عودة سوريا إلى «المظلة العربية».. هل تقلق إسرائيل؟
تتابع إسرائيل عن كثب خطوات عودة سوريا إلى المظلة العربية بعد أكثر من 12 عامًا على العزلة التي ألمت بها عقب اندلاع الحرب الأهلية لديها، حيث أعلنت جامعة الدول العربية، بداية شهر مايو الجاري، عن موافقة الدول الأعضاء على استئناف الوفد السوري لنشاطه رسميًا، كما حضر الرئيس السوري بشار الأسد، أمس الجمعة، فعاليات القمة العربية الـ32 في مدينة جدة بالسعودية.
وتترقب إسرائيل الموقف الحالي، خاصةً بعد عودة العلاقات مرة أخرى بين سوريا والسعودية، ومن جهة أخرى استئناف العلاقات بين المملكة وإيران، حيث يشغل الأوساط الأمنية الإسرائيلية ما سينتج عن تلك التحركات، لاسيما العربية، بكسر عزلة «دمشق».
مناقشات أمنية وترقب إسرائيلي
في ذلك السياق، أجرت الأجهزة الأمنية في إسرائيل مناقشات، تحديدًا حول عودة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث كشفت التقارير هناك عن أن اجتماعًا عُقد خلال الأسبوع الماضي، حضره يوآف جالانت وزير الجيش الإسرائيلي.
يدل ذلك الاجتماع الأمني على الاهتمام الكبير الذي توليه إسرائيل لخطوات وتوقيت عودة سوريا تحت مظلة المنطقة العربية، خاصةً أن الجيش الإسرائيلي كان يشن هجمات ضد مواقع تابعة لإيران داخل الأراضي السورية على مدار السنوات القليلة الماضية، وسعى دومًا لأن يضفي عليها صبغة «الدفاع ضد التهديدات الإيرانية التي يمكن أن تأتيه عبر الأراضي السورية».
ورغم أن ترقب إسرائيل لنتائج التحولات تجاه سوريا مؤخرًا، إلا أن الاحتمالات التي تشغلها يغلب عليها القلق، ويليه أنه يمكن إيجاد استفادة، ولو بسيطة، من تلك الخطوات.
كيف تنظر إسرائيل إلى عودة سوريا للجامعة العربية؟
في المقام الأول، عودة سوريا إلى الجامعة العربية تصعب الوضع على إسرائيل فيما يخص ضرباتها ضد التمركزات الإيرانية هناك وحرية العمل ضدها كما في السابق، وهو ما تنظر إليه الأوساط الأمنية لدى تل أبيب بالفعل.
وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أن خطوة التحام دمشق بالجسد العربي مرة أخرى قد يعقد الأمر عليها ليس على المدى الطويل فقط، بل المدى القصير أيضًا، لأن تلك العودة تكسر العزلة التي عاشتها سوريا ورئيسها بشار الأسد، لأكثر من 12 عامًا.
وظهر ذلك التخوف الإسرائيلي بشكل واضح، حيث انصب اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية على كيف ظهر الرئيس السوري في القمة العربية أمس، واستقبال باقية الزعماء العرب له، والاهتمام بالكلمة التي ألقاها خلال الفعاليات، خاصةً أنه طرح خلالها وجود «فرصة تاريخية» - بحسب تعبيره - لحل قضايا المنطقة دون تدخل خارجي.
وفي إطار التقديرات في إسرائيل، وُصف عودة سوريا إلى الوطن العربي بـ«التطور السيئ»، بحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وهو ما يؤكد مدى القلق الذي تنظر به تل أبيب إلى تطورات المواقف الحالية.
في تلك الحالة، متوقع أن تبدأ إسرائيل على الفور بالتركيز على عدم تغير موقفها تجاه العمل ضد التمركزات الإيرانية داخل سوريا، وأن تسعى إلى إيضاح الأمر للمجتمع الدولي، والأطراف ذات الصلة، بأن هجماتها تجرى ضد خطرًا يهددها، ولا يمكن توقفها أمامه.
السيناريو المتفائل حول سوريا في إسرائيل
على الجانب الآخر من ذلك الترقب في تل أبيب، يرى عدد من المسئولين الإسرائيليين الكبار أن تلك التطورات «ليس بالضرورة أن تكون سلبية»، وأنه من المبكر للغاية تقييم تأثيرها وأهميتها، في نظرة قد تبدو أكثر تفاؤلًا حتى الآن.
ويحاول المسئولون في إسرائيل النظر إلى كيف يمكن الاستفادة من تلك التحولات في المنطقة، سواء من السعودية تجاه إيران، أو العالم العربي تجاه سوريا، فعلي سبيل المثال، يرى الوسط الأمني الإسرائيلي أن هناك مصلحة في عدم تصعيد النزاع داخل اليمن، حيث جاء في التقديرات أن «عدم تحول اليمن لتصبح مصدر عداء أخر يعد مصلحة».
وحول سوريا، تنتظر إسرائيل إلى كيف سيتعامل بشار الأسد مع العودة للمظلة العربية، وتترقب تصرفاته مع الحلفاء الذين اعتمد عليهم في الماضي، والسيناريو الأقل ضررًا بالنسبة لتل أبيب هو أن يعمل الرئيس السوري على خفض توجهه إلى إيران، وكذلك حزب الله.