تفاصيل حفل مناقشة رواية "ميلاد هادئ" للكاتبة مى حمزة
أقام منتدى "قنصلية" بوسط القاهرة، احتفالية مناقشة وتوقيع رواية "ميلاد هادئ" للكاتبة مي حمزة، التي صدرت مؤخرًا عن دار العين للنشر، وأدار النقاش الروائية والناقدة الأكاديمية الدكتور لنا عبدالرحمن، بحضور الكاتبة مي حمزة والناشرة الدكتور فاطمة البودي.
وقدمت الناقدة والروائية لنا عبدالرحمن، رؤيتها للرواية من خلال المناقشة، حيث قالت: "تختلف رواية "ميلاد هادئ" عن غيرها من الأعمال الصادرة حديثا، في أنها اختارت الجمع بين مخيلة خصبة تنتقي من الواقع ما تضفر فيه حكايتها المتخيلة. تقوم فكرة الرواية على محورين أساسيين، المحور الآخر هو أنسنة الأشياء، أو ما يُعرف بالتشخيص وهي تقنية إبداعية يلجأ إليها المبدع لتحميل الجماد قيمًا إنسانية للتعبير عن مجموعة الأفكار التي يريد إيصالها، هكذا تدخلنا الكاتبة إلى فضاء خيالي خصب عبر أنسنة الأشياء وبث الوعي في روح الجماد، من خلال مهد صغير قادم من الصين لأجل احتضان طفل يوشك على القدوم إلى هذا العالم".
وأضافت: "هذا السرير، أو كما يأتي اسمه في سياق النص (مهدي الأبيض)، يخرج إلى الحياة أيضًا كما لو أنه طفل هو الآخر، لكنه يمتلك وعيًا مسبقًا بالحواس يجعله يتلهف على رؤية الألوان والأشكال ولمعرفة من أين تأتي الألوان والأصوات الصاخبة".
وتابعت: "قسمت الكاتبة روايتها إلى ثلاث حكايات، كل حكاية تتوزع على عشرة فصول، وفي كل حكاية يظهر شطر من حياة المهد، وسط العالم الذي يعيش فيه، وفي الحكاية الأولى يصل المهد إلى قصر بديع فخم يبدأ الحياة في إحدى غرفه، مع أسرة قبطية تتكون من جورج، وزوجته نتالي التي تستعد لاستقبال مولودها، ووالد الزوج كريس، ووالدة الزوج ماري. هناك أيضا الخادمة الإثيوبية صوفي، التي جاءت من بلدها البعيد لترعى الطفل القادم".
واستكملت: "يبدأ المهد في مراقبة العلاقات المضطربة بين أفراد العائلة، وفي علاقتهم مع الأشياء، ومعه منذ لحظة وصوله، يعبر عن ألمه في جملة بليغة" قائلًا: "ما هذه القسوة التي يعامل بها الجماد في هذا المنزل، وتتوالى الإسقاطات الحسية على مدار السرد. يتطور وعي المهد مع الحكاية الثانية، والانتقال لبيت عبدالحميد عازف العود وزوجته كريمة".
وقالت لنا عبدالرحمن: "يصل المهد إلى منزل جديد، يصفه بأنه بيت متوسط الحجم، متوسط الرفاهية ومتوسط السعادة، يسكنه الأرمل عزيز مع بناته والطفل الرضيع شادي، وقطة بيضاء، منذ اللحظة الأولى لوصوله للحياة مع الأسرة الجديدة تنتاب المهد مشاعر يختلط فيها الاضطراب والجوع والرغبة في التقيؤ، مع وجود حالات متناقضة داخل المنزل، الأب الحزين، الفتيات المضطربات بين الطفولة والمراهقة، والخادمة أم الخير التي لا ينطبق اسمها على سلوكها".
وتؤكد الدكتورة لنا عبدالرحمن، أن السؤال المطروح بعد قراءة العمل، هو إلى أي حد يمكن للإنسان أن يمتلك القدرة للتفكير بالأشياء من حوله، تأمل علاقته بها، والتأكد أن لها حيوات ممتدة قد تفوق عمره بكثير.
المهد الأول .. المنزل الأول
وعندما سؤلت الكاتبة مي حمزة عن سبب تسمية الرواية بـ"ميلاد هادئ" ومن أين استلهمت الفكرة؟ أجابت: "ألهمني مهد أطفالي بالفكرة في ليلة من ليالي السهر الأمومي، حيث كان صغيري الثاني قد أصيب بواحدة من تلك النوبات التي تجعله باكيًا لا يهدأ إلا على صدري وكلما حاولت وضعه في مهده يستيقظ باكيًا مرة أخرى، وقد أعياني الإرهاق والألم وكأن هذه الليلة ستظل الى الأبد، فإذا بي أنظر إلى المهد الذي كان ذاته مهد ابنتي الكبرى التي بلغت من العمر حينها التاسعة وضحكت ضحكة المتفائل رغم الألم، ووجدتني أتحدث مع المهد وأقول له "أتذكر كم مرت علينا ليال مشابهة منذ سنوات؟ وها هي الآن قد كبرت وأصبحت فتاة بهية تنام وحدها ولا تزعج نومي" وشعرت حينها أن المهد يواسيني ويسترجع معي ذكريات كثيرة وفكرت يا ترى أين سيكون بعد أن ينتهي دوره مع صغيري هذا؟ هل في منزل عربي أم أجنبي؟ لرضيع ذكر أم أنثى؟ في بيت غني أم فقير؟ وقررت ليلتها كتابة الرواية".
وتؤكد الكاتبة أنها اهتمت بإبراز أهم ما يحتاج اليه الإنسان، لأنه بالإضافة إلى الإيمان الديني لا يمكن أن يعيش الإنسان دون حب وأصدقاء وعائلة، لتبرز القصص الثلاث بترتيبها هذه المحاور سواء من خلال العائلات أو من خلال البطل (مهدى الأبيض) ففي المنزل الأول، وجد الحب، وفي الثاني وجد الصديق، وفي الثالث فهم معني العائلة، لكن دوره كمهد انتهى قبل أن يلتقي بسرير العمة، ليبدأ دورة أخرى في الحياة، في صورة أخرى وككيان مختلف.