وزير الزراعة: مشكلات العالم لن تُحل إلا بتطبيق البحوث
أكد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن البحوث التطبيقية هي الحل السحري لكثير من المشاكل، وكذلك تسهم في دعم إجراءات الدولة، فضلا عن المشاكل التي يواجهها العالم لن تحل إلا بتطبيق تلك البحوث وترجمة نتائج المؤتمرات على أرض الواقع.
جاء ذلك في كلمة لوزير الزراعة خلال ختام فعاليات المؤتمر العلمي الدولي السابع، والذي نظمته كلية التجارة بجامعة طنطا؛ بمناسبة اليوبيل الذهبي لها، تحت عنوان "بيئة الأعمال الحديثة في ظل المتغيرات العالمية"، بحضور الدكتور محمود زكي رئيس الجامعة ونواب رئيس الجامعة، والدكتور هاني الشامي عميد كلية التجارة، ورئيس المؤتمر، وعدد من قيادات الجامعة وأعضاء مجلس النواب، وعمداء الكليات وخبراء الاقتصاد والشخصيات العامة.
وقال القصير إن القطاع الزراعي يمثل حوالى 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وحجم التمويل المتاح من القطاع المصرفي، يجب أن يتناسب مع حجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ويستوعب أكثر من 25 في المائة من العمالة، وهو المسئول تحقيق التنمية الاحتوائية والمستدامة، وشهد تطورا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، بالتواكب مع التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن القطاع الزراعي يساهم بشكل كبير في تعظيم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من خلال زيادة نسب الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة، فضلا عن مسئوليته عن توفير الغذاء الآمن والصحي والمستدام مع توفير المواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الوطنية، موضحا أن قطاع الزراعة في مصر شهد نهضة ودعما غير مسبوق من القيادة السياسية خلال السنوات الثماني الماضية، وقد تمثل ذلك في تأكيد القيادة السياسية المستمر على الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع في الاقتصاد القومي.
وأشار إلى أن ملف الأمن الغذائي أصبح واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء، ولم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي، لدرجة أصبح الغذاء سلاحا في يد الدول المنتجة والمصدرة له تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
ولفت وزير الزراعة إلى أن مفهوم الأمن الغذائي أصبح ينصرف بالدرجة الأولى إلى أهمية توافر السلع وإتاحتها لكل فئات الشعب من خلال تبني مفهوم الأمن الغذائي النسبي، وهو المنهج الذي تتبعه معظم الدول والذي يعني قدرة الدولة على توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا مع ضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياجات بصورة منتظمة، باعتبار أن مفهوم الأمن الغذائي المطلق يفقد الدول الاستفادة من المزايا النسبية والتنافسية ويقلل من حركة التجارة الدولية.
وأكد أن هذا القطاع يواجه عددا من التحديات، تتمثل في: محدودية الرقعة الزراعية، محدودية المياه، تفتيت الحيازة، النمو السكاني.. لافتا إلى تناقص نصيب الفرد منها والذي وصل حاليا إلى 2 قيراط للفرد مقابل فدان لكل فرد في فترات زمنية سابقة، وذلك نتيجة لتناقص الرقعة الزراعية القديمة تأثراً بالتعديات على الأراضي الزراعية والتوسع في الأحوزة العمرانية ومشروعات النفع العام، وكذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع في الرقعة الزراعية.
وأوضح أن الإجراءات المنفذة من جانب الدولة في سبيل تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي، شملت مشروع استصلاح وزراعة الأراضي في جنوب الوادي بمشروع توشكى الخير وأيضا مشروع مستقبل مصر الذي يمثل باكورة مشروع الدلتا الجديدة العملاق، فضلا عن ما اتخذ من إجراءات بإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، والتي جعلت مصر من أفضل الدول في رفع كفاءة استخدام المياه.. لافتا إلى أن الجهد المبذول في هذه المشروعات وغيرها يعادل بقدر كبير مشروعات قومية كبيرة أخرى مازالت خالدة في ذاكرة المصريين.
وقال القصير إنه تم إطلاق المبادرة القومية لتطوير وتحديث منظومة الري في مليون فدان في الأراضي الجديدة وفي مساحة حوالي 3.7 مليون فدان في الأراضي القديمة من خلال برنامج تمويلي قومي على 10 سنوات وبدون فائدة، بالإضافة إلى أن الوزارة تعمل على دعم التوسع في زراعة الأصناف المحصولية قليلة الاحتياجات المائية وتنفيذ الممارسات الزراعية الموفرة للمياه.
وتابع الوزير أن تلك التحديات تأتي بالإضافة إلى ما يعيشه العالم من أزمات اقتصادية طاحنة سببتها الأزمات والتحديات العالمية بدءا من أزمة كورونا ومرورا بالأزمة الروسية الأوكرانية وكلها تحديات وأزمات أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول وخلفت أوضاع مؤلمة أدت إلى ارتباك شديد في أسواق السلع الغذائية الأساسية نتيجة التأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع ارتفاع أسعار الطاقة ومستلزمات الإنتاج والسلع والمنتجات الرئيسية وارتفاع أسعار الشحن والتأمين مع انخفاض احتياطات الدول من العملات الأجنبية.
