"سلع الأضحى" تربك حسابات المصريين.. كيف تواجه الدولة نار الأسعار؟
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، بسبب التوترات الجيوسياسية كالحرب الروسية ـ الأوكرانية، تواجه الحكومة المصرية تحديات كبيرة في ضبط أسعار السلع والخدمات والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في موسم عيد الأضحى الذي يشهد زيادة في الطلب على اللحوم والمواد الغذائية والملابس والهدايا.
وتعمل الدولة دائمًا على وضع خطة حكومية لمواجهة ارتفاع الأسعار، وتتضمن إجراءات رقابية وتشجيعية وتخفيضية، تستهدف حماية المستهلك ودعم المنتج وضبط المنافذ والأسواق، من خلال تشديد الرقابة على كافة منافذ البيع، وإغلاق أي منفذ لا يُعلن أسعاره أو يُغالي فيها أو يُخفي أو يحتكر السلع، وإعادة بيع السلع المصادرة لصالح المواطنين.
أزمة سنوية
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي علاء هاشم إنه يجب حماية المستهلك من الارتفاع غير المبرر للأسعار الذي تشهده الأسواق المصرية، خاصة بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، مشيرًا إلى أن مصر حافظت على مستوى مقبول من التضخم رغم التأثيرات الخارجية الأخيرة.
تابع هاشم لـ"الدستور"، أن الحكومة المصرية تتصدى لهذه الأزمة سنويًا، من خلال التنسيق بين وزارة التموين والتجارة الداخلية واتحاد الغرف التجارية لإعلان قائمة بالأسعار المُقررة لكافة السلع على مستوى الجمهورية، وضبط التلاعب في سلاسل التوريد والتجزئة.
يضيف:"من الضروري أيضًا إقامة أسواق وشوادر تغطي جميع المحافظات لبيع احتياجات المواطنين من السلع والمنتجات المختلفة بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى تخصيص الماشية واللحوم المستوردة بأسعار تنافسية، وتكثيف حملات الترويج للاستهلاك المُدروس والإقلاع عن التخزين غير المبرر للسلع.
وينوّه "هاشم" إلى ضرورة تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل التى تشهد نقصًا في الإنتاج أو زيادة في التكاليف، مثل القمح والأرز والذرة والبرسيم، من خلال دعم سعر شراء المحصول منهم وتقديم حافز نقدي لزراعته، ولكن هذه الخطة تحتاج إلى مزيد من الوقت لتظهر نتائجها، كما يجب أيضًا متابعة تطورات الأسعار وردود فعل المستهلكين والمنتجين بصورة دائمة.
تأثيرات خارجية
وعن التأثيرات الخارجية التي تؤثر على الأسعار في مصر، يرجع الخبير الاقتصادي السبب في حدوث ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والقمح في الأسواق العالمية؛ بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تداعيات جائحة كورونا على الإنتاج والتجارة والسياحة والنمو الاقتصادي.
أما عن الإجراءات الدولية أو الإقليمية التي يمكن اتخاذها للحد من هذه التأثيرات، يقول:"يجب تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتجارة الإقليمية والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية والإفريقية؛ لتنويع مصادر الدخل وزيادة التنافسية وخلق فرص عمل، بجانب تسهيل إعادة هيكلة أو تخفيف أو إلغاء ديون البلدان المتضررة بشدة من الأزمات الاقتصادية بمشاركة جميع أطراف الائتمان.
ويستكمل:"مصر تستفيد من بعض الإجراءات الدولية والإقليمية للحد من التأثيرات الاقتصادية، من خلال التعاون مع الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والاتحاد من أجل المتوسط وغيرها من المؤسسات الدولية والإقليمية في مجالات تطوير التجارة والاستثمار والابتكار والبحث العلمي والتكامل الاقتصادي".
وفي ختام الحديث، يوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر تلتزم بأهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة التي اعتمدها قادة دول العالم في عام 2015، والتي تضم 17 هدفًا تغطي جوانب اقتصادية واجتماعية وبيئية، وإطلاق رؤية مصر 2030 كخريطة طريق للتنمية المستدامة في مصر.
مواجهة صارمة
أما عن عقوبة التلاعب في أسعار سلع عيد الأضحى، يوضح المستشار القانوني مصطفى أبو النصر أن العقوبة هنا تختلف باختلاف نوع السلعة وطريقة التلاعب، ولكن بشكل عام هناك قوانين تحمي المستهلك من هذه الممارسات، قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018، الذي يحظر حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول بإخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأي صورة أخرى، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
أكد أبو النصر أن قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز 500 جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من تسبب في ارتفاع أو انخفاض أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بأي طريقة احتيالية، وتضاعف الحد الأقصى المقرر لعقوبة الحبس إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو حطب الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية.
يشير المستشار القانوني، لـ"الدستور"، إلى أن التلاعب في أسعار عيد الأضحى يشكل جرائم يجب التصدي لها بالقانون والرقابة، فإذا شهد المستهلك زيادات غير مبررة في الأسعار يجب إبلاغ جهاز حماية المستهلك على رقم الخط الساخن الخاصة بهم (19588) أو تقديم شكوى إلكترونية من خلال الموقع الإلكتروني للمؤسسة.