السياحة بين الواقع والمأمول
يعتبر قطاع السياحة أحد القطاعات الهامة التى تؤثر تأثيراً مباشراً على الاقتصاد المصرى وذلك لاعتباره من أبرز موارد العملات الأجنبية بالإضافة إلى ارتباطه بالعديد من الخدمات الأخرى كالسفر والنقل والفنادق وما يمثله ذلك من توفير فرص للعمل والقضاء على البطالة بالإضافة إلى مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى ورأس المال السوقى فى البورصة المصرية.
ومن هذا المنطلق وتحديداً منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى قيادة الدولة المصرية كان الارتقاء بهذا القطاع يأتى على رأس أولوياته واهتماماته للسعى إلى زيادة عائداته وتعظيم إيراداته الدولارية.
وها نحن نرى ثمار اهتمام سيادته بهذا الملف حيث تجاوزت إيرادات العائد السياحى خلال عام 2022 حوالى 12 مليار دولار وتسعى الدولة خلال عام 2027 إلى الوصول بهذا الرقم إلى 30 مليار دولار بإذن الله .
كان هناك العديد من العوامل الخارجية والداخلية التى تعرض لها العالم والدولة المصرية التى أثرت سلبياً على هذا الرافد الهام من روافد الدخل القومى للبلاد، نذكر منها على سبيل المثال جائحة كورونا وما استتبعها من انعزال دول العالم عن بعضها البعض ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية وما لها من تداعيات اقتصادية هائلة أثرت على المزاج العام والشعور بالأمان فى معظم الدول المحيطة بمناطق النزاع، ثم جاءت الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التى أثرت سلبياً على اقتصاديات أكبر دول العالم بل وأدت إلى إفلاس العديد من بنوكها وترتب على ذلك زيادة فى أسعار معظم السلع بل والعملات الأجنبية والذهبية وهى عوامل كان لها الأثر الأكبر على قطاع السياحة فى مصر بصفة خاصة.
يأتى هذا فى الوقت الذى كانت بلادنا تعانى فيه من الإرهاب الأسود وتواجهه بكل ما أوتيت من قوة إلى أن وصلنا حالياً بفضل الله وتوجيهات ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الدرجة التى من الممكن أن نقول إننا بالفعل حققنا المستهدف فى القضاء على الإرهاب بكل صوره.
وهو الأمر الذى شهد به العالم وبدأ يستقر فى وجدانه أن مصر عادت بالفعل بلد الأمن والأمان والاستقرار وأنها أصبحت مقصداً سياحياً معتبراً نشعر به جميعاً حالياً ونشاهده فى الأماكن السياحية ونسب إشغال الفنادق والحركة التى تقوم بها شركات السياحة المختلفة.
من المؤكد أننا كمصريين لسنا فى حاجة إلى أن نشير إلى أن مصر تحتضن الآلاف من المواقع الأثرية والتراثية التى تجعلها قبلة للزائرين والسائحين من مختلف دول العالم بجانب المقومات السياحية الأخرى كالسياحة الترفيهية والشاطئية والعلاجية، وها نحن نترقب الافتتاح العالمى للمتحف المصرى الكبير بعدما تم افتتاح المتحف القومى للحضارة المصرية وهما من المشروعات التى ساعدت على الترويج الأمثل للتراث الثقافى والتاريخى المصرى وكذا إعادة صياغة الخريطة السياحية فى مصر.
ولعل من أبرز المحطات التى تؤكد اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بهذا القطاع اهتمامه بملف تدريب وتأهيل العاملين به والتأكيد على أهمية التعاون مع المؤسسات الدولية وخاصة منظمة السياحة العالمية وهو الأمر الذى دفع المنظمة إلى زيادة تعاونها مع مصر بل إن الأمين العام لتلك المنظمة العالمية أهدى درع المنظمة للرئيس عبد الفتاح السيسى تقديراً لدعمه الفعال للقطاع السياحى من خلال إطلاق برنامج الإصلاح الهيكلى لتطوير قطاع السياحة فى مصر بما يسهم فى تحقيق استراتيجية 2030 للتنمية المستدامة.
كما نرى أن جميع ما سبق الإشارة إليه يندرج تحت بند اهتمام الدولة المصرية متمثلة فى قياداتها السياسية الدافعة بكل قوة واهتمام بملف السياحة....ويبقى الدور الذى لا يقل أهمية عن ذلك وهو تنمية الوعى السياحى لدى القائمين بالعمل فى هذا القطاع سواء العاملين فى المطارات أو الفنادق أو المزارات وضرورة تضافر جهودهم لاستكمال المنظومة الرائدة فى هذا المجال والتى سوف تجعل من السياحة أحد أهم مصادر الدخل القومى للبلاد.
ولعل من أبرز النقاط التى أرى الإشارة إليها فى هذا الصدد:
-العمل على وضع خريطة إحصائية تتضمن دراسة توزيع السياح حسب طريقة وصولهم للبلاد جواً أو براً أو بحراً والأماكن المحببة إليهم خاصة فى إقامتهم أو المزارات وتصنيف السياح حسب السن والجنس وبلد القدوم للعمل على مخاطبتهم طبقاً لاهتماماتهم وأعمارهم.
-الاهتمام بالتسويق السياحى الخارجى وعدم الاكتفاء بالمعارض الدولية ويمكن أن يتم ذلك من خلال مكاتب شركات الطيران الوطنية والسفارات المصرية فى الخارج.
-الاهتمام بتوعية الأفراد والشركات المتواجدة فى الأماكن السياحية لتغيير سلوكياتهم تجاه السائح وعدم التعامل معه باعتباره سلعة تباع وتشترى ولكن باعتباره أحد المصادر التى سوف تحقق لهم توافر فرص العمل وزيادة الدخل والاحترام وانعكاس ذلك على الصورة الحضارية للدولة المصرية.
-الاهتمام بنظافة الأماكن السياحية خصوصاً الأثرية والدينية .
-نأتى إلى الجانب الأمنى الذى يتعامل مع السائح منذ وصوله البلاد وحتى مغادرته حيث نرى أن الإجراءات الأمنية المتبعة فى المطارات المختلفة تمثل حائط الصد الأول لأى محاولة تسلل أو تهريب داخل البلاد، ولكن أصبح من الممكن الأخذ بالوسائل الأكثر تحضراً وتطوراً مع السائح والتى تتواكب مع ماهو معمول به فى مطارات العالم المختلفة والتى يترتب عليها الإسراع فى إنهاء إجراءات الوصول أو المغادرة مثل الأخذ ببصمة اليد أو العين أو الوجه وتخصيص كونترات للقادمين دون تأشيرات دخول فقط وكونترات للحاصلين عليها مع تعزيز إعداد القائمين بإدارات الجوازات بالشكل الذى يحقق الانسيابية فى حركة الركاب.
وهنا نشير إلى تلك الإجراءات السريعة التى تتم فى مطارات المملكة العربية السعودية فى موسم الحج والعمرة وأيضاً فى مطارات دولة الإمارات العربية فى ذروة المواسم السياحية، ولا مانع من الأخذ بالنواحى الإيجابية التى تتحقق هناك فى هذا الصدد.
إن تعظيم قطاع السياحة فى مصر يعتبر عنصرا من عناصر تنمية الدولة المصرية ويعتبر امتداداً للإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع وتسهم فى تحقيق جانب مهم من الدخل القومى للبلاد، وبالتالى تحقيق الاستقرار والرخاء لها بإذن الله.. وتحيا مصر.