وأوضح أن مصر اتخذت عددا من الإجراءات الاستباقية، تمثلت في تنفيذ المشروعات القومية الكبرى المرتبطة بالزراعة بمفهومها الواسع، خاصة مشروعات التوسع الأفقي التي استهدفت استصلاح الصحراء لزيادة الرقعة الزراعية، على الرغم من أن مسألة استصلاح الصحراء تستنزف مليارات الجنيهات وتحتاج إلى استثمارات هائلة، بالإضافة إلى مشروعات توفير المياه من مصادر مختلفة عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي وتحلية مياه البحر مع الاتجاه إلى ترشيد استخدام المياه عبر تطبيق نظم الري الحديثة، فضلا عن مشروعات التوسع الرأسي التي استهدفت زيادة الإنتاجية من المحاصيل والمنتجات الزراعية وتحسين الممارسات الزراعية واستنباط أصناف وهجن تتكيف مع التغيرات المناخية. بالإضافة إلى اتخاذ الحكومة إجراءات أكثر حزماً لتأمين المخزون من السلع الإستراتيجية من خلال التوسع في السعات التخزينية من خلال المشروع القومي للصوامع لتصل القدرة التخزينية إلى أكثر من 3.4 مليون طن بخلاف السعات الأخرى المتاحة في البنك الزراعي المصري وغيرها من الجهات والتي وصلت بالطاقة الاستيعابية إلى أكثر من 5.5 مليون طن.
وقال إن مصر لها مراكز متقدمة بين دول العالم، في إنتاجية عدد من المحاصيل على رأسها: الأرز ، القمح، والذرة.. لافتا إلى أن مصر حققت اكتفاء ذاتيا لـ 9 مجموعات محصولية منها الخضر والفاكهة وبعض السلع الأخرى مع وجود فائض للتصدير، كما اقتربنا من تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر وتم تضيق الفجوة الإنتاجية لمحاصيل أخرى مثل القمح والذرة وغيرها، وذلك من خلال الإنتاجية المحققة من المشروعات نتيجة زيادة مساحة الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاجية، خاصة في ظل توجيهات القيادة السياسية بأن تكون الأولوية في مشروعات التوسع في الأراضي الزراعية الجديدة للمحاصيل الاستراتيجية مع تدعيمها بمشروعات وتجمعات زراعية متكاملة تشمل الأنشطة الحيوانية والداجنة والسمكية والتصنيع الزراعي بما يساهم في زيادة نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج القومي ويوفر فرص عمل لأهالينا استهدافاً لتوفير حياة كريمة لهم.
وأضاف أن صادرات مصر الزراعية تجاوزت 6.4 مليون طن في عام 2022، محققة رقما قياسيا جديدًا، كما افتتحت مصر نحو 19 سوقا جديدة لمنتجاتها الزراعية للمساعدة في زيادة الصادرات، حيت يتم تصدير حوالي 405 منتجات زراعية إلى 160 دولة في العالم.
ولفت الوزير إلى أن وزارة الزراعة تبنت برنامج إنتاج تقاوى محاصيل الخضر بتوجيهات من القيادة السياسية في عام 2020 الذي يستهدف زيادة قدرة مصر على توفير بذور الخضروات محليا بدلا عن الاستيراد لأكثر من 95% من بذور محاصيل الخضر، بهدف تخفيف الأعباء على المزارع، وذلك بإتاحتها بأسعار مناسبه مع الحد من الاستيراد من الخارج توفيرا للنقد الأجنبي.
وأوضح أن البرنامج نجح خلال الفترة الماضية في استنباط وتسجيل 26 صنفا وهجينا لـ10 محاصيل خضر رئيسية (الطماطم – الفلفل – الباذنجان – البطيخ – الكنتالوب – البسلة – الفاصوليا – اللوبيا – الخيار - الكوسة )، كما تم الاتفاق مع بعض الشركات العالمية التي لها تاريخ في مجال إنتاج بذور الخضر للحصول على الأصناف المتأقلمة مع البيئة المصرية، وذلك لتوفيرها للمزارعين من خلال أسلوب الشراكة معها حيث يتم حاليا التعاون مع شركات من الهند والبرازيل وغيرها.
وأضاف أنه في ضوء اهتمام وزارة الزراعة بمسايرة التقدم التكنولوجي في التحول الرقمي، فقد قامت الوزارة بالعمل على التوسع في منظومة التحول الرقمي والزراعة الذكية والذكاء الاصطناعي بإطلاق العديد من الخدمات الرقمية (20 خدمة) والانتهاء من منظومة كارت الفلاح وإطلاق المنصة الزراعية الإلكترونية... وغيرها.
وفي كلمته، أكد الدكتور محمود زكي رئيس جامعة طنطا على التقدير الكامل لما تقوم به الدولة المصرية ممثلة في قيادتها السياسية وقياداتها التنفيذية وكامل هيئاتها وأجهزتها.. مشيرا إلى أن ما عرضه اليوم وزير الزراعة يمثل نموذجا لما يتم من عمليات تخطيط تنموية وتحديد آليات وسياسات تنفيذية تواكب المتغيرات المحلية والعالمية، في ضوء التحديات التي تواجهها الدولة في تلبية احتياجات المواطنين بكافة فئاتهم.
وقال إن البحث العلمي وما تقوم به جامعة طنطا من جهود بحثية ومجتمعية يستهدف بالمقام الأول تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2030 لبناء الجمهورية الجديدة.
وفي نهاية المؤتمر، أهدى رئيس جامعة طنطا، درع المؤتمر إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وعدد من الشخصيات العامة، وأعضاء مجلس النواب، والخبراء الاقتصاديين المشاركين في المؤتمر.