بعضهم يتوهم.. الحقيقة المطلقة
مفهوم الحق والواجب متلازمان. نص الدستور المصرى على منظومة حق المواطنة، وتمت ترجمة ذلك بالنص على تساوى الجميع أمام القانون بدون تفرقة على أساس اللون أو الدين أو العقيدة. والتأكيد على مساواة المرأة والرجل فى كافة الحقوق والواجبات. وفى مجال الواجبات العامة، نجد واجب الدفاع عن الوطن والالتزام بالتجنيد الإجبارى، وواجب أداء الضرائب والتكاليف العامة. وهى واجبات تبدو للوهلة الأولى منفصلة عن أى حق، والحقيقة أنها واجبات مقابلة لحقوق قائمة، فحق المواطنة هو حق يقابله واجب الدفاع عن الوطن، وحق المواطن فى الانتفاع بالخدمات العامة هو الحق المقابل لواجبه فى أداء الضرائب والتكاليف العامة.
لا جديد فيما سبق من أن هناك تلازما بين الحق والواجب، ولا جديد فى أن الواجب المفروض باحترام حدود الحق قد يقع الإخلال به من صاحب الحق ذاته عند محاولة تجاوز هذه الحدود، وقد يقع من الغير عندما يعمد إلى اقتحام هذه الحقوق.
الاختلاف هو طبيعة التكوين الاجتماعى، والخطر يأتى من الأشخاص الذين يرفضون هذا الاختلاف، فيكون هذا الرفض مصدراً لنفى الطرف المختلف «سلب من يملك مما يملك، وإدانة الفكر الآخر ممن يختلف معه، وإنكار البحث العلمى أو الإبداع الفنى لما لا يتقبله..».
على مدى التاريخ الإنسانى كان الاختلاف على حقيقة ما يمثل مشكلة سواء للجماعة أو للمختلف، والاختلاف دائماً هو الطريق الأصعب والأخطر، ولذلك فمن السهل أن نتحدث بصيغة الجمع لأن عدم الاختلاف عن الجماعة فيه الأمان والشعور بالطمأنينة.
الاختلاف هو بداية الطريق إلى عمق الحقيقة.. فلا شك أن الحقيقة كما هى بدون معرفة الطريق إلى عمقها وأساسها هى حقيقة ميتة، عندما نختلف على حقيقة ما، نبدأ فى البحث عن أعماقها وأساسها. وهكذا فإنه من المستحيل أن يحدث أى تطور لأى فكر أو فلسفة بدون إباحة حق الاختلاف دون خوف من قتل أو سجن أو اضطهاد أو إقصاء أو تمييز أو تنمر أو تحرش.
إن التقدم فى ميادين العلوم الطبيعية يعتمد اعتماداً كلياً على الاختلاف أو على النفى، فوجود العقل الناقد الشكاك هو أهم سمات المنهج العلمى فى التفكير. قيمة الاختلاف فى التفكير العلمى تهدف إلى الوصول إلى الحقيقة العلمية الموضوعية التى لا تقبل الحلول الوسطية أو المساحات الرمادية.
أفاد العلم الحديث البشرية بفوائد جمة وعظيمة، فقد أطال عمر الإنسان من 45 سنة فى بداية القرن العشرين إلى أكثر من 75 سنة الآن، كما ذهب بالإنسان إلى سطح القمر، وعلى وشك أن يضعه فوق التوقعات المتصورة. ولقد جعل العلم الحديث إمكانية أن يجلس أى إنسان فى بيته ويملك العالم بأسره عن طريق الكمبيوتر والإنترنت من خلال المعلومات الغزيرة عن أى موضوع من أى مكان فى العالم.
قرأت دراسات متعددة عن الخلاف الذى لا يزال يدور حالياً بين العلماء حول ما يسمى بالنظرية الموحدة الكبرى، وذلك من أجل التوحيد بين أهم نظريتين علميتين فى القرن العشرين: النسبية العامة التى تفسر سلوك الأجرام السماوية الكبرى حسب الجاذبية، وميكانيكا الكم التى تفسر سلوك الجسيمات الصغرى حسب القوى الكهرومغناطيسية والقوى النووية، حيث يرى العلماء أنه لو أمكن توحيد النظريتين معاً فى نظرية واحدة تسمى الكم- جاذبية، سنصل إلى نظرية كبرى موحدة تفسر العلم بشكل مختلف. وثمة محاولات أخرى ترى أن العلم ليس فى حاجة لهذه النظرية الكبرى، ويمكنه أن يستمر فى طريقة بدونها.
إنه التفكير فى العلم.. إنه التفكير العلمى الذى نفتقده في حياتنا، بل والمقابل هو المزيد من نشر الدجل والشعوذة والغيبيات، وعين الحسود فيها عود.
نقطة ومن أول الصبر..
ما زلنا حتى الآن نؤول ونكفر، ليس فى إطار الفلسفة أو العلم، بل فى إطار الأصوليات السياسية والدينية التى انتشرت وسادت لدرجة تصل إلى التكفير والقتل.
ممارسة حق الاختلاف ضد توهم امتلاك أى إنسان أو اتجاه أو تيار لوهم الحقيقة المطلقة.