمع لدينا كل هذه المشاريع الأربعة فى عام واحد ويبقى أن يتعلم الشعب أن يصبح صديقًا للسائح لا عدوًا له.. وهذا دور الحكومة والإعلام والناس معًا.