زكى رستم
ممثل مصرى اعتبره العديد من النقاد العالميين، أحد أكثر الفنانين موهبًة فى الشرق والعالم. اختارته مجلة (بارى باتش) كواحد من أفضل 10 ممثلين فى العالم. رصيده السينمائى أكثر من 240 فيلمًا، لم يعرف منها سوى 55 فيلمًا.
عاش بقصر جده اللواء محمود رستم باشا، كان والده عضوًا بارزًا للغاية فى الحزب الوطنى، وهو صديق شخصي للزعيمين محمد فريد ومصطفى كامل، اختار الفن رغم اعتراض أسرته، مما أدى إلى مرض والدته، وإصابتها بالشلل، لأنه رفض إكمال تعليمه الجامع.
يعد التمثيل أو مهنة «المشخصاتى» مهنة غير ذات أهمية، ومن يمتهنها لا قيمة له، ولا صوت قانونيًا أمام القضاء.. وفقًا لقواعد وقوانين هذا الزمن!
اشتهر بأداء دور الباشا، أشهر أفلامه: فيلم نهر الحب. اختارته الصحف الأجنبية كأحد أبرز الوجوه السينمائية تميزًا، واعتبر أحد أهم عشر فنانين على مستوى العالم من حيث التمكن من الأداء.. إنه الفنان القدير زكى رستم.
البداية:
ولد الفنان زكى رستم فى حى (الحلمية) بالقاهرة لعائلة أرستقراطية، والده وجده من بشوات مصر. ولد فى قصر يملكه جدّه اللواء (محمود باشا رستم) أحد رجال الجيش المصرى البارزين، والده (محمود بك رستم) من كبار ملاك الأراضى الزراعية ومن أعضاء الحزب الوطنى وصديقًا شخصيًا لمصطفى كامل.
توفى والده وهو لا يزال صبيًا، تكفل به صديق والده (مصطفى بك نجيب) - والد الفنان (سليمان بك نجيب) الذى ظل من أصدقاء (زكى رستم) القليلين طيلة حياته، الأمر الذى أتاح له تكوين علاقات مع بعض فنانى المسرح فى ذلك الحين، ومنهم الفنان (عبدالوارث عسر). مارس رياضة رفع الأثقال وحصل على بطولتها عام 1923. بدأت هوايته فى التمثيل وهو طالب فى البكالوريا عام 1924 حين أعجب به (جورج أبيض) وضمه إلى فرقته.
كان من المفترض أن يستكمل دراسته لكلية الحقوق طبقًا للتقليد السائد فى العائلات الأرستقراطية الذى يُلزِم أبناءها باستكمال دراستهم الجامعية، ولكنه رفض دراسة الحقوق، وأخبر والدته برغبته فى أن يكون ممثلًا. الأمر الذى رفضته بشدة وخيرته بين حياته كفنان وبين استكمال حياته معهم! ليختار الفن.
انتقل إلى (عمارة يعقوبيان) بوسط القاهرة بمنطقة (وسط البلد)، حيث عاش بقية حياته. تسبب موقفه هذا بإصابة والدته بالشلل حزنًا على اختيار ابنها، وهو الأمر الذى كان له أثر كبير عليه بقية حياته. بعدها انتقل لفرقة رمسيس عام 1925 مع (أحمد علام) الذى أسند إليه أدوارًا رئيسية ولفرق (فاطمة رشدي) و(عزيز عيد) المسرحية.. ثم أخيرًا للفرقة القومية عام 1935. أما عن لقائه مع شاشة السينما فكانت بدايته الأولى مع السينما الصامتة بفيلم زينب عام 1930. ثم شارك فى أول فيلم مصرى ناطق وهو (الوردة البيضاء) عام 1932، وتوالت أعماله السينمائية لثلاثين عامًا متتالية بلا توقف حتى بداية الستينيات. عرف بتنوع أدواره خلال مشواره السينمائى، فمن أدوار الباشا الأرستقراطى، إلى الأب الحنون، إلى المعلم فى سوق الخضار، إلى الفتوة، إلى الموظف، إلى المحامى، إلى الزوج القاسى، ترك بصمته الخاصة من خلال أدوار الشر المتميزة، حتى أصبحت بصمته الخاصة جدًا لما عرف عنه من إجادة تامة لهذه الأدوار بشكل بالغ التميز.
عُرف بتقمص شخصياته تقمصًا كاملًا وتدقيقه فى أدق تفاصيلها، من الملبس حتى معايشة الجو أثناء التصوير بكل تفاصيله، الأمر الذى بدأه مبكرًا جدًا منذ بدايته فى فرقة (جورج أبيض). ومن أدواره التى تركت بصمة واضحة فى السينما المصرية داخل هذا الإطار أدواره فى أفلام (رصيف نمرة خمسة)، (الفتوة) و(نهر الحب). يعزى البعض موهبته التمثيلية التى اقترن بها بميله إلى العزلة الشديدة وقلة أصدقائه فلم يكن له أصدقاء تقريبًا من الوسط الفنى أو خارجه، وكانت علاقته بزملائه تنتهى بانتهاء التصوير، ولم يتزوج طيلة حياته.
