الغش وتسريب الامتحانات.. مشكلة تربوية وأمنية تتطلب حلولًا جذرية
في زمن الثورة الرقمية والتكنولوجية، تزدهر ظاهرة الغش وتسريب الامتحانات في مصر، حيث تنشط صفحات إلكترونية تعرض خدماتها للطلاب مقابل مبالغ مالية أو اشتراكات، وتنشر أسئلة وأجوبة الامتحانات قبل أو أثناء إجرائها، مستخدمة وسائل مختلفة منها فيسبوك وواتساب وتليجرام.
هذه الظاهرة تشكل خطرًا على نزاهة الامتحانات وجودة التعليم، وتؤثر سلبًا على مستوى الطلاب ومستقبلهم، كما تضر بالمجتمع والاقتصاد بشكل عام، لذا نستعرض في السطور التالية أبرز صفحات الغش والتسريب في مصر، وكيفية عملها وانتشارها، وما هي الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية لمكافحتها، وما هي العقوبات التي تنص عليها القوانين.
ظاهرة خطيرة
ومن جانبه، يقول مصطفى أبو النصر، الاستشاري القانوني، إن صفحات الغش وتسريب الامتحانات هي منصات إلكترونية تنشر أسئلة وأجوبة الامتحانات قبل أو أثناء إجرائها، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مثل فيسبوك وواتساب وتليجرام، ومن أبرزها صفحة "شاومينج" التي اشتهرت بتسريب امتحانات الثانوية العامة في السنوات الماضية، وزعمت تسريب امتحانات الشهادة الإعدادية في عام 2023.
ويستكمل "أبو النصر" حديثه لـ "الدستور"، موضحًا أن وزارة التربية والتعليم في مصر تعمل على مكافحة ظاهرة الغش والتسريب باتخاذ إجراءات أمنية وفنية وقانونية، مثل تأمين المطابع واللجان والكنترولات، واستخدام صناديق معدنية مغلقة لنقل أوراق الأسئلة، وإصدار قانون مكافحة الغش في عام 2020.
ويوضح: "قانون مكافحة الغش يعاقب كل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج لأسئلة أو أجوبة الامتحانات بالحبس من سنتين إلى سبع سنوات، وغرامة من 100 ألف إلى 200 ألف جنيه، كما يجرم الطالب المخالف بإلغاء امتحانه في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه".
"ورغم هذه الإجراءات، لا تزال صفحات الغش والتسريب تستغل ثغرات في نظام التعليم والامتحانات، وتستهدف ضعف المستوى التعليمي لبعض الطلاب، وتستخدم تقنيات متطورة لإخفاء هوياتها والتلاعب بالأدلة"، وفق حديث "أبو النصر".
مكافحة الغش
وينوّه الاستشاري القانوني، إلى أن هذه الصفحات تدعي حصولها على أسئلة الامتحانات من مصادر موثوقة داخل المطابع أو اللجان، وتنشرها قبل أو أثناء إجراء الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي أو التطبيقات المختلفة، مقابل مبالغ مالية أو اشتراكات، كما تستخدم هذه الصفحة تقنيات متطورة لإخفاء هويتها والتلاعب بالأدلة، مثل استخدام رموز أو صور أو فيديوهات مشفرة، أو تغيير اسم الصفحة أو رابطها بشكل مستمر، أو استخدام حسابات وهمية أو مزورة.
ويتابع: "تستغل هذه الصفحات ضعف المستوى التعليمي لبعض الطلاب، وضغط المنافسة على الكليات المرغوبة، وقلة المراجعة والإعداد للامتحانات، لجذبهم إلى خدماتها وإقناعهم بأنها تضمن لهم النجاح والتفوق".
أما عن الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية لمكافحة الغش والتسريب في مصر، يقول: "تستخدم الوزارة تطبيقات إلكترونية لمراقبة سير الامتحانات وضبط المخالفات، مثل تطبيق "أمان" الذي يسمح للطلاب بالإبلاغ عن أي حالات غش أو تسريب داخل اللجان، وتعتزم الوزارة تطبيق نظام الامتحانات الإلكترونية في المستقبل، لضمان نزاهة الامتحانات وسرعة إعلان النتائج".
ويؤكد: "هذه العقوبات تهدف إلى ردع المخالفين وحماية حقوق المجتهدين والأمانة في التعامل، ومن أبرز آثار الغش والتسريب على المجتمع والاقتصاد، انخفاض مستوى التعليم وضعف جودة الخريجين وانتشار الفساد، بالإضافة إلى خسارة الثقة بين أفراد المجتمع، وتضييع فرص التنمية والابتكار".
حلول مقترحة
ويشير "أبو النصر" إلى بعض الحلول المقترحة للحد من الغش والتسريب في مصر، ومنها التوعية من المنظور الديني والأخلاقي والاجتماعي بخطورة الغش وآثاره السلبية على المستقبل والوطن، كما يمكن سرد بعض النماذج للمجتهدين والناجحين بدون غش، وكذلك بعض النماذج للفاشلين والمعاقبين بسبب الغش.
وفي ختام الحديث، يوجه الاستشاري القانوني، بضرورة تطوير نظام التعليم ليكون أكثر تفاعلاً وإبداعاً وتحفيزاً للطلاب، وليس مجرد حفظ وإعادة، بالإضافة إلى تطبيق التقنيات الحديثة في إجراء الامتحانات، مثل استخدام التابلت أو الامتحانات الإلكترونية أو نظام التصحيح الآلي بشكل متواصل، وأخيراً، يمكن فرض عقوبات رادعة على المخالفين، سواء كانوا طلاب أو معلمين أو مشرفين أو مسؤولين.