ماكرون: أوروبا بحاجة لتعزيز السياسة الصناعية وإنهاء التبعيات الاقتصادية
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إنهاء التبعيات الاقتصادية وتأكيد نموذجه الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي، في أعقاب جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، مقترحًا ركائز تتضمن الالتزام بالقدرة التنافسية وزيادة التكامل وتعميق السوق الأوروبية الموحدة.
وأضاف ماكرون، في مقال نُشر بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية يعرض فيه رؤيته للسياسات الاقتصادية الأوروبية، أن أوروبا بحاجة أيضًا إلى تحديث السياسة الصناعية وحماية المصالح الأوروبية الحيوية والأصول الاستراتيجية واتساق الأهداف التجارية والسياسة لأوروبا، بالإضافة إلى التضامن متعدد الأطراف الذي يشمل دول الجنوب العالمي.
وأشار إلى أنه في غضون أيام قليلة، سيصل أكثر من 200 رئيس تنفيذي دولي إلى فرنسا للمشاركة في حدث بعنوان "اختر فرنسا"، حيث سيكشف الكثير منهم النقاب عن استثمارات في مجالات استراتيجية.
وقال إنه "منذ بداية هذه الأحداث في عام 2018، تم إنشاء آلاف الوظائف ومئات المصانع، مع إنشاء أكثر من 200 مصنع جديد في فرنسا في العامين الماضيين فقط".
وأضاف: “نحن ملتزمون بإعادة بناء الصناعة الفرنسية وتعزيز قوتنا الاقتصادية، ما سيتيح لنا تعزيز خدماتنا العامة والاستثمار في مستقبلنا، ونحن نتصرف بتصميم لا يتزعزع على المستوى الوطني، وكانت النتيجة أنه في عام 2022، وفقًا لمسح أجرته شركة "إرنست آند يونج"، كنا الدولة الأكثر جاذبية في أوروبا للاستثمار الأجنبي للعام الرابع على التوالي، ولكن من الواضح أنه يجب خوض معركة إعادة التصنيع على نطاق أوروبي أيضًا.
وتابع: "منذ أن أصبحت رئيسًا لفرنسا في عام 2017، دافعت باستمرار عن فكرة السيادة الأوروبية، ففي البداية كان يُنظر إلى هذا على أنه تمني، وفي بعض الأحيان كان يُنظر إليه على أنه منظور فرنسي للغاية".
وواصل: "خلال السنوات القليلة الماضية، كان على الاتحاد الأوروبي أن يواجه أزمتين محوريتين، وبسبب جائحة فيروس كورونا والحرب التي قررت روسيا شنها على أوكرانيا، فقد اعترفنا بتبعاتنا الاستراتيجية وقررنا العمل على الحد منها".
واستطرد في مقاله: "توصلنا نحن الأوروبيون إلى هذا الإجماع المحدد في قمة في مارس 2022 في فرساي أيضًا، حيث اتفقنا على أهمية البقاء متحكمين في مصيرنا ومهّدنا الطريق لأوروبا أكثر سيادة، مع اتخاذ قرارات ملموسة بشأن الدفاع والطاقة والأمن الاقتصادي،
وعلينا المساومة على انفتاحنا والعمل على حماية مصالحنا واستقلالنا وقيمنا وتأكيد نموذجنا الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي، وما نحتاجه الآن هو إطار شامل لتنفيذ هذا الإجماع الأوروبي على السيادة، لذلك أقترح عقيدة تقوم على خمس ركائز:
الركيزة الأولى هي الالتزام بالقدرة التنافسية وزيادة التكامل وتعميق السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وهو الشرط الأول لإنشاء أبطال أوروبيين في مجالات التكنولوجيا النظيفة والذكاء الاصطناعي.
الركيزة الثانية، ممنوع مناقشتها منذ فترة طويلة، لكن في الأشهر القليلة الماضية، جددنا هذا المفهوم القديم وحولناه إلى رافعة قوية لمواجهة تحديات التحولات البيئية والرقمية، ولمطابقة طموح شركائنا ومنافسينا.
الركيزة الثالثة هي حماية المصالح الأوروبية الحيوية والأصول الاستراتيجية، حيث أنشأ الاتحاد الأوروبي، لأول مرة، أداة لمنع الاستحواذ الأجنبي على الشركات الأوروبية الاستراتيجية، وعلينا أن نتحلى بالجرأة عندما يتعلق الأمر بمسألة الفصل التكنولوجي وتعزيز ضوابط التصدير.
الركيزة الرابعة، وهذا يعني أن جدول أعمالنا التجاري يجب أن يكون طموحًا ومتسقًا مع أهدافنا السياسية الأوسع، لذلك يجب أن تكون مستدامة وعادلة ومتوازنة وتسعى لتحقيق مصالح استراتيجية أوروبية واضحة.
الركيزة الأخيرة في هذا الإطار هى التضامن متعدد الأطراف، فالسيادة لا تعني الاعتماد على الذات ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يزدهر فقط في سياق التنمية العالمية، حيث دعوت دول جنوب الكرة الأرضية للحضور إلى باريس في يونيو لوضع الأساس لإطار مالي دولي جديد.
واختتم ماكرون مقاله: "علينا تنفيذ هذه العقيدة دون تأخير، وعلينا استعادة السيطرة على سلاسل التوريد والطاقة والابتكار، ونحن بحاجة إلى المزيد من المصانع وتقليل التبعيات، ويجب أن يكون شعارنا "صنع في أوروبا"، فليس لدينا خيار، لأن السيادة مرتبطة بقوة ديمقراطياتنا.