الصين.. وطقوس تحضير وتقديم الشاى
إن الصين مسقط رأس الشاى على مدى آلاف السنين، ولقد تم إدراج تقنيات معالجة الشاى التقليدى فى الصين، فى قائمة التراث العالمى للبشرية جمعاء. وتعتبر مدينة "تشنجتشو" بالصين هى مدينة الشاى من قديم الزمن، وتتمتع بطبيعة خلابة من الجبال والأنهار، فهى تجمع بين كونها مدينة الحضارات، وأيضا المدينة الحديثة الحيوية الشابة.
ويقال فى الصين "إن مدينة تشنجتشو لها جسد من الماء والكلوروفيل والشاى الأخضر" لتعديل المزاج وللعلاج ولإكرام الضيف، ولاشىء أكثر استهلاكا فى الصين من الشى الأخضر، وتعتبر المدينة " مدينة الشاى الصينى" فهو الشاى الأشهر والأغلى. ونبتة الشاى الأخضر تغطى قرى هذه المدينة، وللمدينة طقوسها من أول قطف الشاى مرورا بتحميصه وتعليبه إلى آلية تجهيزه واحتسائه. ومن طقوس إعداد الشاى وضع كمية الشاى المجفف فى الإبريق، ثم صب الماء المغلى فى إبريق الشاى الأخضر، ويكون لغسل الشاى لذا يتم دلقه، ثم يصب ماء مغلى للمرة الثانية ويتم بعد ذلك تقديم الشاى للعائلة والضيوف والاستمتاع بشربه فى المرة الثانية والثالثة.
ويوجد فى مدينة تشنجتشو المتحف الوطنى للشاى فالصينيون يعتبرون الشاى سلعة مقدسة ومنتج قومى، ويعتبر المتحف مكان توثيقى وتعليمى وتعريفى بما يعرضه ويحتويه، ففى المتحف تتعرف على ثقافة منهجية وعلمية لتاريخ وحاضر الشاى، وأنواعه ونسبه وأماكن زراعته، وفن وطقوس تجهيزه وتقديمه.
ولقد انتهزت تشنجتشو فى السنوات الأخيرة، فرصة مبادرة "الحزام والطريق" للتركيز على إنشاء طرق سياحية دولية وعالمية الجودة، مثل (جولات النهر الأصفر الثقافية، وجولات الكونج فو، وجولات استكشاف الحضارة الصينية)، وذلك لخلق وجهة سياحية ثقافية عالميا بين الناس، فى جو من القرب والود وشعور الضيوف أنهم فى ديارهم.
فى يوم الخميس الموافق الخامس والعشرين من مايو 2023، تشرفت بحضور فاعلية خاصة بفن تحضير الشاى على الطريقة الصينية التقليدية، بجانب عروض فنية رائعة ومبهرة ومبهجة خاصة بالرقصات الصينية التقليدية، وأيضا عروض خاصة برياضة الكونج فو.
كانت تلك الأمسية تحت عنوان "الشاى من أجل الوئام" صالون باجى الثقافى، وكانت بدعوة من السيد لياو ليتشيانج السفير الصينى لدى مصر، ومندوب الصين لدى جامعة الدول العربية. حضر الأمسية ممثلون عن وزارة الثقافة والسياحة الصينية، وسفارة الصين بالقاهرة، مع عدد من أصدقاء الصين من مختلف الأوساط الثقافية والدبلوماسية، وبعض الأحزاب، وحشد من الصحفيين والإعلاميين، وذلك للتعرف والاستمتاع بثقافة تذوق الشاى الصينى، والتمتع بطريقة تحضيره وتقديمه، فى الاحتفال بيوم الشاى العالمى.
وبعد الترحيب بالضيوف قال السفير الصينى بالقاهرة "يعد الشاى رمزا روحيا للشعب الصينى، الذى يحتوى مفاهيم التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، ويعكس أخلاق الصينيين المتسمة بالشمول والتسامح واللطف والاعتدال وثراء عالمهم المعنوى. كما أن الشاى رابطة وجسر يربط بين الصين والعالم، حيث وصل إلى كل أنحاء العالم منذ أكثر من 2000 سنة عن طريق الحرير والشاى والبحار ليندمج إلى حياة الشعوب المختلفة، بقيمه المادية والمعنوية، ويساهم فى بلورة ثقافة الشاى العالمية المتنوعة، مع الحفاظ على مزايا ثقافات الشعوب المختلفة، والاستفادة المتبادلة بين الحضارات الصينية والعربية والمصرية".
كما أشار السيد السفير فى كلمته إلى أن هذه السنة تصادف الذكرى العاشرة لمبادرة الحزام والطريق، وأنه وبعد أيام نستقبل الذكرى السابعة والستين، لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين، وقال "إننا نتطلع لبذل جهود مشتركة مع مصر، وغيرها من الأصدقاء العرب، يدا بيد فى توارث، وتعميق الصداقة التقليدية بين الصين ومصر والدول العربية، بما يقدم مساهمات أكبر فى صيانة وسلام العالم".
وقبل أن أنهى مقالى أود أن أشير إلى أنه تجمع الصين والدول العربية صداقة وشراكة وثقة متبادلة، فعلى طريق الحريرالقديم سارت القوافل من التجار والمبعوثين الأسلاف الصينيين والعرب، وسُطِرت صفحات فى تاريخ التبادل والاستفادة بين الشعوب، وفى السنوات الأخيرة ساهم "منتدى التعاون الصينى العربى، على نمو العلاقات بين الصين والدول العربية، حيث أكد الرئيس الصينى شى جين بينج فى أكثر من مناسبة على تعميق العلاقات ودعم الصين للدول العربية لضمان الحفاظ على الأمن السياسى والاستقرار الاجتماعى والسير فى طريق التنمية الذاتية.
إننا نتمنى أيضا عقد المزيد من الأمسيات الفنية والثقافية التى تعزز من تبادل الخبرات وتزيد من المعرفة الإنسانية لعادات الشعوب وتراثها وفنونها الشعبيةالمختلفة.
ونتمنى استمرارالشراكة بين مصر والصين والتعاون معا من أجل دفع عجلة التنمية، وتعزيز الاستقرار والسلام فى منطقتنا العربية، كما نأمل فى استمرار تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية والإفريقية لتحقيق تنمية مشتركة.