"الحديث فى الدراسات الاستشراقية" كتاب جديد عن المركز الإسلامى
صدر حديثًا عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية كتاب "الحديث في الدراسات الاستشراقية" من تأليف مجموعة مؤلفين، وإعداد مرتضى مداحي.
مقدمة عن الكتاب
ومن مقدمة المركز عن الكتاب: "لقد أدّی ظهور الإسلام واتساع رقعته بالكنيسة والحكومات الغربيّة إلی وضع دراسة تراث وثقافة المسلمين علی سلّم أولويّات الجماعات التبشيريّة والاستعماريّة لديها. وإنّ الهيمنة والعمل علی نهب مصادر البلدان الشرقيّة واستغلالها كانت تدعو المستعمرين إلی الحصول علی معلومات واسعة ودقيقة بشأن جغرافية هذه البلدان وآدابها وتقاليدها ومعتقداتها ومصادر دينها.. إن هذه الحاجة شكّلت أرضيّة لتوفير الحماية والدعم الشامل والرسميّ لهذا النوع من الدراسات، وبذلك أصبح الاستشراق بوصفه حقلًا تخصّصيًّا في الجامعات الغربيّة يُعنی بدراسة الشرق والبلدان الإسلاميّة.. وقد شهد القرنان الأخيران جهودًا متزايدة من الغربيّين للتعرّف علی الثقافة والتراث الإسلامي. إن الدوافع الاستعماريّة والتبشيريّة والسياسيّة، والاقتصاديّة أحيانًا، وكذلك الأبحاث والدراسات العلميّة، من بين الأهداف والغايات التي تدفع بالمستشرقين نحو التعرّف علی مختلف أبعاد الثقافة الإسلاميّة، وحاليًا شهدت دراسة الإسلام بوصفها فرعًا تخصّصيًّا في مشروع الاستشراق الواسع في المراكز العلميّة للغرب توسّعًا ملحوظًا، ويتمّ بحثه في الحقول التخصّصيّة علی نحو جادّ. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كتابة الرسائل والأطروحات الجامعيّة، وتأسيس ونشاط العشرات من الصحف والمجلّات التخّصصيّة، والإصدار السنوي لمئات الكتب، وإقامة المؤتمرات والمشاريع الدراسيّة المتعدّدة في مختلف الموضوعات والدراسات الإسلاميّة".
دراسة الأحاديث
وتابعت المقدمة: بعد القرآن الكريم، كانت دراسة الأحاديث والروايات الإسلاميّة من بين أهمّ الأبحاث التي حظيت بالاهتمام في الدراسات الغربيّة منذ البداية، وأمّا الدراسات الأهمّ والأكثر تخصّصًا في الغرب حول الروايات الإسلاميّة، فقد بدأت بأعمال ألويس شبرنجر وويليام ميور ثمّ عمل إجناتس جولدتسيهر علی تدوين الآراء الحديثيّة لشبرنجر وعمل علی توسيعها، وعمل جوزيف شاخت بتأثير من آراء جولدتسيهر علی تفصيل منهجه وأسلوبه في التشكيك في اعتبار وأصالة الأحاديث، ثمّ عمل غوتييه جوينبول بدوره علی مواصلة نظريّات شاخت من خلال القيام ببعض الدراسات المورديّة في هذا الشأن.
وقد بلغ الأمر بهذا النوع من الآثار والنظريّات حدًّا تمّ معه طرح فكرة اختلاق جميع الروايات الإسلاميّة في المؤسّسات الجامعيّة في الغرب رسميًّا، وتمّ القبول بهذا الطرح بوصفه فرضيّة مقبولة في دراسات الحديث.
"إن آراء أمثال إجناتس جولدتسيهر وجوزيف شاخت، كما حظيت بالاهتمام في صلب الدراسات الغربيّة للإسلام، فقد حظيت كذلك باهتمام العلماء المسلمين وكذلك بعض المستشرقين أيضًا، حيث تمّ تناولها بالدراسة والنقد أيضًا، ومن بين هؤلاء هيرالد موتسكي حيث عمد- في دراسة له حول الجوامع الحديثيّة الأوليّة غير الرسميّة- إلی نقد أدلّة ثيودور جوينبول الذي كان قد حمل لواء هذا التيّار بعد جوزيف شاخت. ذهب هيرالد موتسكي إلی الاعتقاد بأنّ نظريّات شاخت في باب منشأ الحديث وانتشاره تقوم علی أساس فرضيّات قلقة، وأساليب ذات إشكاليّة وتعميمات اعتباطيّة، كما ناقش غريغور شولر بدوره في آثاره منع تدوين الحديث وعدم الكتابة مطلقًا، وهو الموضوع الذي شكّل واحدًا من أسس استدلال المستشرقين السابقين علی إثبات اختلاق جميع الروايات الإسلاميّة.
وفي المجموع فإنّ دراسات الحديث في الغرب قد تعرّضت لأبحاث مختلفة، من قبيل إسناد واعتبار الحديث، ومسألة الاختلاق، والنزعة النصّيّة، وبحث الرواة، والجوامع الروائيّة والحديثيّة، وتأريخ الأحاديث، وكتابة الروايات ونقلها، ودراسة شروح الأحاديث، وفقه الحديث ونظائر ذلك. وفي كلّ واحد من هذه الموضوعات تمّ طرح بعض النظريّات والآراء الخاطئة أو بعض الشبهات من قبل الباحثين والكتّاب الغربيّين أيضًا.