فى أوائل الستينيات بدأ سمعه يضعف شيئًا فشيئًا حتى فقد سمعه تمامًا، الأمر الذى أجبره ذلك على ترك عمله ونشاطه الأثير، وعاش فى شقته بوسط القاهرة مع كلبه وخادمه حتى نهاية حياته.
محطات فنية:
عرضت عليه شركة كولومبيا بطولة فيلم عالمى لكنه رفض، ولما سألوه عن سبب الرفض، قال بغضب «غير معقول اشتغل فى فيلم يعادى العرب».
من أشهر أفلامه:
بقايا عذراء 1962
تدور أحداث الفيلم فى إطار درامى اجتماعى، حول نبيلة التى تعمل مُدرسة فى القاهرة وفى يومها الأول بالعمل تتشاجر مع هدى الابنة المدللة للوزير الأسبق التى أصبحت عنيدة بعض الشىء بعدما ماتت والدتها وبعد هذا الشجار يدعو والد هدى المدرسة نبيلة لكى يعتذر لها ولكنه وعلى غير المتوقع يقع فى غرامها ويتزوجها.
أعز الحبايب 1961
تتمحور أحداث الفيلم حول العائلة التى تتفرق مسارات حياة كل أفرادها، حيث يدخل السجن الابن الذى يعمل مهندسًا بتهمة الاتجار فى المخدرات، وبعد أن يخرج يُسافر لإحدى الدول العربية ليبحث عن العمل، فى حين أن أخاه أو الابن الآخر يتزوج مِن امرأة ذات طباع سيئة تتلذذ فى إذلال والدة زوجها التى تعيش معهم مما يدفعها للهروب مِن المنزل والعمل خادمة فى أحد المستشفيات.
نهر الحب 1960
تدور أحداث الفيلم حول الفتاة البسيطة نوال التى تعيش مع أخيها المحامى الذى فى أحد الأيام يختلس مبلغًا مِن العهدة الموكلة إليه وهو ما يكتشفه رب عمله طاهر باشا ويُقرر أن يبتزه عن طريق طلب يد أخته نوال، فتقبل نوال حرصًا على مستقبل أخيها وزوجته، وتذهب للعيش مع رجل لا يعرف للحب معنى حتى يمن عليها الله بمولودها هانى الذى يُضىء عليها حياتها، وبعد فترة تذهب نوال لأخيها الذى بدوره سافر للصعيد ليعمل بعيدًا عن تضحية أخته، وهناك تلتقى بحب حياتها خالد، وتنشأ بينهما قصة حب رومانسية يُذاع أمرها فى الأوساط الراقية.
إغراء 1957
نعمة هى فتاة شابة تطمح أن تحصل على حياة هانئة رغيدة تعوضها عن كل المعاناة التى لاقتها طوال حياتها فتدعى الثراء لكى توقع بالشاب الثرى حسين فى شباك غرامها، ولكن هذه الخطة البسيطة تواجها الكثير مِن التحديات والصعوبات.
موعد مع إبليس 1955
يُعتبر هذا الفيلم أحد أفضل أفلام زكى رستم على الإطلاق، وعن قصته فهى تدور حول طبيب يعيش فى القاهرة، ويُعانى مِن ضيق الحال وقلة إيراد العيادة، وفى أحد الأيام يُقابل طبيبًا آخر يُدعى نبيل، وهو فى الواقع الشيطان شخصيًا، الذى يعقد معه صفقه تنص على أن يُساعده على معرفة كل الأمراض التى يُعانى مِنها مرضاه، وهو ما يُساعد على شهرة الطبيب بشكل واسع، ويُصبح حاله ميسورًا للغاية، إلا أن هذا الوضع لا يستمر طويلًا، وتنقلب الأمور رأسًا على عقب فيما بعد.
أنا الماضى 1951
رجل يدخل السجن بسبب زوج أخته وعشيقته، وعندما يخرج مِن السجن يبحث عن هذين الاثنين، إلا أنه يكتشف أنهما ماتا بحادث سيارة، ولكن يجد أنهما أنجبا بنتًا جميلة يُقرر أن يتزوجها لينتقم منهما بمساعدة أخته، ولكن عندما تُنجب يُحاول أن يوقف أخته عند حدها، ولكنها تأبى وينتهى الأمر على أنه يقوم بقتل أخته، بعدما قامت بضربة ضربة مميتة دون قصد.
النهاية:
فى عام 1962 حصل على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس جمال عبدالناصر فى عام 1968 توقف الفنان زكى رستم تمامًا عن التمثيل وابتعد عن السينما واعتزل الناس بعد أن فقد حاسة السمع تدريجيًا، حيث قضى معظم وقته فى القراءة.
أصيب بأزمة قلبية حادة نقل على أثرها إلى مستشفى دار الشفاء، وفى ساعة متأخرة من ليلة 15 فبراير عام 1972 صعدت روحه إلى السماء. ولم يشعر به أحد ولم يمشِ فى جنازته أحد.