قمة جدة| كيف ساهمت فى دعم إنهاء أزمات المنطقة؟.. خبراء يجيبون
عقب انتهاء القمة العربية الثانية والثلاثين في مدينة جدة السعودية، اعتمد مجلس جامعة الدول العربية "إعلان جدة" والذي تضمن عددًا من البنود (32) بندًا، تطرق لمختلف القضايا المُلحة في العالم العربي، وصولًا لقضايا البيئة والأمن السيبراني والملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وفى هذا السياق، قال أحمد السيد، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه لا يمكن الجزم بأن اعتماد قادة الدول العربية لتلك البنود يعني انتهاء أزمات المنطقة بشكل فوري، فكثير من مُشكلات وأزمات المنطقة مُتشابكة ومترابطة، وتحتاج لجهد عربي كبير وسياسات عمل قوية لحلحلة تلك الأزمات.
وتابع "السيد" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، لكن وحتى لا نُعطي صورة قاتمة، يُمكن التأكيد على أن وضع مشكلات وأزمات المنطقة على طاولة التفاوض؛ هي خطوة أولى نحو طريقها للحل.
وفي هذا السياق، أكدت جامعة الدول العربية في بيان القمة، على مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا يؤكد أن القضية الفلسطينية هي أولى الأولويات للأمة العربية، وأنها لا تتوارى مع مرور الأعوام، أو عمليات التطبيع، بل تظل في وجدان الدول العربية.
وأشار "السيد" إلى أن بيان القمة حول الوضع في لبنان، أكد على ضرورة مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة.
وعلى الصعيد السوري، أضاف "السيد" أن البيان أكد على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها؛ كما أكدت الدول العربية على تكثيف جهودها لمساعدة سوريا على الخروج من أزمتها، وإنهاء مُعاناة شعبها المُمتدة مُنذ عام 2011؛ كما أن حضور الرئيس السوري "بشار الأسد" القمة للمرة الأولى مُنذ 2011، يعني عودة سوريا مرة أخرى للحضن العربي، والتكاتف لمساندة الدولة السورية.
وحول الأزمة السودانية، جاء تأكيد القادة على التضامن الكامل للحفاظ على سيادة واستقلال السودان، ورفض التدخل في شئونه الداخلية، والحفاظ على المؤسسات.
وفيما يتعلق باليمن، تطرق البيان لضرورة الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي، مع تعزيز دوره ودعمه.
كما رحب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، والذي تضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
واختتم السيد تصريحاته قائلًا "إجمالًا يُمكن القول إن القمة العربية صاغت بيانًا دبلوماسيًا، وبنودًا لا أحد يختلف بشأنها، لكن آلية الدعم والتنفيذ ستعتمد على الوسيلة والإجراءات التي ستُتخذ حيال تلك القضايا من أجل التوصل لإيجاد حلول جذرية لمشاكل المنطقة".
التخطيط الفلسطيني: إعلان جدة شكّل خريطة سياسية عامة لمختلف القضايا المعقدة
من جانبه، قال الدكتور جهاد عبدالكريم ملكة، أستاذ العلاقات الدولية وباحث في الشئون السياسية لدى مركز التخطيط الفلسطيني، لا شك بأن إعلان جدة وقرارات القمة العربية في الدورة الـ32، شكّلت خريطة سياسية عامة لمختلف القضايا المعقدة، وهي خطوة لبداية قد تفتح الباب لمعالجات المشاكل التي تعانيها الأمة العربية من جذورها، وخاصة القضية الفلسطينية التي تمر بظروف حالكة لم تمر بها من قبل، الأمر الذي يتطلب نقلة تغيير جذري في الفكر والممارسة، ووضع اليد على المرض الحقيقي وليس ما يشبه المرض.
وأضاف "ملكة" فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه على الرغم أن هذا الإعلان كان بمثابة شبه خريطة طريق للعمل العربي الموحد، إلا أنه لم يحمل وضوحًا في "آليات العمل المحددة". فمثلًا، القضية الفلسطينية كانت القضية الأبرز التي تناولتها قرارات القمة وإعلان جدة، وشملتها مجموعة منها ولكن بشكل فضفاض وغير محدد.
وأكد "ملكة" أن هناك تغيرًا نوعيًا كبيرًا في التعامل مع الأزمات والقضايا بعيدًا عن التدخلات الخارجية، فعودة سوريا للجامعة العربية بعد غياب 12 عامًا ومشاركة الرئيس السوري والتقارب العربي الإيراني رغم الفيتو الأمريكي يعتبر شاهدًا على تراجع الدور الأمريكي وشاهدًا على عصر جديد في المنطقة العربية.