أبرز وجوه طه حسين.. مؤتمر الفن والثقافة نواة المجلس الأعلى للثقافة
"أكثر من 700 من رجال الفن والفكر والصحافة التقوا في مسرح دار الأوبرا مساء يوم السبت الأسبق بدعوة من السيد ثروت عكاشة وزير الثقافة والإرشاد القومي".. بهذه الكلمات يستهل الكاتب أنور عبدالله، التغطية التي قدمها على صفحات العدد 404 لمجلة الكواكب الفنية والمنشور بتاريخ 28 فبراير من عام 1959.
وكانت المناسبة المؤتمر الذي أقامته وزارة الثقافة والإرشاد القومي في عام 1959، والذي يعتبر النواة الأولى لبزوغ فكرة تأسيس المجلس الأعلى للثقافة، وخلال تغطيته للمؤتمر ينقل أنور عبدالله إلى القارئ صورة حية لفعاليات المؤتمر وأبرز الحضور.
ويشير "عبدالله" إلى أن الهدف من المؤتمر رسم الخطوط العريضة لسياسة تشعل فيها الأقلام والمواهب أضواء جديدة على طريق الحرية، وقيادة الطابور العربي كله نحو الأفق الواسع الذي تتطلع إليه الجمهورية العربية المتحدة، بل الأمة العربية كلها.
وعن حضور المؤتمر والمشاركين فيه يواصل "عبدالله": كان هناك أكثر من 400 فنان لامع في السينما والمسرح والموسيقي والغناء، وكان هناك أكثر من 300 من حملة الأقلام وذوي القرائح، وكان هناك بعد ذلك- وقبل ذلك- حماس شديد يكهرب عواطف الجميع وينتظمهم فيض يشبه الطابور.
ثروت عكاشة يفتتح مؤتمر الفن والثقافة
ويمضي أنور عبدالله في نقل وقائع المؤتمر: وقد بدأت جلسة افتتاح المؤتمر بتلاوة من آيات الذكر الحكيم، ثم ألقى ثروت عكاشة كلمة الافتتاح وشرح فيها حاجتنا إلى الدفاع عن مقدساتنا، وتدعيم حريتنا وقوميتنا، ساردًا ما حققناه من انتصارات في ميادين السياسة بفضل قيادة زعيمنا العظيم جمال عبدالناصر.
ثم وقف الدكتور طه حسين، وألقى كلمة قال فيها، إن قوميتنا العربية ينبغي أن يكون قوامها الدين، وإن الاتحاد والقومية ضدان مفترقان، ونهض بعده الدكتور السعيد مصطفى السعيد فألقى كلمة شرح فيها انتصارات القومية العربية في كل الميادين.
وتكلم بعد ذلك فكري أباظة وكان كعادته محدثًا ظريفًا لامعًا يسوق العبرة في ذيل النكتة، وكان مما قاله، من حرص الرئيس المحبوب جمال عبدالناصر على تأكيد حرية القلم والفكر في مصر أمام زعماء موسكو، إنه كان يقدم الصحفيين المصريين إليهم في صورة تعزز الكرامة، وأنه، أي فكري أباظة، تشجع حينئذ وقال للزعماء الروس على ملأ من الصحفيين السوفيت: "لا يجب أن تشربوا في هذا الحفل نخب الصحافة".
يوسف وهبي يلقي نكتة عن الشيوعية
وتكلم أيضًا يوسف وهبي، وقد بدأ كلمته بإعلان مضحك مما كان يحدث في مسارح زمان التي كانت تسير في ركاب نفاق السلطان، وخرج من ذلك إلى بعث العزة والكرامة في الفن على يدي الثورة.
وأورد نكتة عن الشيوعية قال: جاء شخص يركب "بسكليتة" نزل منها ووقف يشرح له الشيوعية قائلًا: إن الشيوعية معناها أن هذه السيارة ستكون نصفها لي ونصفها لك، فسر الآخر بذلك سرورًا عظيمًا، واستطرد الأول يقول: وهذه العمارة سيكون نصفها لي ونصفها لك، فازداد سرور الآخر بذلك، ثم استمر الأول يقول وهذه البسكلتة سيكون نصفها لي ونصفها لك، فصاح الآخر: "لا يا عم البسكلتة دي بتاعتي"، وضج المؤتمر بالضحك، واختتم السيد عبدالمنعم الصاوي، المستشار الصحفي لوزارة الثقافة والإرشاد جلسة المؤتمر الأولى بكلمة شرح فيها ظروف انعقادها.
لجان المؤتمر وأعضاؤها
كما قرأ أسماء الذين تكونت منهم اللجان الرئيسية، وهي لجنة الثقافة ومقررها فكري أباظة، وتضم عددًا كبيرًا من الأدباء والصحفيين، ولجنة السينما والمسرح والموسيقي ومقررها يوسف وهبي، ولجنة الفنون التشكيلية ومقررها أحمد يوسف مراقب عام الفنون الجميلة.