دكر عويل
قبل أى كلمات، أود أن أؤكد أن عنوان هذا المقال هو ضد مفاهيم الجندر، وضد كل ثوابت المساواة بين الرجل والمرأة، وتمكين المرأة على كافة المستويات التى أؤمن بها وأكتب عنها، غير أن كلمات العنوان هى بمثابة تعبير مباشر عن نوعية تعيش بيننا فى المجتمع من أشباه الرجال.
قصدت ألا أصفه بـ"الرجل العويل"، لأنه فى كل الأحوال لا يندرج تحت مفهوم "الرجل" بما يحمله ذلك المفهوم من مسئولية وإنسانية وشرف، إنما يندرج تحت مفهوم "أشباه الرجال" الذين هم نتاج معادلة: سيطرة الجهل الفكرى والثقافى + سيطرة التراث بما يحتويه من عادات وتقاليد بالية + سيطرة فقر النفوس + سيطرة تفسيرات ذكورية لا تمت لصحيح الدين + رغبة جنى الأموال.
يتسم "الدكر العويل" بامتلاكه للعديد من الأقنعة الخادعة والكاذبة التى يسلّع من خلالها نفسه ليتمكن من السيطرة على ضحية جديدة. يستغل أحدهم وسامته، كما يستغل بعضهم مكانته الاجتماعية وبدلته للإيحاء بمكانة غير حقيقية. ودائمًا ما يستهدف من تمر بأزمة اجتماعية وإنسانية على غرار الأرامل والمطلقات وكبار السن للسيطرة عليهن، وسرقة شمسهن وفرحتهن وإنسانيتهن ومشاعرهن قبل الاستيلاء على أموالهن وممتلكاتهن. وفى سبيل تحقيق أهدافه الخسيسة، نجده يستهدف طبقات اجتماعية محددة لتحقيق أكبر مكاسب مالية واقتناصها فى أقل وقت ممكن حتى لو اضطره الأمر للتنقل من الجونة إلى الساحل الشمالى إلى شرم الشيخ.
يستغل "الدكر العويل" المآسى الإنسانية لبعض السيدات ليحولها لزيادة رصيد حسابه فى البنك، ولا يترك فرصة سوى ليستغلها، ليترك كل من خدعها وسرق أموالها لتواجه تحديات الحياة وصعوباتها وحدها دون أدنى تأنيب من ضميره. وليواصل أساليبه الدنيئة وغير الشريفة ليسرق غيرها ثم غيرها حتى لو اضطر لأن يتزوج من تكبره بعشر سنوات ليضمن استمرار الصرف عليه دون انقطاع.
"الدكر العويل" الذى يعيش ويموت على حساب من يعوله دائمًا، عفوًا أقصد من تعوله دائمًا، لا يستطيع تحمل أى مسئولية بما فيها جريمته الكبرى، وهى ترك أطفاله الذين لا يتذكرهم سوى فى الأعياد الرسمية وربما لا، فهو لا يعرف طريق مدارسهم، ولم يصطحبهم للعلاج عند مرضهم، فعلاقته بهم توقفت عند كونهم يحملون اسمه فقط فى شهادة الميلاد، وليس أكثر من ذلك.
"الدكر العويل" لا يشعر بأى تأنيب ضمير لكل أفعاله، ولا يمتلك الكرامة وعزة النفس التى تجعله يرى صورته على حقيقتها لأنه دائمًا ما يختبئ وراء أقنعة وهمية براقة للخداع والتدليس. لا يستطيع أن يواجه ضحاياه بعد أن يسلبهن ورثهن وأموالهن وممتلكاتهن، ولا يستطيع أن يواجه أطفاله سوى بالكذب عليهم حتى يحافظ على صورة الأب المفقودة حتى لا يكتشفوا واقع أنه "الأب الضال".
"الدكر العويل" هو نتاج محصلة المجتمع الذكورى الذى يسمح فيه لأشباه الرجال من آفات الأرض أن يفترضوا ما ليس لهم من شخصية مسئولة، لا تتنصل من التزاماتها، ولا تنسحب من إدارة حياة أطفاله الذى هم فى النهاية ضحاياه الحقيقيون.
نقطة ومن أول الصبر..
"الدكر العويل" هو نوع من أشباه الرجال، ينتسب زورًا وبهتانًا للإنسانية، ليس لديه شرف أو كرامة أو عزة نفس.
أطالب بتجريم "الدكر العويل" أخلاقيًا لكونه يمتلك كل صفات الخسة والندالة والنطاعة، وتجريمه إنسانيًا لكونه من أشباه الرجال.
إذا رأيت "الدكر العويل".. علّم عليه قبل أن تكون ابنتك أو أختك أو والدتك أو حتى طليقتك ضحية وفريسة له ولأمثاله ممن يمثلون عارًا على شرف الإنسانية.
"الدكر العويل".. عار!
1